الدفاع والأمن بوابتا روسيا للتوسع في أفريقيا واستعادة دورها كقوة عالمية
موسكو – قال الكرملين الاثنين إن روسيا تتطلع لتعزيز التعاون مع الدول الأفريقية، وهو ما يشمل التعاون في مجالات حساسة مثل الدفاع والأمن، حيث تسعى موسكو إلى تعزيز حضورها السياسي والاقتصادي، والعسكري في إطار جهودها لاستعادة دورها كقوة عالمية منافسة للنفوذ الغربي والصيني في القارة السمراء.
وتمثل إفريقيا ساحة استراتيجية مهمة لروسيا في سعيها لتأكيد موقعها كقوة عالمية متعددة الأقطاب. وبينما تعتمد روسيا على أدوات متنوعة تشمل الاقتصاد، السلاح، والدبلوماسية، فإن مستقبل نفوذها في القارة يبقى مرهونًا بقدرتها على تقديم شراكات متوازنة ومستدامة مقارنةً بمنافسيها التقليديين.
وأعلنت مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة الأسبوع الماضي أنها ستغادر مالي بعد مساعدة المجلس العسكري هناك في قتاله ضد متشددين. لكن قوات فيلق أفريقيا وهي قوة شبه عسكرية يسيطر عليها الكرملين، قالت إنها ستبقى في البلد الواقع في غرب أفريقيا بعد مغادرة فاغنر. حيث تروج روسيا لنفسها كشريك في محاربة الإرهاب، وهو ما تستفيد منه لتعزيز علاقاتها الأمنية مع دول الساحل الإفريقي.
وعند سؤال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف عن انعكاسات هذا على دور روسيا في أفريقيا، قال إن "الوجود الروسي في أفريقيا آخذ في التنامي، نتطلع حقا لتطوير تفاعلنا مع الدول الأفريقية بشكل شامل، مع التركيز بصورة أساسية على الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية".
وأضاف "هذا يتوافق ويمتد أيضا إلى مجالات حساسة مثل الدفاع والأمن. وفي هذا الصدد، ستواصل روسيا أيضا التفاعل والتعاون مع الدول الأفريقية".
وتسعى موسكو للحصول على دعم الدول الإفريقية في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة، لتعزيز شرعيتها الدولية وتخفيف العزلة التي فُرضت عليها بعد أزمة أوكرانيا. وهي من أكبر موردي السلاح للدول الإفريقية، مثل الجزائر وأنغولا ومصر. كما تقدم التدريب العسكري والدعم الفني.
وينظر الغرب بقلق إلى تنامي الدور الأمني لروسيا في أجزاء من القارة، وهو ما يشمل دولا مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وغينيا الاستوائية، وذلك على حساب فرنسا والولايات المتحدة.
وتأسس فيلق أفريقيا الروسي بدعم من وزارة الدفاع الروسية بعد أن قاد مؤسس فاغنر يفجيني بريجوجن والقيادي في المجموعة دميتري أوتكين تمردا فاشلا ضد قيادة الجيش الروسي في يونيو/حزيران 2023، وقتلا بعد شهرين في حادث تحطم طائرة.
واطلعت رويترز على عدد من المحادثات عبر تيليغرام بين عناصر روس بهذه القوات تشير إلى أن ما بين 70 و80 بالمئة تقريبا من فيلق أفريقيا أعضاء سابقون في مجموعة فاغنر.
وبحسب المحللين فإن روسيا تعتمد في خطابها على ما يسمى بـ"دبلوماسية الذاكرة" التي تستغل المشاعر المتبقية المناهضة للاستعمار، ومع توسع موطئ قدمها في أفريقيا - لا سيما في منطقة الساحل الغنية بالمعادن والتي تعاني من الانقلابات المتكررة والتمرد المسلح والتمرد المتطرف - تعمل المشاعر المعادية للغرب، على هندسة خروج القوات الغربية من مساحات واسعة من الأراضي، والكرملين هو الأوفر حظا لملء الفراغ الذي يتركونه.
وساحل العاج وتشاد هما الأحدث في سلسلة من المستعمرات الفرنسية السابقة في غرب ووسط أفريقيا التي تطالب بانسحاب القوات الفرنسية والقوات الغربية الأخرى من أراضيها، وتسير في طريق النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
وقد لجأت تلك الدول الثلاث، التي تسيطر عليها المجالس العسكرية الآن، إلى روسيا للحصول على الدعم الأمني، متجاهلة دعوات شركائها الغربيين السابقين للعودة السريعة إلى الحكم المدني.
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية في مايو/أيار القادم، أن المسؤولين الأميركيين اتفقوا مع زعماء النيجر على انسحاب تدريجي للقوات الأميركية من النيجر، والذي سيتم في أقرب وقت ممكن خلال الأشهر المقبلة.
وتعد موسكو أيضًا شريكًا مرغوبًا فيه من قبل المستعمرات السابقة غير الفرنسية مثل غينيا الاستوائية، التي تستضيف ما يقدر بنحو 200 مدرب عسكري نشرتهم روسيا في نوفمبر لحماية رئاسة الدولة الواقعة في وسط إفريقيا. ويحكم زعيمها الاستبدادي الرئيس تيودورو أوبيانج (82 عاما) الدولة الصغيرة الغنية بالنفط لمدة 45 عاما بعد انقلاب عام 1979.
وقالت الصحيفة إن موسكو تحرص على توسيع نطاق نفوذها عالميا لإيجاد المزيد من أسواق التصدير والوصول إلى الموارد الطبيعية. ويقول بعض المراقبين إن أفريقيا تمثل الفرصة المثالية لتنفيذ هذه الأفكار. ويتم توجيه التأثير من خلال "فيلق أفريقيا"، ويعتقد أنه سمي على اسم جماعة ألمانية في شمال أفريقيا خلال الحرب العالمية الثانية.