الانتخابات الليبية مؤجلة حتى تشكيل حكومة موحدة

موافقة مجلس النواب الليبي على قانون انتخاب الرئيس خطوة هامة على طريق حل الأزمة السياسية في البلاد، لكن الجدل القادم سيكون حول إمكانية التوافق على تعيين رئيس حكومة وحدة وطنية.

طرابلس - أكد فتحي المريمي المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي، أن البرلمان سيشرع في تشكيل حكومة واحدة اعتبارا من الثلاثاء قبل إجراء أي انتخابات، بعد موافقة مجلس النواب بالإجماع على إصدار قانون انتخاب رئيس الدولة وقانون انتخاب مجلس الأمة.

واعتبر متابعون أن الموافقة على قانون الانتخاب خطوة هامة على خارطة الطريق لحل الأزمة السياسية في البلاد. إذ تعثرت العملية الانتخابية في ديسمبر كانون الأول 2021، نتيجة التعقيدات التي واجهت المشهد السياسي والعسكري، بالإضافة إلى عدم استقرار الوضع الأمني خاصة في مدن الجنوب.

لكن الجدل القادم سيكون حول إمكانية التوافق على تعيين رئيس حكومة وحدة وطنية، إذ بدأت التحركات نحو المنعطف الحالي في أواخر أيار/مايو، مدفوعة بمداولات لجنة 6+6. التي قالت إنها كانت قد توصلت إلى اتفاق على خريطة طريق انتخابية وعلى التشريعات الداعمة لها. لكن فوجئ أولئك الذين اعتقدوا أن مهمة لجنة الـ 6+6 هي تمهيد طريق مستقيم نحو الانتخابات، بأنها وضعت شرطاً لموافقة المجلسين على القوانين الانتخابية هو تشكيل حكومة موحدة.

 وبحسب الناطق باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق، فإن القانون الذي وافق عليه الأعضاء بالإجماع تم إنجازه من لجنة (6+6).

وكان الخلاف الأساسي حول بندين في قانون الانتخابات الرئاسية والمتعلقين بالسماح بترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين.

لكن رئيس المجلس عقيلة صالح قال خلال جلسة مجلس النواب، في بنغازي إن القانون الذي جرى إقراره من لجنة (6+6) حسب التعديل الدستوري لا يقصي أحدا ممن تتوافر فيه الشروط المعروفة للترشح، ولكل مواطن الحق في الترشح سواء كان مدنيا أو عسكريا دون إقصاء لأحد، ومن لم يفز في الانتخابات يعود لوظيفته السابقة.

وأشار إلى أن القانون راعى كل الاعتبارات والظروف التي تمر بها البلاد وحقق المساواة في ممارسة العمل السياسي، موجها الشكر للجنة (6+6) المختصة بإقرار قوانين الانتخابات.

ولجنة 6+6 تشكلت مطلع آذار/مارس، بعد توافق مجلسي النواب والدولة "استشاري" على ضرورة إنجاز القوانين والذهاب إلى الاستحقاقات الدستورية لإنهاء الجمود السياسي في البلاد.

واتفق رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر في أغسطس آب الماضي، على تولي البرلمان مسؤولية اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة باعتماد القوانين الانتخابية المحالة إليه من لجنة (6+6).
 كما تم الاتفاق على دعوة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي لعدم اتخاذ أي خطوات منفردة في المسار السياسي.

وقال المريمي عقب إعلان مجلس النواب الليبي موافقته بالإجماع على إصدار قانوني انتخاب رئيس الدولة ومجلس الأمة، إنه "سيتم النقاش حول تشكيل حكومة واحدة على مستوى ليبيا، ما بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حسب الآلية المتفق عليها بين المجلسين، وذلك قبل وضع هذا القانون في الجريدة الرسمية".

وأضاف أن "اتفاق مجلسي النواب والأعلى للدولة يمهد الطريق لتخطي إشكالية وجود حكومتين في ليبيا"، متابعا "عدد من الدول الكبرى تؤيد إقامة الانتخابات مثل أمريكا وبريطانيا وغيرهما من الدول".

وتأجل الاستحقاق الانتخابي عدة مرات سابقا، بعد التعثر في التوصل إلى قانون يرضي كافة الأطراف السياسية المتنازعة في البلاد. فيما ضغطت الأمم المتحدة والدول الغربية من أجل التوافق حول الانتخابات التي ستكفل عودة البلاد إلى مسارها الديمقراطي.

وأوضح المريمي أنه "قبل وضع هذا القانون في الجريدة الرسمية، سيتم النقاش حول تشكيل حكومة واحدة على مستوى ليبيا ما بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حسب الآلية المتفق عليها بين المجلسين". وفق ما نقلت وكالة أنباء العالم العربي.
 وأردف أن اتفاق مجلسي النواب والأعلى للدولة يمهد الطريق لتخطي إشكالية وجود حكومتين في ليبيا.

ولفت أن عددا من الدول الكبرى تؤيد إقامة الانتخابات "مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما، كلها تؤيد تشكيل حكومة واحدة... وبالتالي، عند تشكيل هذه الحكومة سيتم التعامل معها من قبل بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي".

واعتبر أن المجتمع الدولي وضعهم "في مأزق" لأنه يتعامل مع الحكومة الليبية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة رغم أن مجلس النواب أحالها وشكّل حكومة غيرها". وقال إنه "حسب التصريحات، وحسب الاجتماعات التي أجريت والاتصالات" فإن المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة سيؤيدان الحكومة المقبلة عقب تشكيلها من المجلسين.

وانزلقت ليبيا في الفوضى منذ العام 2011، إثر الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، وغرقت لسنوات في مواجهات وانقسامات مستمرة حتى اليوم. إذ تتقاسم السلطة فيها حكومتان، واحدة برئاسة الدبيبة ومركزها طرابلس، وأخرى في طبرق يدعمها البرلمان برئاسة أسامة حماد.

وفي وقت سابق، صرّح المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، إنه التقى في سبتمبر/ أيلول الماضي، مع رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة ونائبيه، وأنهم اتفقوا على ضرورة استكمال الإطار القانوني للانتخابات.

وأوضح المبعوث الأممي "اتفقنا على ضرورة استكمال الإطار القانوني للانتخابات مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات المقدمة من قبل الأطراف الرئيسية في العملية السياسية لجعل القوانين الانتخابية قابلة للتنفيذ".

كما التقى باتيلي برئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، وأكدا أيضا ضرورة استكمال الإطار القانوني للانتخابات العامة، مع التأكيد على دور المفوضية في تقديم المشورة فيما يتعلق بالمسائل الانتخابية.

وكانت لجنة 6+6، قد أعلنت منذ أسابيع، أنّها حققت توافقا كاملا بخصوص النقاط المتعلقة بانتخاب الرئيس ومجلس النواب، وأقرّت أن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية سيكون وفق إجراءات متزامنة، وأن السلطة التشريعية القادمة (أي مجلس الأمة) سيتشكل من غرفتين وهما البرلمان ومجلس الشيوخ، مشيرة إلى أن هذا الأمر سيستغرق بعض الوقت لصياغة وضبط التشريعات الخاصة به.