الحرائق في منطقة القبائل تُشعل التوتر بين الجزائر وفرنسا

وكالة الأنباء الجزائرية تصف قناة "فرانس 24" بـ"الحثالة" و"قناة الشر"، متهمة إياها بخدمة أهداف شيطانية من خلال التركيز على حرائق منطقة القبائل.
الجزائر تعتبر أنه "لم يعد لفرنسا مكان في أفريقيا"

الجزائر - كشف تقرير نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا، في أحدث تطور يأتي بعدما تأجلت زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى باريس في مناسبتين إلى أجل غير مسمى، في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة التقارب الجزائري الروسي في سياقات غير بعيدة عن الزحام الجيوسياسي على الفضاء الأفريقي بين موسكو والدول الغربية وتحديدا فرنسا التي تعتبر مستعمراتها السابقة فضاء تقليديا وحيويا لمصالحها.

وشنّت الحكومة الجزائرية هجوما حادا على فرنسا عبر وكالتها الرسمية للأنباء، متّهمة إياها باستهداف الجزائر، على خلفية تقرير بثته قناة "فرانس 24" تعرض للحرائق الأخيرة التي شهدتها مجموعة من مناطق البلاد وتركّز حول الخسائر التي خلفتها بمنطقة القبائل، معتبرة أن التغطية الإعلامية تخدم حركة تقرير مصير منطقة القبائل المعروفة اختصارا بـ"ماك" والتي تصنّفها السلطات الجزائرية "منظمة إرهابية".

وقالت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية في مقال نشرته على موقعها الرسمي "قناة فرانس 24 التابعة لمجمع "فرانس ميديا موند" العمومي الذي يشرف على وسائل الإعلام السمعية البصرية الخارجية لفرنسا والقناة العمومية "تي في 5" مستمرتان في نفث سمومهما على الجزائر".

ووصفت القناة بـ"الحثالة" و"قناة الشر والفوضى والتلاعبات"، قائلة إنها "تتلقى الأوامر بخصوص الجزائر من أحد المقربين من قصر الإليزيه المعروف بصلته الأكيدة مع منظمة الماك الإرهابية"، داعية طاقمها العامل إلى "التحلي ولو بالقليل من الموضوعية في هذه الأوقات العصيبة والأليمة".

واتهمتها بترويج ما أسمتها "الأكاذيب المفضوحة" حول الجزائر، مؤكدة أن السلطات الجزائرية "لم تدخر أدنى جهد وسخرت كافة الوسائل المادية والبشرية لإخماد الحرائق".

وأفادت بأنه "في الوقت الذي تحترق فيه معظم مناطق حوض المتوسط التي تفترسها ألسنة النيران بشكل غير مسبوق مخلفة خسائر بشرية في كل من اليونان وإيطاليا وكورسيكا وإسبانيا والجزائر، لم تجد قناة "فرانس 24" المبتذلة والمشينة سوى استهداف الجزائر كعادتها ودون أدنى احترام لأرواح الضحايا وكأن الحرائق لم تطل سوى الجزائر دون غيرها مع أن عديد دول حوض المتوسط تحترق بسبب درجات حرارة قياسية تجاوزت 50 درجة مئوية".

وتابعت أن "فرنسا الرسمية التي هاجمت شبكات التواصل الاجتماعي واتهمتها بتأجيج نار الكراهية بعد وفاة نائل والتي صرحت عبر المتحدث باسم الحكومة بأنه لابد من إحداث قطع في حال وجود أزمة، مدعوة إلى أن تلتفت إلى ما يجري في بلدها وترتب أمورها أولا".

وأوضحت أن "الحرائق العنيفة التي اجتاحت الجزائر كانت نتيجة درجات الحرارة الشديدة والرياح العاتية التي أدت إلى الانتشار السريع للنيران".

وزادت "تمت السيطرة على كلّ الحرائق في ظرف 48 ساعة وهو ما لم يحدث للأسف في بعض البلدان الأوروبية التي تقع على البحر المتوسط أين يستمر مكافحة حرائق الغابات منذ عشرة أيام"، مشيرة إلى "سرعة التكفل بالضحايا وانطلاق عمليات الإغاثة في وقت قياسي".

واتهمت القناة الفرنسية بتجاهل المناطق الـ17 أخرى التي اندلعت فيها حرائق، معتبرة أنها اقتصرت في تغطيتها الإعلامية على "ولايتين فقط خدمة للعبة الخبيثة التي تخطط لها وتصنعها حركة ماك وحماتها والمنظمات الإرهابية التي تسعى جاهدة إلى أن تستحوذ على منطقة طردت منها من قبل سكانها الذين يرفضونهم رفضا قاطعا".

وتابعت أن "دعاة الاستعمار الجديد وحماة حركة ماك الإرهابية الذين ينشطون في قناة الدولة الفرنسية قرروا التظاهر بالعمى و الصم إزاء الجزائر الصاعدة".

وأكدت أن "المعالجة المخجلة لملف الحرائق في الجزائر تؤكد قرار السلطات الجزائرية القاضي بغلق مكاتب هاته القناة التي لا يبدو أنها ستعود قريبا إلى الجزائر".

واعتبرت وكالة الأنباء الجزائرية أنه "لم يعد لفرنسا مكان في أفريقيا"، قائلة إنها "أضحت غير مرغوب فيها فاللوم يقع على عاتق مجمعها الإعلامي فرانس ميديا موند الذي يبث الكراهية ويحرض على الفوضى".

و"ماك" حركة جزائرية ذات توجه انفصالي تأسست في العام 2002 ويرأسها فرحات مهني وهو متواجد في فرنسا رفقة أغلب قادتها.

وتعيد إشارة وكالة الأنباء الجزائرية إلى دعم أحد المقربين من قصر الإليزيه لحركة "ماك"، إلى الواجهة الانتقادات التي وجهتها الجزائر مرارا إلى فرنسا لتوفيرها ملاذا آمنا للمنظمة التي تطالب بانفصال منطقة القبائل ومنظمة رشاد الإسلامية ومجموعة من الشخصيات المعارضة الذين تتهمهم السلطة الجزائرية بالإرهاب.

ويأتي هذا التطور ليذكي التوتر بين الجزائر وباريس وهو ما أكده الرئيس عبدالمجيد تبون في تصريحات سابقة أقرّ خلالها بأن العلاقات الفرنسية الجزائرية "متذبذبة"، بينما تأجلت زيارته المقررة إلى فرنسا إلى أجل مسمى بعد أن كانت مبرمجة في مايو/أيار الماضي قبل أن يتم إرجاؤها إلى الشهر الماضي.

وسعى تبون خلال الآونة الأخيرة إلى تعزيز التقارب بين الجزائر وروسيا، حيث توجت زيارته إلى موسكو الشهر الماضي بإعلان "الشراكة الإستراتيجية المعمقة".

ويثير تنامي العلاقات الروسية الجزائرية توجّس الدول الغربية التي تعتبر أن الرئيس تبون فتح منافذ واسعة للتمدد الروسي في فضاءات جيوسياسية بالغة الحساسية بالنسبة إلى أوروبا وللولايات المتحدة.