البرلمان الفرنسي ينظر في لائحة لإلغاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر
باريس - ينظر البرلمان الفرنسي الخميس المقبل في لائحة قدمها نواب حزب "الجمهوريون"، حليف التجمع الوطني المتطرف، تدعو باريس إلى إلغاء اتفاق الهجرة مع الجزائر، في أحدث فصل من فصول الأزمة الدبلوماسية الحادة بين البلدين، فيما ينذر التصويت المحتمل على المبادرة بقطيعة في علاقات ظلت طيلة الأعوام الماضية تتقلب بين توتر وآخر.
وهي ليست المرة الأولى التي تدفع فيها أحزاب أو شخصيات سياسية فرنسية باتجاه مراجعة الاتفاقية التي تمنح المهاجرين الجزائريين العديد من الامتيازات سواء في مجال الإقامة أو العمل أو لمّ الشمل العائلي.
وتأتي هذه اللائحة في إطار المساعي لتشديد سياسات الهجرة، في ظل صعود اليمين واليمين المتطرف، الذي يرى في الهجرة عبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا على البلاد ويضغط من أجل تقليص عدد المهاجرين وتسهيل عمليات الترحيل.
ويعتبر العديد من النواب في البرلمان الفرنسي، وخاصة من اليمين، أن الاتفاقية المبرمة مع الجزائر في العام 1968 لم تعد مبررة في السياق الحالي، وأنها تميز الجزائريين عن جنسيات أخرى ويرغبون في معاملتهم بموجب القانون العام للهجرة في فرنسا.
وتواجه الجزائر اتهامات بالتعنت ورفض استقبال مواطنيها الذين صدرت بحقهم قرارات ترحيل من فرنسا، وخاصة أولئك الذين تورطوا في قضايا إجرامية، فيما تعتبر باريس أن التصعيد الجزائري في هذا الملف يعيق جهودها في مكافحة الهجرة غير الشرعية ويشكل عبئًا أمنيًا.
وأكد إيريك سيوتي رئيس حزب "الجمهوريون" أن "الاتفاقية أنشأت نظاما خاصا يسهّل هجرة الرعايا الجزائريين إلى فرنسا"، لافتا إلى أنه "لم يعد هناك أي مبرر لاستفادتهم من هذا الوضع القانوني الذي يسهّل دخولهم وإقامتهم في فرنسا خارج القواعد التي ينظمها قانون دخول وإقامة الأجانب"، وفق موقع "الخبر" الجزائري.
ودعا إلى إخضاع الجزائر ودفعها إلى تقديم تنازلات، منها الإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال، بالإضافة إلى تسوية قضية المؤثرين الجزائريين الذين رحلتهم السلطات الفرنسية إلى بلادهم ورفضت الأخيرة تسلمهم وأعادتهم على نفس الطائرة، بعد أن صدرت في حقهم أحكام إثر نشرهم فيديوهات تضمنت تحريضا على نشطاء حملة #مانيش_راضي ضد تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد المصدر نفسه، في اللائحة المقدمة إلى البرلمان الفرنسي، أن "التسهيلات التي تتضمنها اتفاقيتي 1968 و2013 لا يمكن منحها لأمة تتصرف بطريقة غير ودية" مع بلاده.
وفي حال إلغاء الاتفاقية، فستخضع الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا، وخاصة القادمين الجدد أو الذين يسعون لتسوية أوضاعهم، لنفس القوانين الصارمة التي تطبق على المهاجرين من جنسيات أخرى، مما قد يصعب عليهم الحصول على تأشيرات الإقامة والعمل أو لم شمل الأسر.
وتمر العلاقات بين البلدين بمرحلة معقدة، فيما ينظر إلى الجزائر على أنها تتحمل مسؤولية تفاقم الأزمة باعتبارها تملك مفتاح التهدئة في عدة قضايا خلافية من بينها ملف الذاكرة المتعلق بالفترة الاستعمارية.
وثير الأزمة الدبلوماسية تباينا في وجهات النظر في الأوساط الفرنسية، حيث تدعو بعض الأطراف إلى التصعيد وتكثيف الضغوط على الجزائر، بينما يطالب شق، يدفع إلى التهدئة، بطي صفحة الخلافات مع الشريك التاريخي.
وسلط البرلماني الفرنسي إيمانويل ديبليسي الضوء على معاناة الطلبة الجزائريين في فرنسا، لافتا إلى أنهم "يواجهون تبعات الأزمة الحالية في ظل توجه الحكومة الفرنسية لإعادة النظر في اتفاقية الهجرة"، محذرا هذه السياسات.
وتابع أن "العديد من الاتحادات الطلابية في جامعة أورليان (جنوب باريس)، أوردت أن بعض الطلبة الجزائريين قد تم رفض تجديد تصاريح إقامتهم مما حرمهم من مواصلة دراستهم"، وفق المصدر نفسه.