الرئاسي الليبي يعمق الأزمة السياسية بتعيين محافظ جديد للمصرف المركزي
طرابلس – أعلن المجلس الرئاسي الليبي موافقته على تعيين محافظ جديد وتشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف المركزي، في قرار قال إنّه يهدف إلى الحفاظ على مقدرات البلاد ومنع تعرضها لأي ضرر.
وأوضح الرئاسي في بيان مساء الأحد إنه تم اتخاذ قرار بالإجماع بوضع قرار مجلس النواب رقم 3/2018 بشأن انتخاب محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي قيد التنفيذ وتشكيل مجلس إدارة جديد.
ويتعلّق قرار 3/2018 بتعيين محمد عبد السلام شكري محافظاً للمصرف المركزي، خلفاً للصديق الكبير.
ويتولى الصديق الكبير منصب محافظ المصرف المركزي منذ العام 2012، ويواجه انتقادات متكررة بشأن كيفية إدارته للموارد النفطية الليبية وموازنة الدولة، توجهها شخصيات بعضها مقرب من رئيس الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس عبد الحميد الدبيبة.
ويأتي القرار بعد ساعات قليلة على إعلان مصرف ليبيا المركزي "إيقاف كافة أعماله" بعد "خطف" أحد مدرائه في العاصمة طرابلس وفق بيان نشره على موقعه الإلكتروني، فيما تبين أن الموظف موقوف على ذمة التحقيق.
وندّد المصرف في بيانه بـ"حادثة اختطاف مدير إدارة تقنية المعلومات السيد مهندس مصعب مسلم من قبل جهة مجهولة من أمام بيته صباح الأحد"، ولفت إلى أنه "لن يتم استئناف أعمال المصرف إلى أن يتم الإفراج" عن المدير، مندّدا أيضا بـ"تهديد بعض المسؤولين الآخرين بالخطف".
وأكد رفضه "لهذه الأساليب الغوغائية التي يمارسها بعض الأطراف خارج إطار القانون والتي تهدد سلامة الموظفين واستمرار عمل القطاع المصرفي". وشدّد المصرف على وجوب "إيقاف مثل هذه الممارسات وتدخل الأجهزة ذات العلاقة"، ولم يعط المصرف مزيدا من التفاصيل بشأن الحادثة.
وتأتي هذه التطورات بعد أسبوع على محاصرة مسلّحين مقر المصرف في طرابلس. وفي حين لم تعرف دوافع التحرك، أشارت وسائل إعلام محلية إلى تقارير تفيد بأنه ينطوي على محاولة لإجبار محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير على الاستقالة.
وندّد السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند بمحاولات "غير مقبولة" لدفع محافظ المركزي للاستقالة، محذرا من أن استبداله "بالقوة يمكن أن يؤدي إلى استبعاد ليبيا من الأسواق المالية العالمية".
وفي منشور على منصة إكس، اعتبر نورلاند أن المواجهة في طرابلس "تسلّط الضوء على المخاطر التي يشكلها الجمود السياسي السائد في ليبيا".
بدوره، قال قسم تقصئ الحقائق والرصد والتوثيق بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيـا قال الاحد أن مسؤول إدارة تقنية المعلومات بالمصرف المركزي "ليس مختطفا" وإنما "موقوف على ذمة التحقيق بشأن تهم منسوبة إليه".
وأفاد القسم في إيجاز صحفي بعد تواصله مع رئاسة جهاز الأمن الداخلي، إن موظف المركزي تمكن من الاتصال بأسرته، وأوضح أنه بحالة صحية جيدة ولم يتعرض لأي أذى، لافتا إلى تحرير محضر بالواقعة المتهم فيها، وإحالته إلى النيابة العامة المختصة.
من جهتها، شدّدت بعثة الأمم المتحدة على "أهمية دور مصرف ليبيا المركزي في ضمان الاستقرار المالي لجميع الليبيين".
تعاني ليبيا البالغ عدد سكانها 6.8 ملايين نسمة، انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتدير شؤونها حكومتان: الأولى في طرابلس (غرب) برئاسة الدبيبة، والثانية في شرق البلاد وتحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر.
وعلى الرغم من هدوء نسبي تشهده البلاد في السنوات الأخيرة، لا تزال تسجّل اشتباكات متفرقة بين جماعات مسلّحة.
وتندرج واقعة خطف مدير إدارة تقنية المعلومات في المركزي الليبي في إطار سلسلة أحداث وسط ارتفاع منسوب التوتر بين فصائل عدة، ما يثير مخاوف من تصعيد أوسع نطاقا.
وبحسب محللين وسياسيين، فإن الاتفاق السياسي شارف على الوصول لخط النهاية، وثمة حاجة ملحة للجلوس إلى طاولة الحوار مجددا، بهدف تجنب دخول ليبيا في صدام عسكري جديد، وفق وكالة فرانس برس.
ففي 9 أغسطس/آب الجاري وقعت اشتباكات غير واضحة الدوافع بين فصيلين مسلحين مرتبطين بحكومة الوحدة الوطنية ومقرها في طرابلس في غرب البلاد ما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص وجرح العشرات قرب العاصمة الليبية.
وفي 11 من الشهر نفسه، طوق عشرات الأشخاص بعضهم مسلح، مبنى تابعا لمصرف ليبيا المركزي في طرابلس لطرد محافظ البنك على ما ذكرت وسائل إعلام محلية قبل أن يتم تفريقهم.