التحقيق في قتل المحتجين لن يثني العراقيين عن استئناف المظاهرات

العراقيون يرفضون نتائج لجنة التحقيق في قتل المحتجين وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق تحمل السلطات المسؤولية.

بغداد - دعا القضاء العراقي اليوم الأربعاء، إلى إعلان تشكيل هيئات تحقيق جديدة للنظر بحوادث مقتل وإصابة المتظاهرين خلال مظاهرات سلمية شهدها العراق في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، بعد أن رفض الشارع العراقي وشخصيات سياسية ونشطاء نتائج لجنة التحقيق الأول الذي صادقت عليه الحكومة.

وقال رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، القاضي فائق زيدان، في بيان اليوم الأربعاء، إنه تم " تشكيل هيئات تحقيق في كل محافظة من المحافظات التي حصلت فيها المظاهرات، وأن الهيئة الواحدة تتكون من ثلاثة قضاة تحقيق وعضو ادعاء عام يتولون التحقيق بخصوص حوادث استشهاد وإصابة المتظاهرين والقوات الأمنية والاعتداء على وسائل الإعلام وعلى ضوء ما ورد بتقرير اللجنة الوزارية العليا المحال من الحكومة".

ودعا زيدان جميع "المدعين بالحق الشخصي عن الشهداء والمصابين وذوي المفقودين ووسائل الإعلام الذين تم الاعتداء عليهم إلى مراجعة هيئات التحقيق حسب المحافظة".

وأدى اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في بغداد ومحافظات عراقية أخرى إلى مقتل 157 متظاهرا غالبيتهم في العاصمة وإصابة أكثر من خمسة آلاف عراقي خرجوا للشوارع احتجاجا على البطالة وتردي الخدمات العامة وطالبوا بمكافحة الفساد.

وتعرضت نتائج التحقيق في مقتل المتظاهرين التي كشفت عنها لجنة أولى شكلها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، لانتقادات واسعة بسبب تسترها عن المسؤولين الحقيقيين الذين أعطوا الأوامر بمقتل المحتجين.

وأمس الثلاثاء، أكدت لجنة التحقيق في تقريرها الختامي الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين، وقالت إنه لديها أدلة عن استهداف قناصة انتشروا على مباني في بغداد للمتظاهرين، لكنها لم تكشف عن الجهات المسؤولة التي أعطتها الأوامر بتنفيذ ذلك.

وأثار تكتم اللجنة عن أسماء المسؤولين المتورطين استياء بين النشطاء وبعض السياسيين، حيث اتهم أعضاء اللجنة بافتقادهم للاستقلالية وتوجيه التحقيقات لخدمة مصالح جهات معينة.

وتأتي نتائج هذه التحقيقات في وقت ينوي فيه ناشطون باستئناف احتجاجاتهم المناهضة للحكومة بدءاً من يوم الجمعة المقبل.

واستعدادا لتلك المظاهرات التي من المنتظر أن تكون حاشدة أكثر من الأولى، أطلقت وزارة الدفاع العراقية هاشتاغ #واجبنا_حمايتكم على مواقع التواصل الاجتماعي، في خطوة لطمأنة المحتجين واحتواء مظاهراتهم الجمعة،  وذلك رغم قطع السلطات الإنترنت في جميع المحافظات، حيث لا يزال يتعذر على العراقيين الوصول إليه بدون "في بي ان" بعد ثلاثة أسابيع من بدء التظاهرات.

يذكر أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) هي الأخرى حملت السلطات العراقية مسؤولية قتل المتظاهرين، وذلك بعد أن صادق رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي على نتائج اللجنة وإحالتها على القضاء.

وقالت البعثة في تقرير أن هناك أدلة على أن قوات الأمن أفرطت في استخدام القوة في مواجهة المحتجين ونفذت عمليات اعتقال جماعية. وقالت إن تقارير أفادت بأن قوات الأمن حرمت المحتجين من الرعاية الطبية.

وأضافت "تشير النتائج المؤقتة التي توصلت إليها يونامي إلى انتهاكات وتجاوزات خطيرة لحقوق الإنسان ارتُكبت خلال الاحتجاجات الأخيرة".

ولم ترض نتائج التحقيق عدد من السياسيين والناشطين أيضا، فرغم إعلان اللجنة أنها أوصت بإقالة مسؤولين أمنيين كبار في 7 محافظات، إلا إنها برأت قي الوقت ذاته المسؤولين في الحكومة من إصدار الأوامر بقتل المحتجين.

وأعلن ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي والحزب الشيوعي، فضلا عن الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر الذي كان من أول الذين ساندوا المحتجين، عن رفضهم نتائج التحقيق، كما طالبت جهات وشخصيات سياسية أخرى بإقالة الحكومة والبرلمان.

وكتب الإعلامي العراقي محمد الكبيسي على تويتر  "تقرير لجنة التحقيق بسقوط ضحايا في التظاهرات لم يكن منصفاً للمتظاهرين عندما ابتعد عن محاسبة الجناة الحقيقيين، وبهذا غيّب الحقائق. إعفاء الآمرين والقادة يحتاج لمحاكمتهم بتهمة الإهمال في ردع القتلة. كما يجب استجوابهم (من أعطى الأمر لإطلاق النار؟)".

وكانت تقارير إعلامية كشفت في وقت سابق أن قناصة تابعين لميليشيات مدعومة من إيران اعتلوا الأسطح وأطلقوا النار على المتظاهرين.

وقال مسؤولون عراقيون في تصريحات صحفية إن هؤلاء المسلحين كانوا تحت إمرة القيادي في الحشد الشعبي أبو زينب اللامي، في وقت تداولت فيه وسائل إعلام خبر انضمامه إلى اللجنة المكلفة بالتحقيق في معرفة المتورطين في قتل المشاركين في التظاهرات.

وفعلا ظهر اللامي في فيديو تم تداوله بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يشارك في اجتماع اللجنة التي ترأسها عبدالمهدي وذلك بصفته عضوا فيها