الذكاء الاصطناعي يعتلي منصات القيادة في الشركات!

بعض الرؤساء التنفيذيين في شركات التكنولوجيا يبدؤون باستبدال أنفسهم بنسخ افتراضية خلال عرض نتائجهم المالية، في خطوة تبرز التحول المتزايد نحو الاعتماد على هذه التكنولوجيا حتى في أعلى مستويات الإدارة.

واشنطن - يبدو أن الرؤساء التنفيذيين في شركات التكنولوجيا لم يكتفوا بجعل مؤسساتهم "تركّز على الذكاء الاصطناعي"، بل باتوا اليوم يستخدمونه ليحلّ محلّهم في أحد أهم الأحداث الدورية في عالم الأعمال: إعلان النتائج المالية.

واستخدمت شركة "كلارنا" المتخصصة في خدمات "اشترِ الآن وادفع لاحقًا"، والتي تستعد لطرح أسهمها للاكتتاب العام، نسخة رقمية تعمل بالذكاء الاصطناعي من مديرها التنفيذي والمؤسس المشارك سيباستيان سييمياتكوفسكي لعرض نتائج الربع الأول من سنة 2025 في مقطع مصوَّر مدته 83 ثانية نُشر على يوتيوب.

 يُفتتح الفيديو بعبارة: "أنا، أو بالأحرى، نسختي الافتراضية"، حيث ظهر "أفاتار" سييمياتكوفسكي وهو يعرض النقاط البارزة للنتائج، مرتديًا سترة بنية تشبه إلى حد كبير تلك التي يرتديها في إحدى صوره الرسمية، ولكن مع قميص مختلف. ورغم أن ملامحه كانت مقنعة، إلا أن بعض التفاصيل الطفيفة كشفت عن طبيعته الرقمية، مثل قلة رمش العين وتزامن الصوت غير المثالي.

وتحرص "كلارنا" على تسويق نفسها كشركة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أنه كان أحد الأسباب التي سمحت لها بتحقيق أربعة أرباع متتالية من الأرباح، والوصول إلى 100 مليون مستخدم، مع خفض عدد الموظفين بنحو 40%، مما رفع العائد لكل موظف إلى قرابة مليون دولار، بحسب ما جاء في مدوّنة الشركة. وذكر سييمياتكوفسكي في تصريح لقناة CNBC أن عدد الموظفين تقلّص من نحو 5,000 إلى حوالي 3,000.

وليس سييمياتكوفسكي وحده من لجأ إلى هذه التقنية. ففي مكالمة الأرباح الخاصة بالربع الأول من سنة 2026، استخدم إيريك يوان، الرئيس التنفيذي لمنصة "زوم"، نسخته الافتراضية أيضًا لعرض جزء من التقرير، قائلاً في الفيديو: "أستخدم اليوم الأفاتار المخصص على Zoom Clips مع مساعد الذكاء الاصطناعي لعرض مداخلتي".

وقد ظهرت عبارة "أنشئ باستخدام Zoom AI Companion" في الزاوية العلوية للفيديو. لاحقًا، انضم يوان الحقيقي إلى جلسة الأسئلة والأجوبة المباشرة، معبّرًا عن إعجابه بتجربته مع الأفاتار بقوله: "أحب كثيرًا الأفاتار الذي أنشئ بالذكاء الاصطناعي، وأظن أننا سنواصل استخدامه".

أظن أننا سنواصل استخدامه

هذا الاتجاه يثير تساؤلات أوسع: هل يمكن فعلًا للذكاء الاصطناعي أن يحلّ محل الرؤساء التنفيذيين؟ في أبريل/نيسان الماضي، نشرت شركة ناشئة تعمل في مجال وكلاء المبيعات بالذكاء الاصطناعي تُدعى "Artisan" مقطعًا ساخرًا في يوم "كذبة أبريل" يُظهر استبدال مديرها التنفيذي بجهاز ذكاء اصطناعي.

لكن المسألة لم تعد مجرد دعابة. فالدور الأساسي للرئيس التنفيذي يتمثل في وضع الاستراتيجيات، اتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية — وكلها مهام يمكن، نظريًا، أن يؤديها الذكاء الاصطناعي بكفاءة. دراسة نُشرت في مجلة Harvard Business Review العام الماضي خلُصت إلى أن الذكاء الاصطناعي — باستخدام نموذج مبني على GPT-4o — يمكنه في الغالب أن يتفوق على البشر في مهام القيادة، لكنّه عجز عن التفاعل مع الأحداث المفاجئة مثل الانهيارات السوقية خلال جائحة كورونا، ما أدى إلى "إقالته" من قبل مجلس الإدارة الافتراضي في التجربة.

مع ذلك، يرى المدافعون عن الذكاء الاصطناعي أن هذه مجرد بدايات، وأن الوقت كفيل بتمكين النماذج الذكية من التعامل مع أصعب السيناريوهات.