الرئيس التونسي ينفي رفع الدعم أو بيع المؤسسات الحكومية

سعيد يؤكد على استمرار الدولة في دورها لتحقيق العدالة الاجتماعية في مواجهة تهديدات يطلقها اتحاد الشغل بين الحين والاخر بالتصعيد ضد الحكومة والتراجع عن الالتزامات.
سعيد يؤكد على التوزيع عادل للثروات والقضاء على الفساد المستشري في عدة مؤسسات
الرئيس التونسي لا يريد الدخول في معكرة كسر عظم مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي
الاتحاد يمارس المخاتلة مع الحكومة بعد موافقته على الاصلاحات للحصول على تمويل صندوق النقد
ارتفاع السندات السيادية التونسية بعد رفع فيتش تصنيف البلاد

تونس - تعهد الرئيس التونسي قيس سعيد، بعدم تخلي الدولة عن دعم المواد الأساسية أو التفريط في المؤسسات الحكومية وذلك في خضم تصاعد الانتقادات في هذا الملف خاصة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي حذر الحكومة من معركة اجتماعية.
وقال سعيد خلال لقائه في العاصمة تونس، مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وفق بيان للرئاسة التونسية، مساء الخميس أن "الدولة في إطار ممارسة دورها في تحقيق العدالة الاجتماعية، لن تتخلى عن دعم المواد الأساسية كما يُشاع ذلك بين الحين والآخر".
وشدد على تمسكه بالدور الاجتماعي للدولة قائلا "لا مجال للتفريط في المؤسسات والمنشآت العمومية بل يجب تطهيرها والقضاء على الأسباب التي أدّت للوضع الذي آلت إليه معظمها".
وأضاف "العدالة الاجتماعية هي أساس الاستقرار الذي ينشده الجميع والذي لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل توزيع عادل للثروات والقضاء على الفساد المستشري في عدة مؤسسات".

ويرى مراقبون أن الرئيس سعيد يريد تخفيف التوتر بين الحكومة والاتحاد في هذا الظرف الحساس مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي التشريعي في 17 ديسمبر/كانون الاول الجاري ومع استفحال الأزمة الاقتصادية وحدوث بعض التململ في الشارع وذلك قبل توقيع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي.
ورفع الدعم وبيع عدد من المؤسسات الحكومية المفلسة إضافة إلى تجميد الرواتب من بين شروط صندوق النقد الدولي لتقديم دعم مالي إلى تونس التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة لكن الاتحاد الذي قبل على مضض بخطة الإصلاح بعد توقيع اتفاق للزيادة في الأجور في سبتمبر/أيلول الماضي بدا يعيد حساباته ويؤكد انه سيتخذ خطوات تصعيدية.
ووقعت الحكومة التونسية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي اتفاقية على مستوى الخبراء لمنحها قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار لمدة 48 شهرا من اجل مساندة السياسات الاقتصادية للبلاد.
واتهم الاتحاد من قبل عدد من القوى بالمخاتلة كونه لم يعارض بشكل قوى برنامج الإصلاحات حتى لا يتهم بوضع العصا أمام منح تونس التمويل ويحمل بالتالي التبعات خاصة وان صندوق النقد الدولي اشترط موافقة الشركاء الاجتماعيين وفي مقدمتها النقابات واتحاد الشغل. 
ويبدو أن الاتحاد بات اليوم تحت سهام الانتقادات من قبل قواعده التي تشعر بتداعيات ارتفاع الأسعار والرفع التدريجي للدعم.
ووجهت انتقادات للرئيس التونسي كذلك بكونه يشدد على رفض رفع الدعم بينما الحكومة تقوم بجهود من اجل إنجاح خطتها للإصلاح والالتزام بالاتفاق مع صندوق النقد.
والأربعاء، حذر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، خلال فعالية نقابية بالعاصمة، من "معركة اجتماعية" على خلفية الزيادات الأخيرة في الأسعار.
وحاول الطبوبي تبرير قراره توقيع اتفاقية الزيادة في الاجور قائلا "قمنا بمفاوضات اجتماعية وكنا نعرف أن الاتفاق مع الحكومة لا يلبي طموحات الطبقة العاملة. لكن وضعنا مادة في الاتفاق بتقييم المفاوضات في ظل التضخم وزيادة سعر الفائدة. واليوم نقول إننا في حل من كل الالتزامات".
ومنتصف سبتمبر/أيلول الماضي، وقعت الحكومة التونسية والاتحاد العام للشغل (أكبر منظمة عمالية)، اتفاقا لزيادة الأجور بنسبة 5 بالمئة خلال السنوات الثلاث المقبلة كمعدل عام.
ويبدو ان حديث الطبوبي بأنه في حل عن كل الالتزامات يهدف للضغط على الحكومة التي تحتاج لموقف الاتحاد للحصول على القرض النهائي من صندوق النقد وهو ما يعلمه الرئيس سعيد جيدا ويرفض بالتالي الدخول في معركة كسر عظم  مع المنظمة العمالية.
ويواجه الاقتصاد التونسي أزمة هي الأسوأ منذ استقلال البلاد في خمسينيات القرن الماضي، بسبب عدم الاستقرار السياسي منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وتداعيات جائحة كورونا، وسط مطالبات للسلطات بالقيام بإصلاحات اقتصادية.
ورغم حالة التدهور الاقتصادي الذي يعاني منها المواطن التونسي قفزت السندات السيادية التونسية الخميس بعدما رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية فيتش تصنيف تونس السيادي إلى "س س س +" مشيرة إلى الاتفاق على مستوى الخبراء لقرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد 
وأظهرت بيانات منصة تريد ويب للتداول الإلكتروني أن السندات المقومة بالدولار الصادرة من البنك المركزي التونسي زادت 1.5 سنت لكل دولار ليجري تداولها عند 74.224 سنت وهو أعلى مستوياتها منذ نهاية فبراير شباط.
كما ارتفعت السندات المقومة باليورو أكثر من سنت ليجري تداولها أقل قليلا من 70 سنتا.
وقالت فيتش إنها تتوقع أن يفتح الاتفاق مع صندوق النقد الطريق أمام تمويلات كبيرة من الدائنين الرسميين ويدعم عمليات تعزيز الموازنة بالرغم من عدم التيقن بشأن استمرار الالتزام بالبرنامج.
وتأمل الحكومة التونسية في أن يفتح الاتفاق مع صندوق النقد الباب أمام المؤسسات المالية المانحة لدعم تونس وتشجيع الاستثمار وعودة الثقة في المؤسسات الاقتصادية التونسية.