الزائدة مفتاح حلّ لغز مرض باركنسون

الزائدة الشبيهة بمستودع للبكتيريا المعوية تخزّن بروتين 'ألفا ساينوكلين' حيث يتسرب الى الدماغ ويسبب الضرر له.

واشنطن – لطالما صُنف مرض باركنسون على أنه من الأمراض الدماغية، غير أن بحوثا عدة سلطت الضوء على دور الجهاز الهضمي في هذه الإصابة، كان آخرها دراسة أميركية ركزت خصوصا على دور للزائدة فيه.
واستندت هذه الدراسة على بيانات طبية لمليون و700 ألف سويدي خضعوا لإشراف طبي على مدى نصف قرن.
وتبيّن للباحثين أن من استأصلوا الزائدة في عمر مبكر كان احتمال إصابتهم بمرض باركنسون أدنى بنسبة 19%.
ويبدو أن هذا الأمر ينطبق أكثر ما يكون على السويديين المقيمين في مناطق ريفية، حيث تقلّص الاحتمال بنسبة 25%. في المقابل لم يلاحظ انحسار في النسبة لدى من استأصلوا الزائدة من بين سكان المدن.

باركنسون
دور للجهاز الهضمي في الإصابة بباركنسون

أما الذين ظهر لديهم مرض باركنسون من بين مستأصلي الزائدة، فقد تبيّن أنه تأخر عندهم ثلاث سنوات ونصف السنة في المعدّل مقارنة بالذين لم يستأصلوها، بحسب ما أوضحت فيفيان لابري المشرفة على الدراسة.
وقالت "تظهر دراستنا أن الزائدة يمكن أن يكون لها دور في مرض باركنسون".
يعاني مرضى باركنسون أيضا من اضطرابات هضمية، منها الإمساك مثلا، قبل عشر سنوات أو أكثر على ظهور الرجفة والأعراض الأخرى.
وهذا ما جعل الباحثين يولون اهتماما بدور الجهاز الهضمي في هذا المرض.

بروتين 'ألفا ساينوكلين' لا يحبّ البقاء في مكان واحد..لذا يتحرّك عبر الخلايا العصبية

فالزائدة هي أشبه بمستودع للبكتيريا المعوية ويبدو أنها تقوم أيضا بدور في مناعة الجسم. وهي تخزّن نوعا من البروتينات "ألفا ساينوكلين" له دور أساسي في مرض باركنسون.
وهذا النوع من البروتينات موجود في الزائدة بكثرة، ولدى كل الناس مرضى وأصحّاء، الأمر الذي يدفع الباحثين للاعتقاد أنه يتسرّب أحيانا من الزائدة إلى الدماغ، مسببا الضرر.
وتقول فيفيان لابري "بروتين "ألفا ساينوكلين" لا يحبّ البقاء في مكان واحد..لذا يتحرّك عبر الخلايا العصبية".
وقد أظهرت تجارب فعلا أنه قادر على التحرّك بهذه الطريقة، من عصب لآخر، وصولا إلى الدماغ.
وتضيف الباحثة "حين يصل هذا البروتين إلى الدماغ، يستقر فيه وتظهر آثاره السامّة على الأعصاب، وصولا إلى إصابة الشخص بمرض باركنسون".
وحذّر الباحثون الصحافة من أنه لا ينبغي إطلاق توصية لكلّ الناس باستئصال الزائدة.
وقالت الباحثة "نحن لا نقول للناس إنهم إن ازالوا الزائدة سيكونون بالضرورة بمنأى عن مرض باركنسون".
فحتى الآن لا يوجد دليل قاطع على وجود صلة بينهما، أما نتائج الدراسة الأخيرة فهي قائمة على الاستقراء الإحصائي وليس النتائج المخبرية القاطعة.
لكن الدراسة تعطي مؤشرا إضافيا على دور الزائدة، وهو ما قد يفتح باب علاجات في المستقبل توقف تسببها بالمرض.
وسبق أن أظهرت دراسات سابقة، وبمنهجية إحصائية لا مخبرية، وجود صلة بين الزائدة وأمراض مختلفة، لكن النتائج كانت تظهر أن استئصالها متصل بزيادة خطر الإصابة بأمراض معينة، والعكس مع أمراض أخرى.
رغم كلّ هذه القيود على إطلاق خلاصات، تعزز هذه الدراسة الأخيرة على الأقلّ فرضية أن تكون الزائدة مفتاح حلّ لغز مرض باركنسون الذي يعاني منه عشرة ملايين شخص في مختلف أرجاء العالم.