السعودية تحقق فائضا في الميزانية بينما يواجه العالم الركود

المملكة استفادت من ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا فضلاً عن النمو في قطاعات غير نفطية يعزوها المسؤولون إلى 'رؤية 2030' للتنويع الاقتصادي.
السعودية تسجل اول فائض في الميزانية منذ نحو عقد
المملكة لن تتراجع حاليا عن تدابير تقشفية مثل خفض دعم الطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة
السعودية نجحت في ضبط أوضاع المالية العامة والإصلاحات الاقتصادية

الرياض - سجّلت السعودية في 2022 أول فائض في الميزانية العامة منذ ما يقرب من عقد، متجاوزة توقعاتها في عام شهد صعوبات اقتصادية عالمية وارتفاعا في أسعار النفط وفق ما أعلنت عنه وزارة المالية في بيان بينما تسعى الدولة الخليجية لتمويل برامجها ومشاريعها الطموحة في مختلف المجالات ضمن "رؤية 2030".
وبلغ الفائض 102 مليار ريال (حوالى 27 مليار دولار بعدما وصلت الإيرادات إلى 1234 مليار ريال والنفقات إلى 1132 مليار ريال.
وهذا أول فائض منذ ميزانية العام 2013. وكانت المملكة توقّعت العام الماضي أن يبلغ الفائض في ميزانية السنة الحالية 90 مليار ريال سعودي أي نحو 24 مليار دولار.
وبالنسبة للعام المقبل، تتوقّع المملكة أن تبلغ الإيرادات 1130 مليار ريال والنفقات 1114 مليار ريال، أي أن تحقق فائضا يبلغ 16 مليار ريال (نحو أربعة مليارات دولار)، بحسب وزارة المالية.
وتأتي البيانات الاقتصادية السعودية في وقت يواجه العالم صدمات واسعة النطاق في أسعار وموارد الطاقة ومخاوف من ركود عميق.
ومع ذلك، استفادت المملكة من ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير، فضلاً عن النمو في قطاعات غير نفطية يعزوها المسؤولون إلى "رؤية 2030" للتنويع الاقتصادي.
وأكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان في لقاء مع صحافيين "لقد استثمرنا الكثير من المال عندما لم يفعل الآخرون ذلك"، مضيفا "نحن لا نحتفل بالفائض. بالنسبة إلينا ليس هذا بالخبر الكبير حقًا. إنه شيء توقعناه. كنا نعمل... لتقليص إنفاقنا، لزيادة عائداتنا غير النفطية".
وفي آب/أغسطس، قالت السعودية إنها سجّلت فائضا بأكثر من 20 مليار دولار في الربع الثاني حيث قفزت عائدات النفط 90 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
ومنذ ذلك الحين، تراجعت أسعار النفط إلى نحو 75 دولارا للبرميل رغم قرار تحالف أوبك بلاس الذي تقوده الرياض وموسكو بخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا.
خطر تراجع الأسعار

السعودية بحاجة لسعر خام يبلغ نحو 80 دولارا للبرميل للموازنة بين نفقاتها وإيراداتها
السعودية بحاجة لسعر خام يبلغ نحو 80 دولارا للبرميل للموازنة بين نفقاتها وإيراداتها

ويرى الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن روبرت موجيلنيكي أن جزءا كبيرا من الوضع المالي "ومسار النمو يرتبطان بالطبع ارتباطًا مباشرًا بارتفاع أسعار الطاقة" وبشكل غير مباشر بالعوامل والأحداث الجيوسياسية "التي تحرك الأسعار".
ومع ذلك، فإن المملكة "تستحق الثناء لضبط أوضاع المالية العامة والإصلاحات الاقتصادية، والتي ساعدت أيضًا في إبراز الصورة الاقتصادية الشاملة"، بحسب الخبير.
وفي هذا السياق، قال مدير مؤسسة "غولف ايكونوميكس" الاستشارية جاستن ألكسندر إنه في حين أن الفائض "مرحب به"، إلا أنه كان من الممكن أن يكون أعلى بالنظر إلى أن التوقعات الأصلية بدت وكأنها تستند إلى أسعار تبلغ حوالي 70 دولارًا للبرميل بينما ناهز المتوسط السنوي في النهاية 100 دولار للبرميل.
ويقول خبراء اقتصاديون إن السعودية بحاجة لسعر خام يبلغ نحو 80 دولارا للبرميل للموازنة بين نفقاتها وإيراداتها.
وبلغ التضخم في السعودية 2.6 بالمئة العام الحالي، فيما يتوقّع انخفاضه إلى 2.1 بالمئة في 2023، بينما تراجع الدين العام بنهاية 2022 إلى 24.9 بالمئة من الناتج المحلي مسجّلا 985 مليار ريال.
وقال ألكسندر "تم إنفاق جميع العائدات غير المتوقعة تقريبًا من ارتفاع أسعار النفط، وتشير توقعات الوزارة إلى أن مستويات الإنفاق هذه ستستمر في السنوات المقبلة، مما يخلق خطرًا إذا خيبت أسعار النفط الآمال".
وكانت السعودية فرضت منذ انهيار أسعار الخام في 2014 تدابير تقشفية مثل خفض دعم الوقود والطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة.
وقال الجدعان الأربعاء إن مثل هذه "القرارات الصعبة" من غير المرجح أن يتم التراجع عنها، مضيفا "آخر شيء نريده هو في الواقع تغيير السياسات على عجل".
وتابع الوزير ان الفائض سيتم توزيعه في الربع الأول من عام 2023 ، وستذهب الغالبية إلى زيادة احتياطيات المملكة، مضيفا إن بعضه سيذهب إلى صندوق التنمية الوطنية والبعض "ربما" يحول إلى صندوق الثروة السيادية.