الرئيس التونسي يتهم المعارضة بنشر الأكاذيب بشأن قانون المالية

سعيد يؤكد سعي بعض القوى لافتعال الأزمات عبر نشر الإشاعات المتعلقة بارتفاع الأسعار وبعض التحركات النقابية مقرا بوجود تخوفات اقتصادية ومعولا على وعي التونسيين لتجاوزها.
الرئيس سعيد يؤكد ان خطاب الازمة اداة من ادوات المعارضة في تونس
قيس سعيد يؤكد ان تونس تحتاج الى عملية تصفية لتصحيح الوضع
وزيرة المالية تستغرب ربط الميزانية بتدهور المقدرة الشرائية للمواطنين

تونس - رفض الرئيس التونسي قيس سعيد وعدد من الوزراء في حكومة نجلاء بودن الانتقادات الموجهة لقانون المالية لسنة 2023 بأنه يضر بالمقدرة الشرائية للمواطن وانه يعول فقط على الضرائب لتعبئة موارد الدولة في ظل أزمة اقتصادية ومالية خانقة فيما وجهت قوى سياسية معارضة ومنظمات وطنية على رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل انتقادات واسعة للقانون محذرة من تداعياته الاجتماعية.
وقال سعيد خلال تدشينه الاثنين مركزا طبيا تم إنجازه في ظرف 6 أشهر في إطار التعاون بين تونس ودولة الامارات العربية المتحدة في ولاية جندوبة غرب البلاد ان "هنالك أطرافا تشيع الأخبار الكاذبة فيما يتعلق بقانون المالية خاصة بشان ارتفاع الأسعار والتضخم والتوجه نحو رفع الدعم".
وانتقدت العديد من المنظمات والأحزاب قانون المالية لسنة 2023سبب التعويل على جميع الضرائب والتداين الداخلي والخارجي لتعبئة موارد الدولة وغياب الاستثمارات والرؤى الاقتصادية والتنموية فيما اعتبر أنصار الرئيس وبعض الوزراء الاتهامات مجانبة للصواب ومحاولة للتهويل.
وفي تلميح لبعض القوى المعارضة قال الرئيس قيس سعيد في كلمته "هناك من يريدون العبث بقوت التونسيين وينكلون به ويفتعلون الأزمات ثمّ خطاب الأزمة عندهم هو أداة من أداة المعارضة لفظهم الشعب ولفظهم التاريخ وهناك تخوفات ولكن بوعي الشعب وبإرادته وبثباته على الحق وبثباته على أن تكون تونس متخلصة من هذه القوى التي تعمل من أجل اسقاط الدولة التونسية".
وتابع سعيد الذي كان يلقي خطابه وبجانبه وزير الصحة علي المرابط "وعي التونسيين هو الذي سيمكنهم من مواجهة هؤلاء الذين أسقطوا عن أنفسهم آخر ورقات التوت وتلاحظونهم كيف يشيعون الأخبار الكاذبة، من ذلك تصفية الدم والترفيع في الأسعار ولكن الشعب التونسي واعٍ بكل هذا وسنعمل معا للتصدي إلى هؤولاء بنفس الثبات والعزيمة حتى تتم تصفية تونس كما تتم تصفية دماء مرضى الكلى".
ويقصد سعيد "بتصفية الدم" الإضراب المرتقب والمتعلق بمراكز تصفية الدم بسبب الأزمة مع الصناديق الاجتماعية وخاصة الصندوق الوطني للتأمين على المرض.

وكان الرئيس التونسي اكد العديد من المرات انه لن يسمح بتاتا برفع الدعم عن الفئات الضعيفة او بيع المؤسسات العمومية او الإضرار بالمقدرة الشرائية للمواطنين فيما تستغل بعض القوى المعارضة الازمة العالمية لتأليب الرأي العام على السلطة الحالية.
وتشدد المعارضة في المقابل على ان ضعف الإقبال على الانتخابات التشريعية الماضية والتي شارك فيها نحو 11.22 بالمائة من الناخبين دليل على وجود غضب داخلي فيما يرفض الرئيس قيس سعيد هذه التحليلات مشددا انه مصمم على المضي قدما في قراراته حتى يقول الشعب كلمته من خلال صناديق الاقتراع.
وساند عدد من الوزراء ومسؤولين في الدولة ما طرحه قيس سعيد بشان عدم وجود تاثير كبير للميزانية على المقدرة الشرائية للمواطنين.
واكد مسؤولون حكوميون الاثنين ان قانون المالية التونسي لعام 2023 سيشهد خفضا لعجز الميزانية إلى 5,2% من الناتج المحلي الإجمالي بفضل زيادة الإيرادات عبر إجراءات من أبرزها فرض ضريبة على الثروة العقارية.
وتورد الميزانية أن العجز سيبلغ 5,2% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 7,7% عام 2022.
وتمرّ تونس بأزمة مالية عميقة أسفرت في الأشهر الأخيرة عن نقص متكرر في بعض المنتجات الأساسية مثل السكر والحليب والأرز وغيرها، في سياق تضخّم متسارع بلغ 9,8%، بحسب أحدث معطيات رسمية صدرت في مطلع كانون الأول/ديسمبر.
وقالت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصيّة إن الإيرادات المتوقعة تبلغ 46,4 مليار دينار (قرابة 14 مليار يورو).
وأضافت خلال مؤتمر صحافي في تونس العاصمة بحضور جميع وزراء حكومة نجلاء بودن أن قانون المالية ينصّ على ميزانية إجمالية تناهز 70 مليار دينار (21 مليار يورو).
واستغربت الوزيرة حديث البعض عن التأثيرات السلبية لقانون المالية على المقدرة الشرائية للمواطن مشيرة بانه تمت مراعاة العديد من الفئات الفقيرة ومن دخلهم اقل من 5 الاف دينار في السنة.

وتبلغ حاجيات التمويل لسدّ عجز الميزانية نحو 23.5 مليار دينار (7.5 مليار يورو) في عام 2023 الذي وصفه وزير الاقتصاد سمير سعيّد بأنه "عام صعب للغاية" لتونس مع تضخّم متوقع بنسبة 10,5%.
ولتحقيق التوازن المالي، يتعيّن على الدولة اللجوء إلى الاقتراض الخارجي بأكثر من أربعة مليارات يورو وقروض محليّة بنحو ثلاثة مليارات يورو.
ولزيادة عائداتها الضريبية، أقرّت الحكومة اجراءات أبرزها ضريبة ثروة جديدة بنسبة 0.5% على العقارات التي يتجاوز صافي قيمتها ثلاثة ملايين دينار (900 ألف يورو).
كما تخضع المدفوعات النقدية التي تعادل أو تزيد عن 5000 دينار (1500 يورو) لغرامة قدرها 20% من المبلغ المدفوع.
كما رفعت الحكومة ضريبة القيمة المضافة من 13% إلى 19% لبعض المهن الحرّة مثل المحامين والمترجمين.
ووُضعت الميزانية على أساس معدّل نمو يتوقع أن يبلغ 1.8% ومتوسط سعر نفط يبلغ 89 دولاراً للبرميل وإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بنحو 1.9 مليار دولار يتم التفاوض بشأنه منذ أشهر لكن تم تاجيل النظر فيه الى الشهر المقبل.
وأكدت وزيرة المالية مشاركة العديد من المنظمات الوطنية من بينها اتحاد الشغل وعمادة المحامين في إعداد مشروع القانون لكن عميد المحامين حاتم المزيو نفى ذلك.
بدور دخل الاتحاد العام التونسي للشغل على خط الأزمة حيث هدد امينه العام نورالدين الطبوبي الاثنين خلال تجمع عمالي بتنظيم احتجاجات حاشدة "وسيحتل الشوارع" قريبا لإظهار الرفض لميزانية التقشف للعام المقبل.
وليس هذه المرة الأولى التي يلوح فيها الطبوبي بالتحركات الميدانية وبتنظيم اضرابات عامة لكن التحذير الأخير هو الأقوى في ظل تدهور العلاقة بين المنظمة العمالية الأكبر في تونس والرئيس سعيد.