الجيش السوداني يرهب المدنيين بحملة 'بلغ عن متعاون'
الخرطوم - أعلنت مجموعة "محامو الطوارئ" الحقوقية عن توثيق انتهاكات "خطيرة" ضد المدنيين، شملت التصفية الميدانية والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي، بسبب التحريض ضد المدنيين بمناطق سيطرة الجيش السوداني، في حملة "بلغ عن متعاون".
وقالت المجموعة الحقوقية في بيان أن الانتهاكات وقعت نتيجة تصاعد التحريض الإعلامي ضد المدنيين من خلال الحملة التي أطلقها مناصرون للجيش في سياق النزاع مع قوات الدعم السريع.
وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أطلقوا خلال أبريل/الماضي هاشتاغ "بلغ عن متعاون" مع نشر صور أشخاص زعموا أنهم كانوا متعاونين مع قوت الدعم السريع ابان سيطرتها على ولاية الجزيرة.
ولا تزال الحملة تثير هلع الكثير من المواطنين الذي يخشون تصفية الحسابات الشخصية عبر الادعاء بأنهم من المتعاونين.
وأكد الكثيرون أن هذه الحملة أصبحت وسيلة ابتزاز:
وأعلن والي ولاية الجزيرة، الطاهر إبراهيم، عن إلقاء القبض على أربعة آلاف متعاون مع قوات الدعم السريع، عبر عمليات أمنية نُفذت في عدة أنحاء من الولاية.
وأضاف الوالي، في تصريح صحافي، أن بعض المقبوض عليهم سجّلوا اعترافات قضائية توثّق تورطهم في أعمال تخريبية ودعم لوجستي مباشر لقوات الدعم السريع، مشدداً على أن حكومته لن تتهاون في التعامل مع أي تهديد أمني يمس استقرار الولاية ومواطنيها.
غير أن بيان محامي الطوارئ أكد أن الحملة جرى توظيفها كأداة للتخوين ونشر الكراهية وتشجيع الإبلاغ غير القائم على دليل ضد المدنيين بناءً على الشبهات والانتماءات الجغرافية أو السياسية أو النشاط المدني.
واعتبرت المجموعة الحقوقية الخطاب لا يهدد فقط أمن الأفراد بل يقوّض مبدأ سيادة القانون ويخلق مناخًا عامًا من الترهيب والفوضى.
وجاء في البيان "رصدنا ووثّقنا انتهاكات خطيرة ارتُكبت نتيجة هذا النوع من الحملات، شملت التصفية الميدانية والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي لمواطنين أبرياء، خاصة في ولاية الخرطوم".
كما جرى تقديم بعض المعتقلين لمحاكمات افتقرت لأبسط شروط العدالة، وُجهت فيها تهم تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد أو الإعدام، ولا يزال عدد من المدنيين في السجون بانتظار المحاكمة، بينما يقضي آخرون بالفعل أحكامًا بالسجن أو دفعوا غرامات ثقيلة، نتيجة اتهامات باطلة أو محاكمات تفتقر للعدالة".
وحمّل المحامون الجهات المسؤولة عن هذه الحملة المسؤولية القانونية والأخلاقية عن ما ترتب عليها من انتهاكات، مطالبين بوقفها فوراً ومحاسبة كل من يروّج لها أو يستغلها للتنكيل بالمدنيين.
وطالب البيان بالإفراج عن جميع المعتقلين تعسفيًا ووقف المحاكمات "الجائرة"، مبيناً أن "حماية المدنيين التزام لا يسقط بالحرب ولا بالتبرير السياسي، بل هو أساس الاستقرار والعدالة في أي مرحلة من مراحل الصراع".
وبعد سيطرة الجيش على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في يناير/كانون الثاني الماضي تزايدت المخاوف بسبب ما حدث من حملات انتقامية نفذها عناصر مسلحون يرتدون زي الجيش السوداني لدى دخولهم المدينة ضد أفراد مدنيين بداعي تعاونهم مع الدعم السريع.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي اقتياد مسلحين لمواطنين معصوبي الأعين وقتل بعضهم بوحشية، فضلاً عن تناثر جثث القتلى ملقاة على الأرض، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة.
وكانت عناصر داعمة للجيش توعدت بتصفية من وصفتهم بالمتعاونين مع قوات الدعم السريع في مدينة ود مدني بالقتل، والتخلص من جثثهم في نهر النيل.
وقال أحد تلك العناصر في مقطع فيديو إن "لديه قائمة بأسماء أكثر من 6 آلاف شخص تعاونوا مع قوات الميليشيات، خلال سيطرتها على عاصمة ولاية الجزيرة".
لكن القوات المسلحة السودانية وصفت ما حدث من انتهاكات في بعض المناطق بولاية الجزيرة بـ"التجاوزات الفردية".
فيما أشار مستشار قوات "الدعم السريع" الباشا طبيق إلى أن "الحملات الانتقامية التي يقوم بها الجيش وكتائب البراء الإرهابية والمستنفرين والحركات المرتزقة في مدينة ود مدني بتصفية وقتل مجموعات عرقية محددة، يؤكد وحشية وبربرية هذه المليشيات الإرهابية المتطرفة".
وذكر في تغريدة له عبر منصة "إكس" أن "الانتهاكات تعبر عن الهدف الحقيقي لهذه الحرب العبثية التي أشعلها الجيش بتوجيه من الحركة الإسلامية بقيادة علي كرتي"، منوهاً بأن مدينة ود مدني ستشهد مزيداً من القتل والتصفيات والإبادة الجماعية للمدنيين.