الدورة التشريعية الثانية تحبس أنفاس فرنسا

أحزاب من اليسار ويمين الوسط تحاول تخطي تحفظاتها وتناقضاتها للتوصل إلى تفاهمات تقطع الطريق على الحزب اليميني المتطرف وحلفائه.

باريس – أيام قليلة تفصل الفرنسيين عن الدورة الثانية من سباق الانتخابات التشريعية المبكرة والتي قد تؤدي إلى وصول اليمين المتطرف إلى السلطة أو تحالف بين اليسار والوسط ويمين الوسط في خضم وضع غير مسبوق سياسيا في البلاد، فيما يصعب التكهن مع صعود لافت لحزب التجمع الوطني بزعامة جوردان بارديلا (28 عاما) الذي يطمح إلى تشكيل أول حكومة من اليمين المتطرف في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

وحذر رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال من ذلك قائلا "هناك كتلة في وضع يمكّنها من الحصول على الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية"، مؤكّدا أن الأحد "إما أن تصبح السلطة في يدي حكومة يمينية متطرفة أو تكون للبرلمان"، مضيفا "أقاتل من أجل السيناريو الثاني".

وشهدت الدورة الأولى انسحاب ثلث الدوائر عقب تأهل ثلاثة مرشحين فقط وانسحب مرشحين من أحزاب اليسار واليمين الجمهوري ويمين الوسط لصالح بعضهم في عمليات تجيير أصوات بهدف تعقيد وصول مرشحي التجمّع الوطني.

وحاولت هذه الأحزاب تخطي تحفظاتها وتناقضاتها للتوصل إلى تفاهمات تقطع الطريق على الحزب اليميني المتطرف وحلفائه.

وتنظم شبكة 'بي إف إم تي في' الخاصة مساء الأربعاء برنامجا خاصا يستضيف كلا من أتال من المعسكر الرئاسي وجوردان بارديلا ورئيسة أنصار البيئة مارين توندولييه من اليسار الواحد تلو الآخر لمدة ساعة، إذ لم يتم الاتفاق على تنظيم مناظرة بينهم.

وأحدث قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المفاجئ بحل الجمعية الوطنية في التاسع من يونيو/حزيران انقلابا فعليا في المشهد السياسي مع تصدر التجمع الوطني نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية متقدما على تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري.

وتشير معظم التوقعات لتوزيع المقاعد التي صدرت في الأيام الأخيرة إلى أن التجمع الوطني سيجد صعوبة في تحقيق الغالبية المطلقة المقدرة بـ289 نائبا، وتتعزز فرضية قيام جمعية وطنية بثلاث كتل من اليمين المتطرف واليسار وحلفاء ماكرون، ما قد يجعل من فرنسا بلدا يتعذر حكمه في وقت يستعد لاستقبال دورة الألعاب الأولمبية.

وتوقع استطلاع أجرته شركة تولونا هاريس إنترآكتيف ونشرته الأربعاء فوز حزب التجمع الوطني بما يراوح بين 190 إلى 220 مقعدا فقط في البرلمان المؤلف من 577 مقعدا، وهو أقل بكثير من الـ289 مقعدا التي يحتاجها اليمين المتطرف للحصول على غالبية مطلقة وتشكيل حكومة بمفرده.

كما توقع الاستطلاع أن يفوز تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري بما يراوح بين 159 و183 مقعدا والمعسكر الرئاسي الوسطي بما بين 110 و135 مقعدا.

وتطرح زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن حتى احتمال تشكيل حكومة بغالبية نسبية من 270 نائبا تُستكمل بدعم نواب من خارج التجمع سيكونون من اليمين واليسار وعدد من الجمهوريين".

من جهته، ندّد بارديلا في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" الأربعاء بتحالفات مناهضة للتجّمع الوطني تهدف إلى شلّ البلاد، مضيفا أنّه "مستعدّ لمدّ يده... من أجل توسيع غالبيته".

وحاول التقليل من تأثير إعلانات وتصرفات مثيرة للجدل لشخصيات في حزبه منها اعتمار مرشح قبعة عليها صليب معقوف قائلا "عندما يكون هناك تفاحات فاسدة - وقد يكون هناك بعض منها - فإن يدي لا ترتعش... في الواقع كنت أرغب في سحب الترشح".

ويسود التشتت بين قوى ذات توجهات مختلفة تقوم بينها خصومات شديدة غير أنها باتت ملزمة بالتوصل إلى تفاهمات.

وإن تمكنت هذه القوى من منع التجمع الوطني من الفوز، فسوف يتحمل الماكرونيون وقسم من اليسار وبعض أعضاء حزب الجمهوريين مهمة بناء ائتلاف كبير، وفق ممارسة سارية في بلدان أوروبية أخرى، غير أنها غريبة عن التقاليد السياسية الفرنسية.

وأقرت زعيمة حزب الخضر مارين توندولييه بأنه سيتعين "بالتأكيد القيام بأمور لم يفعلها أحد من قبل في فرنسا."

وصدر الخطاب نفسه عن مسؤولين في اليمين وفي صفوف الماكرونيين، وفي طليعتهم رئيس الوزراء نفسه الذي تحدث عن جمعية وطنية متعددة"، فيما دعا رئيس حزب الجمهوريين كزافييه برتران إلى حكومة انتفاضة وطنية.

غير أن هذا التقارب يبدو هشا إذ يخفي ريبة عميقة متبادلة بين جميع هذه الأطراف، فالحزب الاشتراكي يخشى أن يقدم مرشحو الجمهوريين الذين رفضوا الانسحاب، على التحالف مع التجمع الوطني. وقال الأمين العام للحزب بيار جوفيه إن الجمهوريين ملتبسون.