الجنرال هائيرمزي وصواريخ ايران "الذكية"

التفسير الإيراني للهجوم على أربيل مضحك، والتبريرات للميليشيات الولائية أكثر من مضحكة.
ما ان تبنت إيران العملية حتى بدا عبث الإعلام الولائي ومضحكاته
ما أوقع إيران في إحراج اكثر هو اظهار الإعلام في كردستان للموقع المستهدف

معروف للأوساط الاعلامية في العراق ما تخصصه ايران واذرعها من مبالغ طائلة على الاعلام الموالي لهم، في تسويق سياساتهم وتوجهاتهم، عبر عشرات الفضائيات وصفحات التواصل الاجتماعي ومواقع في تليغرام و"كروبات" الواتس اب، وخلال الذباب الالكتروني الذي يملا طنينه المواقع الالكترونية. ورغم تلك المبالغ الطائلة لم تستطع آلة الاعلام الولائي هذه المرة من التسويق للضربة الايرانية التي استهدفت اربيل حسب التوجيهات الايرانية، بل تحول الى "مضحكة" يتندر عليه ليس العراقيون فحسب، بل العالم العربي بأكمله.

استيقظ العالم قبل ايام على خبر استهداف صاروخي لموقع في عاصمة اقليم كردستان باثني عشر صاروخا باليستيا، واثبتت تحقيقات اجهزة الامن الكردية ان الصواريخ التي قصفت اربيل انطلقت من شرق كردستان في اشارة واضحة الى ايران، ليخرج المتحدث باسم لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني محمود عباس زادة مشكيني بتصريح له ينفي اية علاقة لإيران بتلك العملية. وما ان انتشر خبر النفي في الاعلام حتى تبنى الحرس الثوري الايراني العملية في بيان ادعى فيه انه استهدف مركز تجسس اسرائيلي في اربيل.

كشفت هذه التصريحات المتناقضة ما تعانيه ايران من تعدد مراكز القرار السياسي والامني وكأننا امام اكثر من دولة. ­

ما ان تبنت ايران العملية حتى بدا عبث الاعلام الولائي ومضحكاته، فتداعى بتهويل عملية القصف والمبالغة في تبعاته ونتائجه، فادعى ان الضربة قد اسفرت عن مقتل ستة ضباط من الموساد الاسرائيلي، ولإثبات "مصداقيتهم" الاعلامية نشروا اسماء عبرية على انها للضباط الستة، تبين فيما بعد انها ترجع لشخصيات في المسلسل العربي "رأفت الهجان"، ولكم ان تتخيلوا مقدار ما واجهه الاعلام الولائي من سخرية في الشارع العراقي عقب نشر هذه الاسماء.

ما اوقع ايران في احراج اكثر هو اظهار الاعلام في كردستان للموقع المستهدف، وتبين انه منزل يعود لمستثمر كردي معروف ليس على الصعيد الكردستاني فقط وانما على الصعيد العراقي ككل، ويظهر ان القدر اراد افتضاح الكذبة الايرانية والولائية، فلو كان الاستهداف لمنزل مواطن من عامة الناس لامكن لإيران والموالين لها ادعاء عدم صحة الخطاب الاعلامي الكردي، لكن المنزل المستهدف معروف لأكثر العراقيين في انه منزل عائلي ولا مجال لان يكون مركزا لمخابرات اجنبية او حتى محلية.

 وفي محاولة من الولائيين لحفظ ماء وجه ايران ادعوا ان صور المنزل المدمر اظهر وجود ابراج اتصالات، ونشروا صور الابراج المزعومة ليؤكدوا من جديد سذاجة ادعائاتهم، فما زعموا انها ابراج اتصالات ما كانت الا خرسانات بناء توضع تحت السقوف المغطاة بالقرميد.

وللخروج من كل هذه المطبات ادعى الولائيون في العراق ان الضربة الصاروخية اسفرت عن مقتل ضابط موساد اسرائيلي "كبير"، ولاثبات "مصداقيتهم" المتمرغلة في الوحل ذكروا ان اسم الضابط هو "هائيرمزي".

بالطبع لم يستطع احد العثور على اوليات للمرحوم المزعوم "ضابط الموساد القتيل"، فلم يظهر له سجل او صفحة او موقع او حتى اسم في اي موقع الكتروني، ولم نتعرف على المرحوم الا بعد اعتراف الفنان المصري هاني رمزي انه هو الضابط القتيل وان الفنان احمد السقا واخرين كانوا معه، لتصبح ايران والولائيون مادة دسمة للسخرية ليس من قبل الشارع العراقي فحسب بل ومن الشارع العربي ايضا.

بعد كل هذه السلسلة من المهازل السياسية والاخفاقات الاعلامية خرجت ايران لتؤكد من جديد ان الموقع المستهدف كان مركز تجسس اسرائيلي، وان هناك موقعين اخرين سيقصفان مستقبلا، ولكي يمارس الولائيون دورهم الاعلامي كذيول زايدوا على الرقم الايراني لتصبح المواقع الاسرائيلية في اربيل عشرون موقعا بدلا من الموقعين التي اعلنت عنهما ايران.

لم يكتفوا بذلك بل نسبوا للمفكر العراقي حسن العلوي رسالة زعموا ان العلوي بعثها للرئيس مسعود بارزاني يطلب منه اخراج المراكز الاسرائيلية من اربيل. وبالطبع هكذا سخف اعلامي لا يحتاج للكثير من الوقت لتظهر حقيقته، حيث عمم العلوي بيانا على كل وسائل الاعلام نفى فيه موضوع الرسالة جملة وتفصيلا.

بعد هذه المضحكات المبكيات للإعلام الولائي نود طرح السؤال التالي: ما الذي يمنع ايران من كشف هذه المواقع الاسرائيلية المزعومة خاصة وهم يدعون امتلاكهم احداثيات تلك المواقع، لماذا لا يفضحونا كإقليم ويعلنوا معلوماتهم "الدقيقة" تلك على الملأ، او ينشروا صورا لها؟ اعطونا صورة اسرائيلي واحد في اربيل او حتى صورة لنصف اسرائيلي؟ رجلا كان او يدا او راسا او حتى ظلا له.

يبدو ان ايران التي اصبحت "مكفخة" لإسرائيل تضربها حيث تشاء حتى في داخل العمق الايراني، لا تتجرا على الرد بالمثل عليها داخل اسرائيل او في الجولان او حتى في مواقع اسرائيلية معلنة منتشرة في الكثير من دول جوارها، فتتعمد الى ضرب مواقع اسرائيلية مزعومة ليس لها وجود الا في خيال صانع القرار الايراني لتحافظ بذلك على ماء وجهها امام شعبها وهو يرى ويشهد الضربات الاسرائيلية المتلاحقة مقابل صمت ايراني مطبق ازاءها، فليس هناك اي تفسير اخر للادعاءات الايرانية الكاذبة هذه.