الباجي قائد السبسي يتصل بوزير الدفاع بعد تحسن صحته

التونسيون توافدوا منذ الساعات الأولى للصباح على المقاهي والمحلات التجارية في شارع الحبيب بورقيبة قرب موقع التفجير الإرهابي الذي وقع الخميس.

تونس - قالت سعيدة قراش مستشارة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي إن الرئيس أجرى اتصالا هاتفيا اليوم الجمعة مع وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي عقب الأزمة الصحية التي ألمت به يوم أمس الخميس.

وأوضحت قراش أن "الرئيس في تحسن صحي ويتماثل للشفاء وقد أجرى اتصالا هاتفيا اليوم مع الزبيدي بشأن الأوضاع في البلاد"، مشيرة إلى أنه "في كامل وعيه ولكن قرار مغادرته للمستشفى لا يزال بأيدي الأطباء. لكن وضعه جيد".

وأعلن نورالدين بن تيشه المستشار السياسي للرئيس التونسي بدوره في وقت سابق من صباح الجمعة، أنه لا وجود "لفراغ دستوري" وأن حالته الصحية "تحسنت" في وقت بدأ قلق التونسيين يزداد حول المستقبل السياسي للبلاد غداة تفجيرين انتحاريين استهدفا قوات الأمن بالعاصمة.

وتعرض قائد السبسي (92 عاماً) الخميس لـ"وعكة صحية حادة" استوجبت نقله إلى المستشفى في حين استهدف تفجيران نفّذهما انتحاريان من تنظيم الدولة الإسلامية عناصر أمنية في تونس العاصمة ما أسفر عن مقتل رجل أمن وسقوط ثمانية جرحى.

وأعلنت الرئاسة التونسية في بيان الجمعة "أن الحالة الصحية لرئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في تحسن. وقد أجرى صباح اليوم الجمعة 28 جوان 2019 مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي".

وبين بن تيشة في تصريح لإذاعة "اكسبريس أف أم" الخاصة ردا على ما تم تداوله بخصوص الفرضيات الدستورية في حال شغور منصب رئيس البلاد "لا يوجد فراغ دستوري، هناك رئيس جمهورية قائم الذات".

وكتب حافظ السبسي نجل الرئيس تدوينة على فيسبوك ليل الخميس-الجمعة جاء فيها "أطمئن التونسيين على بداية تحسّن الوضع الصحّي للرئيس الباجي قائد السبسي".

كما زار رئيس الحكومة يوسف الشاهد الخميس السبسي في المستشفى وكتب على صفحته الرسمية في فيسبوك "أطمئن التونسيين أن رئيس الجمهورية بصدد تلقي كل العناية اللازمة التي يحتاجها من طرف أكفأ الإطارات الطبية. أرجو له الشفاء العاجل واستعادة عافيته في أسرع وقت".

وتسببت إشاعات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول وفاة الرئيس أمس الخميس، في خلق نوع من الإرتباك والحزن في صفوف التونسيين في ظرف صعب تمر به البلاد.

والباجي قائد السبسي هو أول رئيس تونسي منتخب بشكل مباشر في انتخابات حرة بعد ثورة 2011 التي أنهت حكم زين العابدين بن علي.

ويتمتع السبسي بشعبية واسعة في تونس وخارجها فهو ينظر إليه كرجل دولة ودبلوماسي محنك نجح في الحفاظ على العملية الديمقراطية في تونس وانتقال السلطة بطريقة سلمية عن طريق انتخابات حرة مع المحافظة على توافق مع حركة النهضة الإسلامية كلفه انتقادات كثيرة من مناصريه.

ويقول إبراهيم الشواشي الأربعيني " آمل أن يعود بصحة جيدة إلى القصر (قرطاج) وسريعا لأن غيابه في هذه الفترة الصعبة سيدفع البلاد نحو الفوضى".

وتواصل تونس، مهد الربيع العربي طريقها في الانتقال الديمقراطي منذ 2011 بالرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة.

ويبقى المسار الديمقراطي للبلاد هشا مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة نهاية العام الحالي.

وينص الدستور التونسي على أنّه في حال تعذر على الرئيس القيام بمهامه فإن المحكمة الدستورية تجتمع وتقرّ شغور المنصب، ليتولى عندها رئيس البرلمان محمد الناصر (85 عاما) مهام رئيس الجمهورية في فترة زمنية تمتد في أقصى الحالات 90 يوماً.

ولم يتم بعد إرساء وانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية في تونس، وهو ما زاد حالة القلق لدى التونسيين بخصوص مستقبل البلاد السياسي.

لكن الحياة استعادت إيقاعها المعتاد بشوارع العاصمة تونس اليوم الجمعة، بعد يوم عصيب مر على التونسيين على إثر التفجيرين الإرهابيين والقلق بسبب حالة الرئيس الصحية.

وبدت الحركة عادية قرب موقع التفجير الذي جد بشارع شارل ديغول المحاذي للشارع الرئيسي الحبيب بورقيبة، فيما انتشرت الوحدات الأمنية في عدة نقاط على طول الشارع.
وعقب التفجيرين شهد شارع الحبيب بورقيبة الخميس، هتافات تؤكد عدم خوف التونسيين من الإرهاب وتدعوا الأحزاب الحاكمة إلى وحدة الصف، فيما شددت منظمات ومكونات المجتمع المدني وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على ضرورة عدم الاستسلام للأهداف الإرهابيين، مثمنين شجاعة وصمود قوات الأمن والجيش في وجه الإرهاب.

وأعربت عدة دول عربية وغربية عن إدانتها للعمليتين الإرهابيتين مؤكدة دعمها لتونس وشعبها في حربه ضد الإرهاب.

و وصلت صباح الجمعة حافلتان سياحيتان إلى شارع الحبيب بورقيبة الذي يعد أحد المزارات السياحية المهمة، حيث تمر به الوفود السياحية في طريقها إلى المدينة العتيقة وأسواقها التقليدية.

وبدا إقبال الناس عاديا منذ الساعات الأولى للصباح على المقاهي والمحلات التجارية.

ويتقاطع الشارع الذي يضم عدة منشئات ومقرات مهمة مثل وزارة الداخلية والسفارة الفرنسية وبنوك وشركات ومحلات تجارية ومقاهي، في آخره مع شارع شارل ديغول. ووضعت الشرطة حواجز حديدية إضافية بمحيط مقر وزارة السياحة المتواجد ونفس الشارع.

ويمثل شارع شارل ديغول أحد شريان الحياة الاقتصادية والتجارية في العاصمة إذ يضم العشرات من المحلات التجارية والمطاعم على جانبيه.

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية سفيان الزعق الجمعة إن "أغلب المصابين حالتهم مستقرة ما عدا حالتين تتطلبان عناية مركزة". وأضاف أن "المنظومات الأمنية على أقصى درجات التأهب".

من جانبه أكد وزير السياحة روني الطرابلسي من موقع التفجير أن الحادث لن يؤثر على الحركة السياحية في البلاد، في ظل التأمين المحكم للمواقع السياحية.

واستعاد القطاع السياحي في تونس عافيته تدريجيا منذ الهجمات الإرهابية الكبرى عام 2015 مع تشديد الإجراءات الأمنية، محققا العام الماضي 2018 رقما قياسيا في عدد الوافدين متخطيا عتبة ثمانية ملايين سائح.

ويقول راشد مملوك الذي يعمل في مكتبة في شارع الحبيب بورقيبة "لا نغلق، ولم نغلق (الأبواب) حينما فجرت انتحارية نفسها وسط الشارع السنة الفائتة، لن نستسلم".

ويتابع "يريد الإرهابيون إخافتنا لكن نقول لهم لا، نحن نعمل ونتجول، انظروا الناس يمارسون حياتهم".

ويؤكد سائق حافلة سياح سمير القابسي "نحن ضد الهجمات مئة بالمئة، حدثت في كل الأماكن في فرنسا وفي ألمانيا...هذه الهجمات تستهدف الأمنيين وليس السياح، والسياح يدركون ذلك".