الانسانية تواجه نفسها في مسألة الاستنساخ البشري

واشنطن
علينا ان نعثر على اجابة سريعة لكل التساؤلات

تنطوي المحاولة المعلنة لاستنساخ كائن بشري على مضاعفات ونتائج عميقة بالنسبة للانسانية التي بات عليها فجأة ان تواجه نفسها، كما يؤكد العلماء محذرين من خلق كائنات بشرية مشوهة واضعين الساسة في الوقت نفسه امام مسؤولياتهم.

هل يمكن اجراء تجارب على الانسان على غرار ما يجرى على الحيوان؟ وهل ان استنساخ كائن بشري يعتبر امرا اخلاقيا اليوم مع وجود خطر بولادة "مسخ" ؟ وفي حال اصبح الاستنساخ يوما تقنية مضمونة فهل ان الاستنساخ البشري سيصبح بدوره اكثر قبولا؟

على هذه الاسئلة التي تطرح نفسها يجيب العلماء بغالبيتهم العظمى بلا، باسم العلم والضمير الحي على حد سواء.

وردا على اصرار الطبيب النسائي الايطالي سيفيرينو انتينوري والعالمة الكيميائية الفرنسية بريجيت بواسوليه العضو في طائفة الرائيليين على استنساخ كائن بشري في اقرب وقت، وجه الخبراء البيولوجيون المجتمعون في واشنطن بدعوة من الاكاديمية الوطنية الاميركية للعلوم بصوت واحد تحذيرا شديدا من ان تجارب الاستنساخ لدى الحيوانات تظهر في ضوء المعلومات المتوافرة حاليا بان الاستنساخ البشري لا يحظى عمليا باي فرصة للنجاح.

وفي هذا السياق اكد الطبيب انتينوري في حديث نشرته صحيفة "ايل موندو" الاسبانية الخميس ان انتاج اول جنين بشري يمكن ان يتم قبل نهاية هذا العام. وقال "اذا تقدمت خططنا بشكل جيد فانه يمكن انتاج اول جنين بواسطة الاستنساخ العلاجي قبل نهاية العام الحالي" واعلن رسميا في السابع من اب/اغسطس في واشنطن عزمه على استنساخ كائن بشري.

واكد ان هذه التجربة التي ستجرى بالسر لن تتم في اوروبا حيث "يلقى صعوبات جمة" بل في الولايات المتحدة على الارجح "حيث المناخ السياسي غير مشجع ايضا". وقال في هذا الخصوص "ندرس لائحة صغيرة من البلدان: بعض منها يبدو مستعدا لاعطاء الضوء الاخضر لاجراء هذه التجربة" لكنه لا يستبعد امكانية استخدام مركب في البحر لتنفيذ مشروعه.

واعلن "لدينا الان 200 زوج من المتطوعين وكذلك التقنية والمعرفة الضرورية. ولم يعد ينقصنا سوى المكان"، مشيرا الى ان غالبية المتطوعين هم من الاميركيين وان القائمة تتضمن ايطاليين وبريطانيين.

وعلى سؤال حول ما يمكن ان يثيره مشروعه من الاستياء والاستنكار قال انتينوري انه "ضحية عدم التسامح".

يبقى ان نسبة نجاح الاستنساخ البشري لا تتعدى 1% او 5% مع احتمالات الاجهاض والولادات السابقة لاوانها والتشوهات الجسدية والمضاعفات بعد الولادة وارتفاع معدل الوفيات قبل الولادة.

لكن في الواقع فان تقنية الاستنساخ الحيواني قابلة للتحسن كما يقر الان كولمان مدير الابحاث في شركة "بي بي ال تيرابوتيكس" الاسكتلندية الذي قال "الحقيقة هي انه كلما تدربنا كلما تحسن اداؤنا.. لكن هل ان ادب الاخلاق يسمح بالتدرب على البشر؟ لا اظن ذلك".

وتعاني الكائنات المستنسخة التي تبقى على قيد الحياة تشوهات وعيوبا خطيرة ومعظمها يموت في الايام او الاسابيع التالية. اما الاخرى مثل النعجة دولي - اول حيوان مستنسخ انطلاقا من خلية بالغة- فتصاب بالسمنة المفرطة وتبدو عليها علامات الشيخوخة المبكرة.

بيد ان الدكتور انتينوري يستبعد هذه الحجة مؤكدا ثقته في امكانية انتاج طفل في صحة جيدة. واوضح في هذا الخصوص ان "التشخيص قبل مرحلة الزرع" سيجرى للتأكد من ان "الجنين لا يمثل اي تشوهات".

ويرد البرفسور رودولف يانيش استاذ البيولوجيا في معهد وايتهيد للابحاث الحيوية الطبية بان الامر مستحيل لان العيوب في اعادة برمجة النظام الوراثي اثناء الاستنساخ لا يمكن كشفها و"لا يوجد اي وسيلة في الوقت الراهن لمعرفة ما اذا كان الكائن المستنسخ سيتطور الى شخص طبيعي ام لا".

وبمعزل عن الجانب الخاص بالتقنية العلمية فان الاستنساخ البشري يطرح براي جون روبرتسون استاذ القانون في جامعة تكساس مسائل اجتماعية مهمة تتلخص بالسؤال: هل يتوجب اعتبار الطفل كائنا بشريا او "مادة اولية".

ويتساءل ايضا عما اذا كانت "رغبة شخص ما في استنساخ ميزاته الوراثية تعود الى نزعة نرجسية او تعقل دارويني؟ لافتا في الوقت ذاته الى ان "الانتقاء الوراثي" في التشخيص قبل الولادة هو امر مقبول عموما في الوقت الراهن.

وفي انتظار جواب على كل هذه الاسئلة وبما ان الطريقة ليست مضمونة فهو يعتبر "التأجيل امرا مبررا".

وفي الاجمال يرى العالم الاسكتلندي ايان ويلموت انه يعود الى اهل السياسة تحمل مسؤولياتهم في مواجهة التكنولوجيات الجديدة والتقدم العلمي. وخلص "والد" دولي الى القول "اذا قرر المجتمع انه لا يحب شيئا ما بوجه الخصوص فانه يستطيع توقيفه".