الدبيبة يحيي الجدل حول الدستور بالدعوة لتفعيل الاستفتاء
طرابلس - أججت دعوة رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة اللجنة الدستورية إلى استئناف العمل على مسودة الدستور، الجدل وسط معارضة من الأمازيغ والتبو والطوارق، ليفتح الباب أمام فصل جديد من الأزمة السياسية في ليبيا.
وواجهت المسودة انتقادات واتهامات عدة منذ موافقة الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور على المسودة في العام 2017، حيث اعتبرتها مختلف الأطياف السياسية تهميشا للتنوع الاجتماعي في البلاد، مشيرة إلى افتقارها إلى الضمانات لحقوقهم اللغوية والثقافية والسياسية.
وجدد المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا الخميس رفضه القاطع لمسودة الدستور، مؤكداً أنها صيغت تحت ضغط وتهديد لمصلحة أطراف نافذة.
وشدد المجلس في بيان له على أنها لم تراع التوافق الوطني وخصوصية الأمازيغ، كما أنها تجاهلت أسس صياغة الدساتير، داعيا إلى ضرورة العمل على وضع أساس قانوني توافقي للمرحلة القادمة.
وحذر من أن استمرار الدعوة للاستفتاء قد يؤدي إلى المزيد من الفوضى والصراع في البلاد، مطالبا بعثة الأمم المتحدة إلى رعاية حوار توافقي بين الأطراف السياسية حول القوانين الانتخابية.
ويرى محللون أن الدفع المتجدد من جانب الدبيبة لتفعيل هيئة صياغة الدستور هي خطوة منه من أجل تأجيل استقالته والبقاء في السلطة، بينما تتزايد الضغوط على حكومته للتنحي التي تتزامن مع تمسك البرلمان برئاسة عقيلة صالح على المضي قدما في تشكيل حكومة وحدة مصغرة والانتقال الى انتخابات وطنية.
ويحاول رئيس الحكومة المؤقتة الدفاع على شرعية حكومته، مقدما نفسه كمدافع عن المبادئ الديمقراطية، حيث اعتبر تعطيل الاستفتاء على الدستور"مؤامرة" تستهدف إرادة الشعب الليبي.
وكان الدبيبة قد أشار خلال لقائه عدداً من أعضاء هيئة الدستور بدعوة رسمية منه، إلى أن "أي محاولات لعرقلة هذا المسار هي عرقلة مباشرة لمسيرة الشعب الليبي نحو بناء دولة القانون والمؤسسات".
وفي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لجأت لجنة التواصل المكلفة من الهيئة التأسيسية بصياغة مشروع الدستور إلى المحكمة الافريقية لحقوق الإنسان والشعوب لمقاضاة من وصفتهم بـ"سلطات الأمر الواقع في ليبيا"، متهمة إياهم بمنع الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعدته الهيئة في الـ 29 من تموز 2017".
وبينما تشدد حكومة الوحدة الوطنية على إعادة تفعيل دور الهيئة لاستكمال الاستحقاق الدستوري معتبرة أنها أساس استقرار ليبيا ومستقبلها السياسي، يرى المدافعون عن الانتخابات الفورية، بما في ذلك الحكومة في الشرق، أن المناقشة الدستورية تشتت الانتباه، لا سيما في وجود قوانين الانتخابات التي وضعتها لجنة 6+6 وصادق عليها مجلس النواب.
وتجدد الانقسامات السياسية وحالة الجمود منذ سنوات المخاوف لدى الليبيين من الدخول في موجة جديدة من الفوضى، خاصة إذا ما استمرت حكومة الدبيبة في تجاهل الأصوات المعارضة وإصرارها على فرض استحقاقات انتخابية دون توافق سياسي.
وتحافظ الأمم المتحدة على اتباع موقف حذر وحث الفرقاء الليبيين على التوافق وإعطاء الأولوية للإجماع لحلحلة الأزمة وتجنب تأخير الانتخابات لسنوات أخرى.
وكثفت القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا ستيفاني خوري مؤخرا في مشاوراتها مع الأطراف السياسية الليبية، مشيرة إلى أنها ناشدت خلالها "الأطراف جميعها على الكفّ عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب، من شأنها أن تعمق انقسام المؤسسات الليبية".
والتقت المبعوثة الأممية صالح ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في لقاءين منفصلين، وقالت إنها أكدت في اجتماع مع صالح على "استعداد الأمم المتحدة لتيسير التوصل إلى حل سياسي للقضايا العالقة، يستند إلى أسس مرجعية، ومبادئ واضحة تضمن المصالح الأوسع للشعب الليبي".
ويندد المجتمع المدني بتدخل المجتمع الدولي في بلاده، وقال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الليبي مصباح دومة في تصريح نشره الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق عبر حسابه على منصة إكس إن "النجاح له قواعد وآليات إلا أن المجتمع الدولي يغفلها عن الوضع في ليبيا منذ العام 2011، ولا يزال إلى الآن يبني المشاريع بعيداً عن الليبيين، ويتدخل وفق مصالحه وليس مصلحة ليبيا".
واعتبر دومة "أن ما تقوم به خوري يهدف إلى البقاء في منصبها وخلق واقع جديد لاستمرار الأزمة الليبية، وليس حلها"، وتساءل "لماذا لم يجر الاستفتاء على الدستور أو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية؟ ومن أفشل انتخابات العام 2021؟!"، وذلك على الرغم من جاهزية قانون الاستفتاء على الدستور، وإحالته إلى المفوضية الوطنية العُليا للانتخابات منذ العام 2018 وقوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مؤكداً أنه "ليس الشعب الليبي الذي أقبل على الانتخابات، وسجل أكثر من 2.8 مليون من الليبيين في العام 2021".