التكنولوجيات الحديثة تتقاطر على موسم الحج الأكبر منذ الجائحة

استخدام الروبوتات والتطبيقات الجديدة والذكاء الاصطناعي هو السمة الابرز في موسم الحج هذا العام.

الرياض – تتعاظم كل عام مشاركة الروبوتات والمنصات الرقمية في مناسك الحج، بهدف تسهيل اداء المناسك المقدسة على الحجاج واختصار الوقت والجهد.

وتبنت وزارة الحج السعودية توجها رقميا لتيسير وصول وتنقل ضيوف الرحمن بين المشاعر المقدسة، وتخفيف العناء والمشقة على الحجاج، حتى يصبح الحج منسكا آمنا يؤدي فيه الحجيج شعيرتهم بكل سهولة واطمئنان، فيما نوهت رئاسة شؤون الحرمين الشريفين بأن "استخدام التقنية الحديثة والتطبيقات الجديدة والذكاء الاصطناعي هي السمة البارزة في موسم الحج هذا العام".

وبات وجود روبوتات تقوم بعمليات التنظيف والتعقيم في الحرم المكي أمرا مألوفا لاغلب الحجاج، لكن روبونات جديدة تدخل على الخط تقريبا كل عام.

ويجول روبوت تطهير المسجد الحرام مغطياً أكثر من ألف متر مربع لكل ساعة عمل، دون تدخل بشري، ويستعين في أداء مهامه بكاميرات وحساسات أرضية وعلوية وأحزمة أمان وخاصية قراءة الأجسام الصغيرة والكبيرة لمنع الاصطدام بالأشخاص أو العوائق الأرضية.

ويزن الروبوت 300 كيلوغرام مع خزان بسعة 70 لترا للماء النظيف تقريباً، وخزان مماثل لإزاحة الماء من الأرضيات، لكن ذلك الوزن والقدرة الكبيرة على التطهير، تتم من دون إصدار أصوات تؤثر على أجواء المصلين والطائفين في المسجد الحرام.

وتجوب عدة روباتات أخرى ساحة الحرم المكي الشريف، ويؤدي كل منها وظيفة محددة، مثل روبوت يقيس حرارة الداخلين للحرم المكي، وقد تم الاستعانة به خلال جائحة كورونا، وروبوتات توزع الماء على الزوار واخرى على سطح الكعبة لتظيفه دون تدخل بشري مستعينة بتقنيات  الذكاء الاصطناعي.

لكن روبوت الفتاوى يبدو الأكثر شعبية عند الحجاج الذين يبحثون عن إجابات شرعية لأسئلتهم عن المناسك التي يؤدونها ومسائل دينية أخرى، مع وجود فريق آخر من الحجاج يكتفي بالتقاط صور تذكارية مع الوافدين الآليين الجدد للحرم المكي.

ويوفر الروبوت التوجيهي لمن يوقفه في الحرم المكي، ويسأله، الرأي الشرعي أو الفتوى في قضايا ومسائل دينية بشكل فوري يقدمها داعية ديني من قبل رئاسة الحرمين، عبر شاشة تمثل رأس الروبوت.

ويدعم الروبوت التوجيهي 11 لغة، هي: العربية، الإنكليزية، الفرنسية، الروسية، الفارسية، التركية، الملاوية، الأوردو، الصينية، البنغالية، والهوسا، حيث يمكن إضافة الترجمة الفورية للغات.

كما يحتوي الروبوت على شاشة 21 بوصة تعمل باللمس يمكن الاستفادة منها بعمل عدد من الخدمات التي تهم قاصدي المسجد الحرام من توجيه وإرشاد وإبداء رأي.

ويحتوي الروبوت على 4 عجلات مزودة بنظام إيقاف ذكي تسمح بتحريكه بشكل سلس ومرن، مع نظام كاميرات أمامية وسفلية عالية الدقة والوضوح في نقل الصورة حيث تسمح بالتقاط تصوير محيطي للمكان، وسماعات ذات وضوح عال في الصوت، وميكروفون بجودة التقاط عالية تسمح بنقل واضح للصوت، ويعمل الروبوت على نظام الشبكة اللاسلكية (واي فاي) وبسرعة 5 جيجا هرتز تمكن من انتقال سريع وعال للبيانات.

يتحكم الداعية الذي يظهر عبر شاشة الروبوت التوجيهي، في حركته والتنقل به في ساحة الحرم بحثاً عن سائلين، ويتوقف فور تلقيه سؤالاً من أحد الحجاج.

وتصل روبوتات جديدة للحرم المكي كل عام، بينما تعمل الرئاسة العامة للحرمين الشريفين، على الاعتماد بشكل متزايد على التحول الرقمي والتطبيقات الذكية لتسهيل أداء الفريضة.

تطبيقات ومنصات رقمية

وفضلا عن الروبوتات، ترفد الخدمات الرقمية جهود السعودية في انجاح موسم حج استثنائي بعد عامين من التوقف الجزئي.

وتعد بطاقة الحج الذكية من أحدث الخدمات الذكية التي تمت لتسهيل أداء المناسك على الحجيج، وتتميز البطاقة بألوان أربعة، يرتبط كل منها بخدمات محددة لمجموعة من الحجاج، كالبرنامج الخاص بهم والفوج الذي يتبعون له، والحافلة التي تقلهم خلال رحلة الحج، كما تحتوي البطاقة التي يحملها جميع الحجاج على المعلومات الشخصية والطبية والسكنية للحجاج، وتسهم في إرشادهم إلى سكنهم في المشاعر.

وشهد موسم الحج في العام الماضي تقديم سوار الحاج الذكي "نسك"، لأول مرّة في نسخته التجريبية، ويتيح السوار هذا العام خدمات عديدة أهمها توفير كامل المعلومات حول الحاج، والحالة الصحية (محصّن، محصّن جرعة أولى، محصّن متعافٍ).
كما يتيح السوار، وهو على هيئة ساعة يضعها الحاج حول معصم يده، متابعة ورصد بيانات الحالة الصحية المتعلقة بقياس نسبة أوكسجين الدم ونبضات القلب، وخدمات طلب المساعدة الأمنية أو الطبية الطارئة، مما يسهم في سرعة الوصول إلى موقع الحاج ومساعدته.

وللإجابة على استفسارات ضيوف الرحمن، أطلقت وزارة الحج والعمرة السعودية حساب "اسأل الحج" على منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، لا سيما المتعلقة بإجراءات الحج، وإصدار التصاريح، والبروتوكولات الصحية، والسكن والإعاشة، والتنقل، وغيرها.

كما دشنت رئاسة الحرمين الشريفين تطبيق "تنقل"، لحجز العربات إلكترونيا في المسجد الحرام، بما يوفر لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة من قاصدي المسجد الحرام سهولة التنقل، ويضمن في الوقت نفسه تطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية للحد من تفشي فيروس كورونا.
وإلى جانب تطبيق "تنقل"، يتيح تطبيق "المقصد" للحجاج الوصول إلى أي موقع داخل المسجد الحرام، عبر نظام الملاحة الإلكتروني الذي يحدد موقع حامل الهاتف النقال.

كما اطلقت وزارة الحج والعمرة السعودية تطبيق "مناسكنا" لتسهل أداء المناسك على ضيوف الرحمن، حيث يقدم حزمة من الخدمات على الأجهزة الذكية للحجاج خلال رحلتهم في المشاعر المقدسة.
ويساعد التطبيق الحجاج على أداء النسك بكل يسر وسهولة، من خلال التعرف على أوقات التفويج ورمي الجمرات، وتحرك الحافلات، وأوقات الذهاب إلى الحرم لأداء الصلاة.

وأطلقت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام "منصة منارة الحرمين"، وهي منصة رقمية بهدف التجربة الروحانية "افتراضيا"، فضلا عن تفعيل التواصل مع أئمة وشيوخ الحرمين الشريفين، وذلك عن طريق نقل الدروس العلمية والتوجيهية والإرشادية من الحرمين إلى المسلمين في شتى بقاع العالم.

وتقوم المنصة بنقل وترجمة خطبة عرفة بعدة لغات لإيصالها للمسلمين في جميع أنحاء العالم، كما تبث الصلوات في المسجد الحرام والمسجد النبوي بثا مباشرا.

هي منصة تم إطلاقها منذ العام الماضي لتسهيل أداء نسك الأضاحي، وتوفر المنصة عمليات شراء وذبح وتوزيع الأضاحي بسهولة ويسر على الحجاج رقميا.
وتتيح للحاج والمضحي توكيلها في أداء نسك الهدي والأضاحي وتوزيعها على مستحقيها خلال أوقاتها الشرعية، لتسهيل أداء النسك رقميا، وتضمن استيفاء الأضاحي للشروط الشرعية.

دشن الهلال الأحمر السعودي تطبيق "أسعفني" لمساعدة الحجاج الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة، ويتيح التطبيق للمستخدمين طلب المساعدة بإرسال نداء استغاثة، ومعرفة حالة البلاغ وتتبع مساره، كما يتيح لفرق الإسعاف الاستدلال على موقع المستخدم.

ويتنطلق رسميا الأربعاء أكبر مناسك للحج منذ تفشي جائحة كوفيد-19، إذ يؤدي مئات الآلاف من المصلين "طواف القدوم" حول الكعبة المشرفة في مدينة مكة المكرمة في السعودية تحت أشعة شمس حارقة.

وسمحت السلطات السعودية لمليون مسلم تلقوا لقاحات مضادة لفيروس كورونا، بينهم 850 ألفا أتوا من الخارج ، بأداء فريضة الحج هذا العام بعد عامين من تقليص الأعداد بشكل كبير بسبب الوباء.

الحج هذا العام، الذي جرى اختيار المشاركين فيه بالقرعة، هو أكبر بكثير من الموسمين السابقين في عامي 2020 و 2021 ولكنه لا يزال أصغر من الأوقات العادية.

ففي عام 2019، شارك نحو 2,5 مليون مسلم من جميع أنحاء العالم في مناسك الحج السنوية وهو واحد من أركان الاسلام الخمسة وفريضة لا بد للمسلمين القادرين من تأديتها مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

لكن بعد ذلك، أجبر تفشي فيروس كورونا السلطات السعودية على تقليص أعداد الحجاج بشكل كبير، فشارك 60 ألف مواطن ومقيم في المملكة تم تطعيمهم بالكامل في عام 2021 في مقابل بضعة آلاف في عام 2020.

وعادة ما يشكّل الحج مصدر دخل رئيسي للمملكة. وتقدّر إيرادات المناسك والعمرة والزيارات الدينية الأخرى على مدار العام بنحو 12 مليار دولار سنويًا.