الدبيبة يبحث عن مخرج من المأزق بطرح مبادرة لإنهاء المرحلة الانتقالية
طرابلس - طرح عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، المنتهية ولايتها، مقاربة لإنهاء الأزمة السياسية تتضمن إجراء انتخابات، فيما تبدو محاولة لاحتواء الغضب الشعبي المتصاعد، والاتهامات التي يواجهها بعرقلة جهود إخراج البلد من المتاهة مدفوعا برغبته في البقاء في السلطة.
ويُنظر إلى حكومة الدبيبة على أنها جزء من الأزمة، فيما يذهب متابعون للشأن الليبي إلى حد القول إن أحداث العنف التي شهدتها طرابلس إثر مقتل حليفه السابق عبدالغني الككلي، المعروف باسم "غنيوة" رئيس جهاز دعم الاستقرار، أسقطت شرعيته، فيما تصاعدت الدعوات برحيل جميع الأجسام السياسية الحالية والتسريع بالانتخابات.
وأكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية خلال لقائه وفدا من مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة يزور البلاد لإجراء تقييم شامل لأداء البعثة الأممية، أن "المسار الانتخابي المقترح يحظى بدعم شعبي واسع وتطلعات وطنية ملحة لإنهاء حالة التعطيل السياسي"، مشددًا على أن "الانتخابات هي الطريق الوحيد لتجديد الشرعية وترسيخ الاستقرار"، وفق منصة "حكومتنا".
ورجحت مصادر حكومية ليبية أن "تتضمّن الرؤية التي قدمها الدبيبة مقترحًا زمنياً لإجراء الانتخابات قبل منتصف 2026 مع ترتيبات لوجستية تضمن شموليتها في مختلف المناطق، بما فيها الجنوب الليبي"، بحسب موقع "أخبار شمال افريقيا".
وشدد الوفد الأممي على "أهمية أن تحافظ البعثة على توازنها المهني، واحترام السياق الليبي والتعددية السياسية"، فيما أكد الدبيبة على أن "أي مبادرة دولية تخص ليبيا يجب أن تُبنى على فهم دقيق لتعقيدات المشهد المحلي، ودعم مؤسسات الدولة لتمكينها من أداء مهامها في هذه المرحلة الحرجة".
وكشفت مصادر دبلوماسية أن الوفد يعتزم عقد لقاءات موازية مع ممثلين عن حكومة الشرق في بنغازي، بهدف إعداد تقرير تقييمي شامل يُرفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري، متوقعة أن يكون له تأثير كبير على مستقبل البعثة الأممية.
وتأتي هذه المقاربة في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيل الحكومة وإنهاء المراحل الانتقالية، وسط اتهامات بالفساد وسوء الإدارة.
وشهدت طرابلس الشهر الماضي، اشتباكات عنيفة بين ميليشيات متنافسة، وتحديداً بين "الكتيبة 444" و"جهاز دعم الاستقرار"، بعد اغتيال "غنيوة"، أسفرت عن قتلى وخلفت جرحى ووضعت حكومة الدبيبة في مأزق بعد استقالة عدد من الوزراء محمّلين رئيسها المسؤولية عن الأزمة.
وتغرق ليبيا في أزمة سياسية فاقمها انقسام عميق، حيث تتقاسم السيطرة عليها عدة مجموعات مسلحة، وتوجد سلطة في الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر قائد الجيش، ما أدى إلى عرقلة جهود توحيد المؤسسات.
وتعاني طرابلس والعديد من المدن الليبية من سيطرة الميليشيات المسلحة وتداخل صلاحياتها، مما يحد من قدرة الحكومة على بسط الأمن، فيما يواجه الدبيبة اتهامات بالتعاون مع الفصائل بهدف ضمان بقائه في السلطة.
وتندلع بين الحين والآخر اشتباكات عنيفة بين المجموعات المتنافسة في العاصمة ومدن أخرى، مما يزيد من الفوضى وعدم الاستقرار، ويؤثر على حياة المواطنين.
ويغذي التنافس على السيطرة على الموارد الاقتصادية وثروات البلاد والمؤسسات الحكومية، الصراعات بين المجموعات المسلحة، بينما تواجه السلطة القضائية عجزا عن تنفيذ العديد من الأحكام التي أصدرتها المحاكم الليبية في حق عناصر وقادة ميليشيات في قضايا قتل وجرائم مختلفة بسبب علاقاتهم بالأطراف المتنفذة.
كما يعاني البلد الواقع في شمال افريقيا من مشكلة الإنفاق الموازي، مما ألقى بظلال قاتمة على قيمة الدينار الليبي وأدى إلى مزيد إثقال كاهل الليبيين نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية.