الخرطوم تتهم واشنطن باختلاق ملف الكيماوي للتغطية على دعم حميدتي

الناطق باسم الحكومة السودانية يقول ان قوات الدعم السريع تستخدم ذخائر وأسلحة محرمة دولياً من صنع أميركي وذلك في تصعيد ضد واشنطن بعد سلسلة من الاتهامات التي طالت دولا مثل الامارات والصين.
مواقف الحكومة السودانية يكشف حجم العجز في مواجهة الدعم السريع

الخرطوم - في تطور جديد يعكس تصاعد التوترات بين السودان والولايات المتحدة، اتهمت الحكومة السودانية واشنطن بـ"اختلاق" مزاعم استخدام أسلحة كيميائية، وذلك بعد إعلانها فرض عقوبات على الخرطوم بزعم استخدامها هذا النوع من الأسلحة في عام 2024.
وقال الناطق باسم الحكومة السودانية، خالد الإعيسر، في منشور عبر صفحته على "فيسبوك"، إن "الولايات المتحدة تسعى لصرف الأنظار عن الحقيقة الأساسية، وهي أن قوات الدعم السريع المتمردة تستخدم ذخائر وأسلحة محرمة دولياً من صنع أميركي"، مؤكداً أن الحكومة السودانية ضبطت بالفعل كميات من الذخائر الأميركية بحوزة تلك القوات.
وأوضح أن هذه الخطوة تعكس "ازدواجية المعايير" في السياسة الدولية، حيث يتم – على حد قوله – "استخدام اتهامات زائفة كأدوات للابتزاز السياسي، في حين يتم تجاهل الحقائق الميدانية"، في إشارة إلى ما وصفه بالدعم الضمني لقوات الدعم السريع عبر صمت المجتمع الدولي عن مصادر تسليحها.

ويُنظر إلى التصعيد الأخير بين الخرطوم وواشنطن على أنه امتداد لحالة التوتر المتفاقمة بين الولايات المتحدة ورئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، خاصة بعد أن فرضت واشنطن في وقت سابق عقوبات مشددة عليه وعلى عدد من كبار المسؤولين العسكريين، متهمة إياهم بالمسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان وإعاقة جهود الانتقال الديمقراطي. 
وقد ساهمت تلك العقوبات في تعميق العزلة السياسية والدبلوماسية التي تعاني منها الحكومة السودانية، وأدت إلى تصاعد الضغوط الدولية على الخرطوم في وقت تواجه فيه تحديات أمنية واقتصادية غير مسبوقة. ويعتقد أن هذا التوتر يزيد من هشاشة الوضع الداخلي، ويعقّد فرص التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، في ظل ما يعتبره مسؤولون سودانيون "استهدافاً ممنهجاً" لحكومتهم من قبل قوى دولية كبرى.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت يوم الخميس أن واشنطن ستفرض عقوبات على السودان بعد أن توصلت إلى "استخدامه أسلحة كيميائية خلال عام 2024"، وفقاً لقانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الأميركي الصادر عام 1991. وقالت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، إن العقوبات ستدخل حيز التنفيذ في السادس من يونيو/حزيران المقبل، مضيفة أن بلادها "تحتفظ بحق محاسبة كل من يساهم في انتشار الأسلحة الكيميائية".
وتأتي هذه التصريحات الأميركية بالتزامن مع تصاعد اتهامات الخرطوم لدول إقليمية وغربية بدعم قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف " بحميدتي"، والتي تخوض منذ أبريل/نيسان 2023 حرباً ضروساً ضد الجيش السوداني. إذ سبق أن وجهت الحكومة السودانية اتهامات للإمارات بتزويد الدعم السريع بالسلاح، وذهبت أبعد من ذلك باتهام دول أخرى بالتواطؤ أو التغاضي عن الدعم اللوجستي الذي تحصل عليه هذه القوات، دون أن تقدم أدلة قاطعة تؤكد هذه المزاعم.
كما لم تسلم الصين من الانتقادات السودانية، حيث تم اتهامها بالتقاعس عن ضبط تقنيات الطائرات المسيّرة التي ظهرت في حوزة الدعم السريع، والتي تم استخدامها في هجمات ضد مواقع استراتيجية تابعة للجيش السوداني في أم درمان وبورتسودان، ما عزز من قدرات الدعم السريع العسكرية وأثار قلقاً متزايداً في قيادة الجيش.
وفي الوقت الذي تزداد فيه حدة المواجهات العسكرية، تبدو الحكومة السودانية ماضية في حملتها الإعلامية والدبلوماسية ضد ما تصفه بـ"التدخل الخارجي"، معتبرة أن تصاعد الاتهامات الدولية بحقها يأتي في سياق حملة منظمة لإضعاف موقفها السياسي والعسكري.
وبينما تنفي واشنطن أي دور مباشر لها في تسليح الدعم السريع، يرى مراقبون أن توقيت إعلان العقوبات الأميركية يطرح تساؤلات حول أهدافها السياسية، خاصة مع بروز دلائل ميدانية تُظهر أن الدعم السريع بات يمتلك ترسانة متطورة من الأسلحة، يُعتقد أن جزءاً منها تم الحصول عليه من مصادر إقليمية أو عبر سوق السلاح غير النظامي.
في المقابل، تؤكد مصادر مستقلة أن الوضع الإنساني في السودان بات كارثياً، وسط تصاعد الانتهاكات والجرائم الممنهجة بحق المدنيين في مناطق النزاع، خاصة في دارفور. وهي ذات المناطق التي تستند إليها التقارير الحقوقية لتوثيق استخدام الأسلحة المحرمة.