الزراعة في السودان تتأثر بتوسع الحرب في ولاية الجزيرة

مزارعو ولاية الجزيرة يعجزون عن الوصول إلى أراضيهم الزراعية بسبب تمدد الحرب.

الجزيرة (السودان) - مع توسّع الحرب إلى ولاية الجزيرة في وسط السودان، رأى المزارعون إنتاجهم يفسد في الأرض، ومصدر رزقهم يتضاءل، في وقت يهدّد الجوع البلاد.

وتضمّ الجزيرة أحد أكبر المشروعات الزراعية في القارة الأفريقية التي تمتدّ على مساحة مليوني فدان، إضافة إلى أقدم مشروع لزراعة قصب السكر في البلاد شرق الولاية.

ويقول المزارع السوداني أحمد الأمين البالغ 43 عاما والذي يبعد حقله 20 كيلومترا عن شمال ود مدني، عاصمة الولاية، "لا أستطيع الوصول إلى محصولي من القمح الذي زرعته منتصف نوفمبر/تشرين الثاني على مساحة عشرة فدادين".

وظلّت ولاية الجزيرة التي تحدّ العاصمة السودانية من الجنوب، منذ اندلاع المعارك في منتصف أبريل/نيسان الماضي بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بمنأى عن القتال وكانت ملاذا لنصف مليون نازح من العاصمة، بحسب الأمم المتحدة.

لكن في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بلغت المعارك أطراف مدينة ود مدني التي تقع على مسافة 180 كلم جنوب الخرطوم، وتقدّمت قوات الدعم السريع في المنطقة، بينما ردّ الجيش بقصف جوي.

ووفقًا للأمم المتحدة، فإن المعارك في الجزيرة تسبّبت بوقوع العديد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين ودفعت أكثر من 300 ألف شخص على النزوح مرة أخرى.

ويشكل "القتال في وسط السودان وشرقه، وهي أهم منطقة في البلاد لإنتاج المحاصيل، تهديدا خطيرا لتدبير الغذاء الوطني"، وفق ما أفادت به الوكالة الأميركية للتنمية (يو إس إيد) السبت في بيان.

وحذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي من حدوث "كارثة جوع" في السودان في مايو/أيار، إذا لم يتوسّع نطاق المساعدات الغذائية لتشمل المحاصرين نتيجة الحرب الدائرة في البلاد.

نزوح
تفاقم حالات النزوح

وأشارت الوكالة الأممية إلى أن "ما يقرب من 18 مليون شخص في جميع أنحاء السودان يواجهون الجوع الحاد، وهو أكثر من ضعف العدد خلال الفترة نفسها من العام الماضي".

وأظهر تحليل للأمن الغذائي في السودان الذي كان يوصف بأنه "سلّة الخبز المستقبلية لشرق أفريقيا"، بحسب الوكالة الأممية، تسجيل "أعلى مستويات الجوع على الإطلاق" خلال موسم الحصاد في الفترة الممتدة من أكتوبر/تشرين الأول إلى فبراير/شباط.

وقال مدير المجلس النروجي للاجئين في السودان وليام كارتر "ما لم يحلّ السلام بطريقة سحرية في السودان، ستحلّ المجاعة… إنه أمر لا مفرّ منه"، متابعا "ليست الغارات الجوية وحرب المدن وحدها هي التي تقتل الناس".

وفي محاولة لمكافحة أزمة الجوع المتوقعة، أعلنت إدارة مشروع الجزيرة الزراعي في أكتوبر/تشرين الأول التخطيط لزراعة 600 ألف فدان قمح في بلد يستهلك سنويا مليوني طن ويعتمد بشكل أساسي على استيراده، قبل أن يعرقل القتال هذا المخطط.

وفي قرية تبعد 50 كيلومترا شمال ود مدني، كان المزارع السوداني كامل سعد البالغ 55 عاما يأمل في بيع محصوله من الخضروات الذي زرعه على مساحة 15 فدانا، إلا أن امتداد الحرب إلى ولاية الجزيرة حال دون ذلك، مشيرا إلى أنه بدأ حصاد أرضه قبل ثلاثة أيام من انتقال القتال إلى الجزيرة.

وفي شرق الولاية، انقطعت مياه الري عن مزارع قصب السكر والخضروات بمشروع الجنيد. وقال المزارع خضر عباس "الأوضاع مضطربة منذ عامين ولم نحصل على أرباحنا من الحكومة والآن توقفت الطلمبات عن ضخ المياه والمحاصيل على وشك التلف".

وأبدى باحثون زراعيون قلقهم، بحسب بيان، من إمكانية "تلف جينات المحاصيل الزراعية التي أنتجت عبر سنوات من البحث" بأكبر محطة للأبحاث الزراعية بود مدني تابعة لمشروع الجزيرة والتي أنشئت عام 1925.

وأسفرت المعارك بين الحليفين السابقين البرهان ودقلو عن مقتل أكثر من 12190 شخصا، وفق تقديرات منظمة "مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها" (أكليد)، وهي حصيلة يُعتقَد أنها تبقى دون الحصيلة الفعلية. كما تسبّبت بنزوح أكثر من سبعة ملايين شخص داخل وخارج البلاد، بحسب الأمم المتحدة.