السعودية أمام اختبار توازن في العلاقات مع موسكو وواشنطن
لندن/دبي - قال مصدران مطلعان إن مساعي السعودية من أجل زيادات أسرع في إنتاج أوبك+ النفطي والتي تم الاتفاق عليها في يونيو/حزيران، تضمنت دبلوماسية وراء الكواليس لضمان دعم روسيا للخطوة التي أعقبت مطالبات أميركية بمزيد من الإمدادات.
وزادت مجموعة أوبك+ من الإنتاج بأكثر من المتوقع عندما اجتمع وزراؤها في الثاني من يونيو/حزيران، وهي خطوة رحبت بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي سيزور المملكة الشهر المقبل للمرة الأولى منذ توليه منصبه.
وتشير دبلوماسية ما وراء الكواليس، كما وصفها المصدران إلى عملية التوازن التي تواجهها الرياض في وقت تسعى فيه إلى تحسين العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة مع تعزيز تحالف نفطي مع روسيا ظلت تعمل على تأمينه لعقود.
وقال أحد المصدرين عن زيادات إنتاج أوبك+ المتسارعة التي تم الاتفاق عليها في اجتماع يونيو/حزيران "كانت الولايات المتحدة تضغط من أجل ذلك. وبعد ذلك، كان على السعوديين مراجعة الأمر مع روسيا، وبدا أنهم موافقون".
وذكر مصدر ثان في أوبك+ أيضا أن الرياض تشاورت عن كثب مع موسكو التي تقع تحت ضغوط متزايدة بفعل العقوبات الأميركية والغربية الأخرى التي فرضت عليها في أعقاب غزوها أوكرانيا في فبراير/شباط.
ويواجه بايدن الذي تشمل جولته في الشرق الأوسط في الفترة من 13 إلى 16 يوليو/تموز السعودية، ضغوطا من الديمقراطيين من أجل دفع على المملكة للإطاحة بموسكو من أوبك+، التي تضم دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا وحلفاءها.
لكن هذا يعني التخلي عن سنوات من الجهود السعودية لجذب روسيا إلى اتفاقية إنتاج. وتأسست أوبك+ في 2016 لكن الرياض سعت قبل ذلك بوقت طويل إلى بناء تعاون بين اثنين من أكبر منتجي النفط في العالم.
وقال مندوب في أوبك+ "كان من المهم جدا إبقاء روسيا في أوبك+" مكررا تعليقات محللين يقولون إن السعودية تريد الإبقاء على روسيا لزيادة نفوذها في سوق النفط وليس لأي سبب سياسي.
وأشار مصدر مطلع على التفكير الروسي إلى أن موسكو استفادت من كونها جزءا من أوبك+ في وقت يريد فيه الغرب عزلها بسبب "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا كما يسميها الكرملين.
وقال المصدر "السعوديون ينعمون بأسعار مرتفعة، بينما يحتاج الروس إلى دعم مضمون من أوبك+ في الظروف الحالية... ما من أحد يسعى لانهيار السوق".
وتشمل رحلة بايدن إلى الرياض لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والذي توترت علاقاته مع الرئيس الأميركي بسبب قضايا منها مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تركيا ومنها الحرب في اليمن. كما يلتقي بايدن بزعماء خليجيين آخرين.
وفي الوقت نفسه، قال المصدر الروسي إن العلاقات بين الرئيس فلاديمير بوتين والأمير محمد بن سلمان "وثيقة نوعا ما".
ولم تعلق وزارة الطاقة السعودية على هذه الرواية. ولم تعلق وزارة الطاقة الروسية ومكتب نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك على هذا الأمر.
وقال مصدر في أوبك+ إن سياسة الإنتاج كانت تستند دائما إلى اتفاق بين جميع أعضاء أوبك+ وإن اتفاق الثاني من يونيو/حزيران لتسريع زيادات الإنتاج، كما صرحت المجموعة بعد المحادثات، كان استجابة للنشاط الاقتصادي العالمي المتزايد واحتمالات زيادة قدرة المصافي بعد الصيانة الموسمية.
ووصف وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في تصريحات أدلى بها علنا خلال زيارة لمنتدى اقتصادي روسي في يونيو/حزيران العلاقات الروسية السعودية بأنها "جيدة مثل الطقس في الرياض". وقال نوفاك إن موسكو قد تتعاون مع أوبك+ إلى ما بعد 2022.
وتعود محاولات السعودية لإدخال روسيا إلى أوبك لعام 2001، على الرغم من أن التعاون والاتفاق على قيود الإنتاج لرفع أسعار النفط الضعيفة لم يبدأ إلا بعد فترة وجيزة من تأسيس أوبك+ في 2016.
واتفقت المجموعة على تخفيضات قياسية للإنتاج مرة أخرى في 2020، عندما أضرت الجائحة بالطلب وأدت إلى انخفاض الأسعار. وشجع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اتفاق 2020.
وسيتم إلغاء تخفيضات الإنتاج التي اتفقت عليها أوبك+ في 2020 بحلول أغسطس/آب 2022، على الرغم من أن إنتاج روسيا في تراجع بسبب العقوبات الغربية، مما يثير تساؤلات حول شكل التعاون المستقبلي.
وقال مصدر روسي ثان إنه من غير المرجح أن تتغير طريقة عمل أوبك+ قبل انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني، عندما قد تسنح الفرصة للجمهوريين لانتزاع السيطرة على مجلس النواب الأميركي من الديمقراطيين.
ووصف محمد باركيندو الأمين العام لأوبك شراكة أوبك+ في يونيو/حزيران بأنها "ملاذ وعلامة على الاستقرار رغم أي اضطرابات ناتجة عن عوامل جيوسياسية". ولم يشر إلى روسيا على وجه التحديد.
وقال غاري روس المتابع المحنك لأخبار منظمة أوبك "بعد اشتراكها في محاولات الزج بروسيا في إدارة سوق النفط طيلة أكثر من 20 عاما، لا أرى أن السعودية بصدد التخلي عن هذه العلاقة المهمة".