'الحراز' عرض مسرحي متجدد يعيد الاعتبار لفن الملحون
الرباط - توظف مسرحية "الحراز" إحدى أبرز قصائد الملحون بالمغرب، فهي تعتبر واحدة من روائع الريبرتوار المسرحي المغربي، حيث شكلت تجليا من تجليات إعادة الاعتبار لفن الملحون عن طريق المسرح، وذلك من خلال اعتماد القصيدة الملحونية المبنية على عناصر الفرجة والاحتفال التي يمتزج فيها التمثيل بالغناء والموسيقى.
ويتعلق الأمر هنا بقصيدة "الحراز" التي كتبها الشيخ المكي بن القرشي، وتعد واحدة من أشهر القصائد في فن الملحون. وتحكي القصيدة بلسان عاشق عزمه على تحرير معشوقته والوصول إليها، بعد اختطافها من طرف "الحراز"، مسلحا في ذلك بفطنته وحيلته.
وسيتم تقديم عرض متجدد للمسرحية في ختام ورشة ينظمها المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي الذي أقام، الجمعة، ماستر كلاس لفائدة طلبته حول موضوع "ألوان فن الفول المغربي: الملحون نموذجا".
وشكل الماستر كلاس الذي أشرف على تأطيره الفنان مولاي عبدالعزيز الطاهري، مناسبة لتعميق معارف الطلبة سواء في ما يتعلق بمجال فن الملحون وتاريخه، أو بقصيدة "الحراز" التي تشكل متن العمل المسرحي الذي يسعى المعهد إلى تجديده بإخراج من الأستاذ والمخرج المسرحي أمين ناسور.
وفي مداخلته، استحضر الطاهري نشأة فن الزجل وفن الملحون وتطوره بالمغرب، وأولى محاولات الكتابة به، والأغراض التي كان يكتب لأجلها بما فيها المدح والغزل والرثاء، إلى أن تحول إلى فن قائم الذات يوظف الإيقاع، والموسيقى والكلام الدارج.
وتوقف الطاهري كذلك عند ظروف كتابة قصيدة "الحراز" التي اتخذ منها المسرحيون المغاربة متنا رئيسيا نقلوه إلى الخشبة، وعلى رأسهم الفنان الراحل الطيب الصديقي، داعيا بهذه المناسبة طلبة المعهد إلى بذل وسعهم في تقديم العرض المتجدد لهذه المسرحية في حلة قشيبة، وتعريف الأجيال الجديدة بها بما يكرس دور المسرح في تعريف تراثهم العريق.
وقال أمين ناسور في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بالمناسبة، إن هذا الماستر كلاس يشكل مناسبة لتعريف طلبة المعهد على فن الملحون من خلال مقاربات متعددة غنائية وأدائية ومسرحية، واستحضار توظيفه من طرف العديد من المسرحيين المغاربة وعلى رأسهم الفنان الراحل الطيب الصديقي في رائعته "الحراز" التي خلفت بصمت الذاكرة الجماعية للمغاربة منذ سبعينيات القرن الماضي.
وتابع أن المعهد يسعى من خلال هذا اللقاء، ومن خلال ورشة إنجاز مسرحية "الحراز" بشكل متجدد من طرف طلبته بالسنة الرابعة، إلى إعادة إحياء هذه الذاكرة، وهذا الفن التراثي الأصيل، وتقديمه مجددا للجمهور المغربي، لاسيما في ظل المنجز الذي حققه الملحون بإدراجه من طرف منظمة يونسكو ضمن قائمة التراث العالمي للإنسانية.
وفي تصريح مماثل، أبرز المدير المساعد المكلف بالشؤون البيداغوجية والبحث بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي والفن المسرحي، محترم عبدالمولى، أن المعهد يسعى إلى إحياء قصيدة الحراز الملحونية، حيث سيعمل طلبته على تجديدها خلال السنة الجارية تمثيلا وإخراجا وديكورا.
وأضاف أن المعهد اختار استضافة الفنان مولاي عبدالعزيز الطاهري لتقديم هذا الماستر كلاس باعتباره أحد أعمدة الغناء الشعبي بالمغرب، وأحد مؤسسي مجموعة ناس الغيوان وجيل جيلالة بعدها. كما أن الطاهري كان قد لعب دور البطولة في مسرحية "الحراز" في إحدى نسخها وهو لم يتجاوز بعد 17 سنة.