'التجريد الانطباعي' يخفف ضغوطات الحياة بالألوان

الفنان التشكيلي عبدالعزيز عبدوس يعبر في هذا الحوار عن حسه الفني وينغمس في عالم مركب يسعى ليحوله إلى أجسام يمتزج فيها الإنسان والحيوان ليعطي أشكالا مفككة ومبعثرة.

الرباط - في إطار العروض التشكيلية التي تقيمها جمعية "زاوية الفنون من أجل التنمية" بدعم من وزارة الشباب والثقافة والاتصال المغربية، يُقام معرض للوحات تشكيلية في فيلا الفنون بوجدة، إذ تهدف هذه العروض الفنية  إلى دعم الإبداع في جو يسهم في التفاعل الإنساني وتعزيز التبادلات بين الفنانين المقيمين، بالإضافة إلى تقديم مساحة لتقاطع مشاريعهم الفنية بين بعضها، ومع الجمهور لفترة محددة.

وتُعد هذه الفرصة فريدة لتأصيل العمل الفني في سياق ترابي وتحطيم حواجز الممارسات الفنية الفردية لتحولها إلى ممارسات جماعية.

وفي هذا السايق أجرت "ميدل ايست اونلاين" حوار مع أحد أفراد هذا التجمع الفني وهو التشكيلي عبدالعزيز عبدوس، وهو فنان يشتغل على الأجساد المتشظية بسبب الضغط الذي يعيش فيه الإنسان الحديث بأسلوبه التجريدي الإنطباعي بلمسات تلقائية، تارة بقوة وتارة بعطف، لتشكل كتلًا من الألوان تتناغم أحيانًا وتتنافر أحيانًا أخرى، وإنشاء عمل فني إبداعي يثير اهتمام كل مهتم في مجال التشكيل، ويدفع إلى النقاش والبحث في هذه التجربة.

وفيما يلي نص الحوار:

ما الذي دفعك للإهتمام بالفن التشكيلي؟

الفن التشكيلي لم أختره، بل اختارني لأجيب على عدة أسئلة وجودية عن طريق لوحاتي الفنية.

كيف يؤثر الضغط والتوتر على عملك الفني؟

عندما تصبح المادة الخام تستهويني لفك الخيوط التي تنسج بها هذه الحياة المليئة بالألغاز، ولأنغمس في عوالم لا حدود لها، وأعود مرة أخرى لأضع فقط لمسة وانتظر رحلة أخرى.

كيف تستخدم الأسلوب التجريدي الانطباعي للتعبير عن مشاعرك وتجاربك الشخصية؟

الوضوح يفقد بريق الأشياء، لا أحد يعلم إلى أين تسير بنا الأمور في هذا العالم الذي تعمه الضبابية، هذا ما يجعلني أضع أعمالا تنطبق على هذا العالم المجرد، عالم مركب أسعى لأحوله إلى أجسام يمتزج فيها الإنسان والحيوان ليعطي أشكالا مفككة ومبعثرة، ليصبح لطخة من اللون على أوتار القماش، ليحدث صوت يعبر عن أنين، سخرية لحكيم توصل إلى أن ما نراه هو لا شيء.

ما هي الرسالة التي تحاول توصيلها من خلال أعمالك؟

أعتقد أنني لا أمتلك حقيقة محددة حتى يتسنى لي أن أوصل رسالة معينة، حيث أبحث في كل يوم وكل لحظة عن سبب لفهم هذا العالم التافه الافتراضي، والذي يوهمنا بأننا نمتلك ما لا يمتلك.

كيف تتعامل مع التوتر والتحديات أثناء عملك على القطع الفنية؟

لا أدري هل لدي تحد معين، فأنا خسرت جميع الرهانات إلا واحدا، وهو تواجدي في معبدي لأعيش تأملات في مملكة الإبداع التي تساعد على اليقظة الدائمة لجميع حواسنا ومشاعرنا، في تناغم من أجل لمس حقيقة لما في هذا الفلك الضيق، إلا أن ما يحدث في غالب الأحيان هو الفشل، وأعود مرة ومرات لأجدد الرهان مرة أخرى، فأنا لا أسميها قطعة فنية، بل حالة شعورية لإحساس شخص ما في مرحلة ما، ليجد العزاء في فضاء ما، سواء كانت اللوحة أو الشعر أو النحت، ليغسل ألمه ويطفئ حرقته بالكلمات أو الريشة أو هما معا.

كيف تختار الألوان والأساليب الفنية لتعبر عن المشاعر العابرة؟

الألوان لا تختار، بل لها علاقة مع نوعية الرحلة التي أنت تسعى إليها في البحث، وتبقى شكلية لأنها لا توجد في الأصل، كما أظن أن اللون لا يعبر عن السعادة أو العكس، ومن يزعم ذلك فهو ضحية للوهم، إذ إن كل ما تراه في القماش ليس من صنعي، بل لحالات داخلية تتفاعل فيما بينها، وتأمر هذا الجسد ليترجم ما يخالجني من أمور يعجز العقل على تفسيرها.

هل لديك تأثيرات خاصة بالحياة اليومية تنعكس في أعمالك؟

التأثير الوحيد الذي أكتسبته من هذا كله هو أني أعالج نفسي بنفسي من أجل أن أكون إنسانا.

ما هي التحديات التي واجهتها أثناء تطوير أسلوبك الفني؟

هي البحث عن ماهية "الأنا"، إنه سؤال يرهقني ويجعلني في سعي دائم كل يوم، لعلي أصل إلى نتيجة ما.

كيف تقيم تفاعل الجمهور مع أعمالك؟

الجمهور لديه أذواق وأنماط لا يمكن إرضاء جميعها، ولكن أشعر بالنشوة عندما أقوم بعمل ما وأرى الناس أمامه يحاولون حل الشفرة والسفر بعيدا في عوالم ومكنونات اللوحة، إذ أعشق مشاركتهم بحقهم في سراديب ما وراء الشكل واللون والإيقاع ليكونوا جزءا من العمل نفسه.

كيف يمكن للفن أن يساهم في تخفيف التوتر والضغط في المجتمع؟

الفن والإبداع لا يخففان من القلق والتوتر فقط، بل ينقذان الإنسان بصفة عامة من شقاء الحياة.