البرلمان الليبي يتجه للمصادقة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا

حماد يعتبر التحرك اليوناني بالتنقيب في المياه المتنازع "انتهاك صريح للسيادة الليبية" ملوحا بالتصعيد.

طرابلس – أحالت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة مع تركيا إلى مجلس النواب تمهيدا للمصادقة عليها، في ظل أزمة ترسيم الحدود والمياه الإقليمية الليبية مع جيرانها لاسيما اليونان، التي أثارت غضب حكومة حماد لمحاولاتها للتنقيب في المياه المتنازع عليها.

وجاء إعلان حماد خلال الاجتماع الحكومي الدوري الثالث الذي ترأسه في مدينة درنة، حيث شدد على أن هذه الخطوة تهدف إلى "تثبيت الحقوق السيادية لليبيا في مياهها الإقليمية"، وتأتي وفقا لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.

وتعتبر أزمة ترسيم الحدود البحرية من الملفات الشائكة التي تتراكم منذ سنوات، التي تفاقم من تعقيدات المشهد الليبي، مما يضع المنطقة أمام احتمالات تصعيد جديدة تتجاوز حدود الخلافات الدبلوماسية المعتادة.

وأفادت تقارير إعلامية، أن مجلس النواب الليبي قرر تشكيل لجنة فنية لإعادة النظر في مذكرة التفاهم الموقعة عام 2019، موضحة أن ذلك جاء بعد تحسن العلاقات مؤخراً بين أنقرة وشرق ليبيا، وزيارات ابني خليفة حفتر لتركيا، ولقائهما مع عدد من مسؤوليها، فضلاً عن انتهاء الخلافات بين مصر وتركيا التي شكّلت عقبة أمام النظر في المذكرة أو المصادقة عليها.

وبموجب قرار مجلس الوزراء رقم 122 لسنة 2025، تم تشكيل لجنة فنية تتولى مراجعة ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط، بالإضافة إلى تقييم كافة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة منذ عام 2002 مع الدول "الصديقة والشقيقة"، وذلك وفقًا لمبادئ القانون الدولي، واحترام علاقات حسن الجوار، خصوصًا مع مصر.

وفي المقابل، عبر رئيس الحكومة عن "الاستغراب الشديد" من إعلان السلطات اليونانية، عن طرح عطاءات دولية للتنقيب عن الهيدروكربونات في مناطق بحرية تقع جنوب جزيرة كريت.

واعتبر حماد أن جزءا من هذه المناطق يقع داخل المنطقة الاقتصادية الليبية، واصفًا التحرك اليوناني بأنه "انتهاك صريح للسيادة الليبية"، وأضاف أن الحكومة لن تتوانى في الدفاع عن حقوقها، ولوّح بإمكانية دعوة شركات دولية متخصصة للاستثمار في المناطق المتنازع عليها إذا فشلت القنوات الدبلوماسية في التوصل إلى تفاهمات.

ووفقا لموقع بوابة وسط الليبي، لوح حماد السبت باللجوء إلى "مبدأ المعاملة بالمثل" حال استمرار السلطات اليونانية في توجهها لمنح تصاريح استكشاف واستغلال الهيدروكربونات في مناطق بحرية ليبية، داعيا وزراء حكومته إلى التعامل مع هذا الملف "بشكل دقيق لحماية ثروات الليبيين وحقوقهم وحقوق الأجيال القادمة".

وأكد حماد رفض ليبيا لأي إجراءات أحادية تمس مصالحها، داعيا إلى اعتماد الحوار الثنائي كمسار رئيسي لحل النزاعات البحرية في شرق البحر المتوسط.

من جهتها، أبدت تركيا ترحيباً بقرار إدارة شرق ليبيا إعادة النظر في مذكرة التفاهم الخاصة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية الموقعة بين البلدين منذ عام 2019.

وقال مسؤول عسكري تركي إن مذكرة التفاهم تعد اتفاقاً عادلاً يستند إلى مبادئ الإنصاف، الأمر الذي يكفل حقوق الطرفين التركي والليبي، بموجب القانون الدولي، موضحاً أن تحديد المناطق البحرية في الاتفاق "جرى على أساس خط الوسط بين اليابستين، مع ضمان كامل لحقوق ليبيا، خلافاً للمطالب القصوى التي تطرحها بعض الدول الأخرى".

وأضاف المسؤول خلال إفادة صحافية بوزارة الدفاع التركية، الخميس رداً على أسئلة بشأن تقارير عن خطوات اتخذها القائد العام للجيش في شرق ليبيا، المشير خليفة حفتر، للبدء بدراسة مذكرة التفاهم الخاصة بترسيم الحدود البحرية "نرحب بمراجعة الجانب الليبي لهذا الأمر... وتركيا تتابع التطورات من كثب".

يذكر أنه في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقعت تركيا وليبيا، مذكرتي تفاهم تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي. وحددت مذكرة التفاهم، الموقعة عام 2019، المناطق الاقتصادية الخالصة لتركيا وليبيا في شرق البحر المتوسط، لكنها أثارت اعتراضات من دول في المنطقة، ولا سيما اليونان.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022 وقعت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة اتفاقا مبدئيا مع تركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز، مما دفع اليونان ومصر لإعلان معارضتهما لأي نشاط في "المناطق المتنازع عليها" شرق البحر المتوسط.

وندّدت اليونان بالمذكرتين، وعدّتهما باطلتين، فيما رفض مجلس النواب في شرق ليبيا الاعتراف بهما، أو المصادقة عليهما.

وتفيد تقارير إلى أنه من المرجح أن تطلب اليونان من مصر التدخل لإقناع حكومة حماد، بعدم المصادقة على مذكرة التفاهم البحرية مع تركيا.

وترى اليونان أن أي تحرك من جانب شرق ليبيا لدعم موقف تركيا في شرق البحر المتوسط، سيمثل تحولاً كبيراً في المنطقة، حيث تأمل الدول الإقليمية في تطوير احتياطيات الغاز الطبيعي، كما ستكون الخطوة دفعة كبيرة لجهود تركيا لتأكيد هيمنتها البحرية في المنطقة، كونها ستوحد جميع الأطراف الليبية مع مطالبات تركيا.