السودانيون ينتظرون انفراجا في أزمة الخبز بعودة الدعم
الخرطوم - مع غروب الشمس في الخرطوم، تتوجه مجموعة من الرجال إلى أحد المخابز في العاصمة السودانية لشراء الخبز قبل كسر صيامهم في شهر رمضان.
ويقول عادل عبدالرحمن أثناء شرائه أرغفة قليلة من مخبز بشمال الخرطوم "سعر الرغيف ازداد في شكل كبير جدا".
ويضيف "نحن نواجه أياما صعبة... الرغيف بجنيه... أعتقد أن السعر الحقيقي ينبغي أن يكون خمسة أو عشرة أرغفة بجنيه".
هذا الارتفاع الكبير في أسعار الخبز في كانون الأول/ديسمبر هو الذي أشعل أولى الاحتجاجات ضد الرئيس السوداني المعزول عمر البشير. وبعد مرور خمسة أشهر لا يزال الشعب السوداني وأصحاب المخابز يصرّون على أن أسعار المواد الغذائية الأساسية لا تزال مرتفعة.
اندلعت الاحتجاجات لأول مرة في مدينة عطبرة شمال البلاد رداً على ارتفاع الأسعار وتحولت بسرعة إلى حراك وطني ضد حكم البشير الذي استمر ثلاثة عقود.
وأطاح الجيش البشير في 11 نيسان /أبريل بعدما اعتصم آلاف المحتجين خارج مقر الجيش في وسط الخرطوم. إلا أن المحتجين لا يزالون معتصمين، ويطالبون المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في البلاد بتسليم السلطة للمدنيين.
ويقول صاحب المخبز عبدالرحيم محمد إنه على الرغم من أن ارتفاع أسعار الخبز كان العامل الرئيسي "لخروج الناس إلى الشوارع" ضد البشير في البداية، إلا أن هناك أسبابًا أخرى أيضًا.
ويضيف وقد بدا خلفه عمّال المخبر يعُدّون العجينة الطازجة "المواطن السوداني بسيط جدا"، مشيرا إلى "أنه يريد التعليم والصحة وحياة آمنة. لا شيء أكثر".
على مدار سنوات، تصاعد الغضب في جميع أنحاء السودان بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة مع تضخم وصل إلى 70 بالمئة في وقت سابق من هذا العام ، في حين أن النقص في الوقود والعملات الأجنبية يبدو أمرا عاديا.
ويعاني الاقتصاد السوداني منذ انفصال الجنوب في عام 2011، لأن ذلك حرمه معظم عائدات النفط والعملة الأجنبية التي يحتاج إليها بشدة.
ولمعالجة الأزمة ، اتخذ السودان العديد من التدابير التقشفية، بينها خفض الدعم وخفض قيمة الجنيه، غير أن ذلك لم يسهم إلا في تأجيج مزيد من الغضب بين الناس.
ويقول عبدالرحمن وهو يلوّح بمجموعة من الأرغفة التي اشتراها من مخبز عبدالرحيم "البشير وأعوانه دمروا البلد".
ودعمت حكومة البشير الوقود والخبز والعديد من السلع الغذائية بشكل كبير ما أدى إلى عجز كبير في موازنة الدولة.
وتصاعدت أزمة الخبز أيضًا مع قرار الحكومة الصادر في كانون الثاني/يناير 2018 بالتوقف عن استيراد القمح وترك ذلك للشركات الخاصة.
وأدى ذلك إلى انخفاض في المعروض من القمح في السوق، ما دفع منتجي الدقيق إلى زيادة تعريفاتهم.
يقول الخبازون إن الخبز متوافر بسهولة هذه الأيام، بعدما تسلم التجار القمح المستورد والمدعوم محليًا.
ويورد بدر الجلال عضو اتحاد المخابز في إشارة إلى الدعم المقدم للمستوردين "بعد هذه الفترة سنعاود استيراد القمح مرة أخرى لكن لا أتوقع حدوث أزمة جديدة بفضل الدعم الذي تقدمه الدولة".
ويظل السودان، الذي يبلغ عدد سكانه نحو 40 مليون نسمة ، أحد أكبر مستوردي القمح في السوق العالمية.
ويقول وزير المالية السوداني السابق عزالدين إبراهيم إن السودان يستورد حوالى 2.5 مليون طن سنويًا لسد فجوة الاستهلاك ولأن إنتاجه المحلي يناهز 700 ألف طن.
ويضيف "دعم الوقود والكهرباء والخبز يمثل 35 بالمئة من إنفاق الدولة" مضيفا أنه يتعين على المؤسسات المالية الدولية مساعدة السودان.
ويعتقد مراقبون دوليون إن حزمة المساعدات التي تبلغ 3 مليارات دولار والتي قدمتها السعودية والإمارات بعد إقالة البشير، من المتوقع أن تساعد أيضًا في معالجة أزمة الخبز على المديين القريب والمتوسط.
والأسبوع الماضي، أودعت السعودية 250 مليون دولار في المصرف المركزي السوداني في إطار حزمة مساعدات بلغت 3 مليارات دولار تعهّدت بها المملكة وحليفتها الإمارات لصالح السودان الذي يواجه أزمة اقتصادية حادة شكّلت سببًا رئيسيًا للتظاهرات ضد نظام البشير.
وترى فاطمة حسين، التي تعمل محاسبة في مخبز عبدالرحيم، أن ليس كل السودانيين محظوظين مثلها. وتقول "لدي سبعة أطفال وأحتاج إلى 50 جنيها يوميا لشراء الخبز لهم... لا أملك هذا الدخل".
وعلّقت "لحسن الحظ أنني أعمل هنا ليعطوني الخبز، لكن الآخرين ليس لديهم هذا الامتياز".