الحياة تستمر بسيارة الاسعاف!

قرارات مهمة للقطاع الصحي والأدوية في كردستان في محاولة للخروج من واقع مز للقطاع الصحي في العراق.

في كل دول العالم شرقها وغربها وفي كل المجتمعات تحظى سيارات الاسعاف والانقاذ باحترام واولوية في المرور والسير، وحتى تجاوز اشارات المرور واستخدام كل الطرق والوسائل في سبيل الوصول بالجرحى والمرضى الذين تحملهم الى اقرب مستشفى او مركز علاجي، اي ان سيارة الاسعاف هي طائر الرحمة وسفينة النجاة ليس للمريض او الجريح الذي تحمله بل هي عنوان لتقدم المجتمع وعلامة للحضارة والانسانية التي تميز هذا المجتمع عن ذاك.

وقبل سنوات اضطر رئيس وزراء احدى الدول الاوروبية الى الاستقالة لانه استقل سيارة اسعاف واشعل اضوائها الحمراء وانذارها في سبيل فتح الطريق له للوصول بسرعة الى اجتماع لمجلس الوزراء، لكن بعد ان انكشف ذلك اعتذر واجبر على الاستقالة، لان المجتمع قد تعارف على ان سيارات الاسعاف للمرضى والانقاذ والطوارئ وليست تاكسي سريعا عند طلب المسؤولين واصحاب النفوذ.

لكن في العراق تحولت الى اي شيء يمكن ان يخطر على بالك غير ان تكون في مهمتها ووظيفتها الاساسية في الانقاذ والاسعاف، بل وتحولت الى اداة للقتل، فقد تناقلت اخبار الشهر الماضي (ايلول/سبتمبر) عن مقتل مجموعة من متظاهري مدينة البصرة دهساً بسيارة اسعاف كانت تسير مسرعة اخترقت صفوف المتظاهرين في احد الشوارع ودهست مجموعة منهم وظلت مسرعة في طريقها الذي كان بالتأكيد ابعد ما يكون عن مهمة الاسعاف والانقاذ لمن يحتاجون اليه.

ان الاستثمار والقطاع الخاص في الصحة في بلادنا تحول الى وحش ظالم، وقد وصل الى سيارات الاسعاف والتي تنتشر العديد من الاعلانات عن ارقام هواتف ومستشفيات اهلية تعلن عن سياراتها للاسعاف السريع، وهو ما يدعو الى التساؤل ونقل الاسئلة التي تراود الكثير ومن الناس، وهي لماذا وصل التخصيص او الاستثمار الى القطاع الصحي وسيارات الاسعاف؟ ولماذا لا يكون هذا المرفق المهم من المرافق العامة بيد الدولة حصراً؟ بحيث يمنع استغلال المواطنين في حالات الطوارئ والحاجة والمرض.

سيارات الاسعاف الخاصة يمكن ان يتم استغلالها او استعمالها خلافا للاهداف والاغراض المخصصة لها، وهو ما يدعونا الى توجيه دعوة عاجلة وملحة بضرورة الاهتمام بسيارات الاسعاف والاطفاء والنجدة الحكومية وجعلها حصرا بيد الدولة على ان تكون ذات ارقام باحجام كبيرة لتمييزها ومعرفتها وفتح الطرق امامها ومعاقبة المستغلين والسواق الذين يقودونها في غير الاغراض والمهمات الموكله اليها.

وتمثل القرارات الاخيرة التي اصدرها نيجرفان بارزاني رئيس وزراء اقليم كوردستان اصلاحات مهمة وكبيرة فيما يخص القطاع الصحي والسيطرة على الادوية في الاقليم والتي تدخل في اطار الاصلاحات التي تنفذها حكومة الاقليم لتحسين وحماية حياة الشعب في كافة القطاعات، ومنها القطاع الصحي الذي وصل حاله (المريض) الى درجة الشلل وعدم ثقة الناس به وبالادوية والاطباء والصيادلة والمستشفيات وكل ما يمثل او له علاقة بالصحة.

هذه القرارات تشبه سيارة الاسعاف التي يجب فتح الطرق امامها ودعهما ومساعدة الحكومة في التنفيذ الصحيح والدقيق لهذه القرارات، وتطبيق القانون على الحيتان الكبيرة في تجارة الدواء وليس القبض على بعض المندوبين الشباب الذين اضطرتهم الحاجة الى عرض نماذج الادوية، والحكومة تعرف من هم المسيطرون على الدواء في الاقليم، ومن هم المستفيدون من تدمير المستشفيات العامة وتصفية القطاع الصحي الحكومي وجعله بصورة بائسة وعاجزة بحيث يجعل المواطن مجبرا على مراجعة القطاع الصحي الخاص الذي لا يرحم.

الناس يعيشون أزمات كثيرة ومعاناة حقيقية خصوصا في حالات الضعف الانساني واوقات المرض والشدة وهم يتعرضون الى حرب قذرة يساهم فيها العديد من الاشخاص الذين يرتدون الصدريات البيضاء والذين أمنوا العقاب لسنوات طويلة مما جعلهم يتمادون في فسادهم وافسادهم الاخرين.

مسيرة الاصلاحات انطلقت وسيارة الاسعاف تحركت بقيادة كاك نيجرفان بارزاني رئيس مجلس الوزراء وهي تحمل هموماً وامراضاً وازمات شعبنا الصابر ونتمنى ان لا يعرقل سيرها او يوقفها احد.