التحالف يتحرك على مسارين عسكري وإنساني في معركة الحديدة

تحرير الحديدة يشكل منعطفا حاسما في الحرب على المتمردين الحوثيين حيث يتيح حرمانهم من أهم منافذ إمدادات الأسلحة الإيرانية ويدفعهم للعودة إلى طاولة المفاوضات.

خطة إنسانية شاملة ترافق عملية تحرير الحديدة
الجزيرة صوت الحوثيين مع تصاعد معركة الحديدة
محافظ الحديدة يدعو إلى أن تكون الحرب خاطفة وسريعة
سفن وطائرات وشاحنات إغاثة جاهزة لتلبية الاحتياجات الفورية
الامارات تعلن عن استشهاد أربعة من قواتها ضمن تضحيات واسعة لتحرير اليمن

أبوظبي/عدن - أعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن مساء الأربعاء عن خطة شاملة لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين بمدينة الحديدة غربي البلاد، بعد ساعات من بدء عملية عسكرية لتحرير المدينة ومينائها من قبضة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وأعلنت من جهتها ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي عن "خطة شاملة وواسعة النطاق" وضعها التحالف لتسليم المساعدات الإنسانية إلى مدينة الحديدة والمناطق المحيطة بها.

وقالت في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "لدينا سفن وطائرات وشاحنات مزودة بإمدادات غذائية وأدوية لتلبية الاحتياجات الفورية للشعب اليمني".

وأكد محافظ الحديدة الحسن طاهر أن السلطة المعترف بها "قادرة على تولي إدارة الميناء"، مضيفا "نريدها حربا خاطفة وسريعة، لكن لا يمكن تحديد الحرب بيومين".

في المقابل دعا الحوثيون في بيان إلى "الضغط باتجاه وقف التصعيد في الساحل الغربي وتهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات السلام".

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) على لسان مصدر مسؤول في التحالف الذي تقوده السعودية (لم تسمه)، تأكيده، أن مواد غذائية وأساسية جاهزة للتدخل الفوري في الحديدة.

وكشف المصدر عن "جاهزية سفن وطائرات وشاحنات مزودة بإمدادات غذائية وأدوية لتلبية الاحتياجات الفورية".

وتشمل خطة التحالف "خطط طوارئ لنقل المساعدات إلى الحديدة وخارجها والعمل مع العديد من منظمات الإغاثة لضمان زيادة سعة ميناء الحديدة وحجم المساعدات التي تصل إليه بمجرد تحريره"، وفق ذات المصدر.

وبدأت القوات اليمنية بإسناد من التحالف العربي فجر الأربعاء عملية عسكرية لتحرير المدينة وميناءها من قبضة مسلحي جماعة الحوثي، يرى محللون أنها ستكون أقوى معركة في الحرب ضد الحوثيين الدائرة منذ ثلاث سنوات.

وتحرير الحديدة سيشكل منعرجا حاسما في الحرب على المتمردين الحوثيين، حيث تستغل الميليشيا الشيعية ميناء المدينة لاستقبلا إمدادات الأسلحة المهربة من إيران.

وفجر الأربعاء أعلنت الحكومة اليمنية في بيان استنفاد كافة الوسائل السلمية والسياسية لإخراج المسلحين الحوثيين من ميناء الحديدة الاستراتيجي، في إعلان ضمني عن انطلاق العملية العسكرية لتحرير المدينة الساحلية.

واعتبر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه بتويتر أن "تحرير المدينة والميناء سيخلق واقعا جديدا ويعيد الحوثيين إلى المفاوضات".

ولفت الوزير الاماراتي في تغريدة الأربعاء على تويتر الى أنه في خضم معركة تحرير الحديدة من قبضة الميليشيا الإيرانية، يجد الحوثيون قناة الجزيرة القطرية صوتهم الإعلامي.

وتقود السعودية منذ مارس/آذار 2015، تحالفا عسكريا ضد مسلحي الحوثي الذين يسيطرون بقوة السلاح على عدد من المحافظات اليمنية، بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/أيلول 2014.

وأطلقت القوات الموالية للحكومة اليمنية الأربعاء هجوما واسعا بهدف اقتحام مدينة الحديدة والسيطرة عليها في أكبر عملية عسكرية تشنها هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.

ومع وصول القوات المدعومة من التحالف العسكري بقيادة السعودية إلى مشارف مطار مدينة الحديدة، تصاعدت ردود الفعل المحذرة من تفاقم الأزمة الإنسانية بسبب الحرب المحتملة في المدينة والمطالبة بإعطاء الجهود السياسية وقتا أطول.

وتمثل السيطرة على مدينة الحديدة في حال تحققت أكبر انتصار عسكري لقوات السلطة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين المتهمين بتلقي الدعم من إيران، منذ استعادة هذه القوات خمس محافظات من أيدي الحوثيين في 2015.

وقال قائد ميداني في القوات الحكومية "حصلنا على الضوء الأخضر (من التحالف) ونتقدم نحو مطار مدينة الحديدة".

وأكد قادة ميدانيون آخرون في الجاح على بعد نحو 30 كلم جنوب شرق مدينة الحديدة، أن القوات المدعومة من التحالف باتت على بعد أربعة كيلومترات فقط من مطار المدينة الواقع في جنوبها.

وقالت مصادر في التحالف إن الطائرات شنت غارات على مواقع للمتمردين الحوثيين في محيط المدينة تمهيدا للعملية البرية.

في المقابل أعلن المتمردون الحوثيون عبر قناة "المسيرة" المتحدثة باسمهم أنهم شنوا عمليات ضد القوات الموالية للحكومة في محافظة الحديدة، بينها "استهداف بارجة".

وذكرت مصادر طبية في محافظة الحديدة أن 22 من المتمردين قتلوا في الـ24 ساعة الماضية في غارات شنها التحالف، بينما قتل ثلاثة من القوات الموالية للحكومة في هجوم على موقع قريب من الحدود الجنوبية لمدينة الحديدة.

وفي داخل المدينة، أفاد سكان بأن الحذر والقلق يسيطران على الأحياء، مشيرين إلى انتشار المسلحين المدججين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في الشوارع.

وذكر سكان آخرون أن المتمردين قاموا بحفر خنادق ونشر الدبابات والمدفعية عند أطراف مدينة الحديدة من جميع الاتجاهات.

وقال أيمن عمر (28 عاما) "هناك حالة من الخوف والقلق"، متحدثا عن "انتشار قناصة على أسطح المنازل ونصب المتاريس على الطرقات".

ويعتبر ميناء مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف شخص، المدخل الرئيسي للمساعدات الموجهة إلى نحو ثمانية ملايين من السكان معظمهم في المناطق الواقعة تحت سلطة المتمردين، لكن التحالف يرى فيه منطلقا لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية.

الهجوم الواسع يأتي بعد انتهاء مهلة منحتها الإمارات للأمم المتحدة للتوصل لاتفاق يخرج الحوثيين من الحديدة.

وجاء الهجوم الواسع بعدما انتهت مساء الثلاثاء مهلة منحتها الإمارات الشريك الرئيسي في التحالف والتي تقود القوات الموالية للحكومة في محافظة الحديدة، إلى الأمم المتحدة من أجل التوصل لاتفاق لإخراج المتمردين من مدينة الحديدة.

لكن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أكد الأربعاء أن المفاوضات مستمرة.

وقال في بيان "لدينا اتصالات دائمة مع كل الأطراف المشاركة للتفاوض حول ترتيبات للحديدة تستجيب للمخاوف السياسية والإنسانية والأمنية لكل الأطراف المعنيين"، داعيا إلى "ضبط النفس ومنح فرصة للسلام".

وكانت الامم المتحدة سحبت في وقت مبكر الاثنين كل موظفيها الدوليين من مدينة الحديدة.

وأعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن قلقها على حياة نحو 300 ألف طفل في مدينة الحديدة، وأوضحت أنها تستعد "للاحتمال الأسوأ".

ودعت منظمة العفو الدولية إلى ضمان وصول المساعدات إلى السكان رغم الحرب، بينما اعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الحرب ستفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن بشكل "كارثي".

كما قالت منظمة الصحة العالمية إن الحرب تهدد حياة 250 ألف يمني على الأقل.

وفي باريس، دعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى "حل سياسي تفاوضي" في اليمن "بما في ذلك في الحديدة".

وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا قد نعت مساء الثلاثاء المفاوضات السياسية لإخراج المتمردين من ميناء الحديدة. وقالت في بيان إن "تحرير الميناء يمثل بداية السقوط للحوثيين".

مقاتلة اماراتية ضمن القوات الجوية المشاركة في معركة الحديدة
اسناد عسكري اماراتي يقرب القوات اليمنية من حسم معركة الحديدة

وأعلنت الإمارات الأربعاء مقتل أربعة من جنودها في اليمن حيث تساند الدولة الخليجية القوات الموالية للحكومة المعترف بها في معركتها لتحرير مدينة الحديدة الإستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية في بيان "أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة استشهاد أربعة من جنودها البواسل أثناء تأديتهم واجبهم الوطني في عملية إعادة الأمل في اليمن"، من دون أن تحدد تاريخ ومكان مقتلهم.

والإمارات عضو رئيسي في التحالف العسكري بقيادة المملكة السعودية الذي يشن حربا ضد المتمردين الحوثيين في هذا البلد منذ مارس/اذار 2015 دعما للحكومة الشرعية.

وبدأت القوات الموالية للحكومة اليمنية الأربعاء هجوما واسعا بهدف اقتحام مدينة الحديدة في غرب اليمن والسيطرة عليها، في أكبر عملية عسكرية تشنها هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.

وتحظى العملية بدعم إماراتي مباشر على الأرض بعدما نجحت أبوظبي في جمع ثلاث قوى عسكرية في مجموعة واحدة لتحرير مناطق على الساحل الغربي لليمن من قبضة المتمردين الحوثيين.

وقتل في اليمن منذ بدء عمليات التحالف أكثر من مئة جندي اماراتي.

وفي المقابل زعم مسؤول حوثي في حديث لقناة الميادين أن الميليشيا الانقلابية أفشلت الأربعاء إنزالا بحريا لقوات سعودية وإماراتية قرب ميناء الحديدة.

وقال عضو المكتب السياسي للحركة ضيف الله الشامي للقناة اللبنانية "التحالف السعودي لم يتقدم مطلقا في الحديدة"، مضيفا "أفشلنا إنزالا بحريا للقوات السعودية - الإماراتية قرب ميناء الحديدة".

وتأتي تصريحاته مخالفة للوقائع على الأرض حيث تسجل القوات اليمنية بإسناد من قوات التحالف تقدما كبيرا قربها من السيطرة على مطار الحديدة الدولي.