السيستاني يحذّر من تأثير المال والسلاح على الانتخابات العراقية
بغداد - دعت المرجعية الشيعية العليا في العراق بزعامة علي السيستاني اليوم الأربعاء إلى إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق في أجواء مطمئنة، بعيدا عن تأثير المال أو السلاح غير القانوني أو التدخلات الخارجية.
ويبدو موقف المرجعية الشيعية العليا إحالة إلى ممارسات سابقة طغت على المشهد الانتخابي منذ الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 وأنتجت منظومة حكم قائمة على محاصصات طائفية وحزبية وهيمن خلالها المكون الشيعي بأجنحته المسلحة الموالية لإيران، على كافة مناحي الحياة السياسية.
وقال مكتب المرجعية في بيان صحفي"إن المرجعية الدينية العليا تشجّع الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات القادمة، فإنها وإن كانت لا تخلو من بعض النواقص ولكنها تبقى هي الطريق الأسلم للعبور بالبلاد إلى مستقبل يرجى أن يكون أفضل مما مضى وبها يتفادى خطر الوقوع في مهاوي الفوضى والانسداد السياسي".
وأضاف البيان "على الناخبين أن يستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة وهو أمر ممكن إن تكاتف الواعون وشاركوا في التصويت بصورة فاعلة وأحسنوا الاختيار، وبخلاف ذلك فسوف تتكرر اخفاقات المجالس النيابية السابقة والحكومات المنبثقة عنها، ولات حين مندم".
وأكدت المرجعية الدينية العليا في بيانها مجددا أنها لا تساند أيّ مرشح أو قائمة انتخابية على الإطلاق، محذرة في الوقت نفسه من "تمكين أشخاص غير أكفاء أو متورطين بالفساد أو أطراف لا تؤمن بثوابت الشعب العراقي الكريم أو تعمل خارج إطار الدستور، من شغل مقاعد مجلس النواب، لما في ذلك من مخاطر كبيرة على مستقبل البلد".
وتمثل الانتخابات التشريعية المبكرة التي حددت تحت ضغط مطالبة متظاهرين بها خلال احتجاجات اكتوبر/تشرين الأول 2019 بدلا من موعدها في عام 2022، من التنازلات القليلة التي قدمتها السلطات إلى المحتجين الذين خرجوا رفضا للفساد المستشري ونقص الخدمات العامة في العراق.
لكن حماسة الناخبين الـ25 مليونا تجاهها ضعيفة في بلد يقبع نحو ثلث سكانه في الفقر، وفق الأمم المتحدة.
ودعا السيستاني أعلى مرجعية دينية لدى الشيعة الذين يشكلون غالبية سكان العراق الأربعين مليونا، الناخبين إلى أن "يأخذوا العِبَر والدروس من التجارب الماضية ويعوا قيمة أصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد.
وطالبهم بأن "يستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة"، مؤكدا في الوقت نفسه عدم "مساندة المرجعية لأي مرشح".
وأضاف البيان أن المرجعية ؤكد على الناخبين أن "يدقّقوا في سِيَر المرشحين في دوائرهم الانتخابية ولا ينتخبوا منهم إلا الصالح النزيه، الحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره، المؤتمن على قيمه الأصيلة ومصالحه العليا".
ونادرا ما يظهر السيستاني صاحب التأثير الكبير في العلن، بينما ينقل ممثل عنه خطبه خلال صلاة الجمعة كل أسبوع. ويحظى باحترام كبير في أوساط الشيعة في العراق وفي أوساط الطوائف الأخرى كذلك.
وبعد الاجتياح الأميركي للعراق في 2003، كان وراء إرسال ملايين العراقيين إلى الشوارع والى صناديق الاقتراع وحتى إلى القتال خلال المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العام 2014.
وترى الباحثة العراقية مارسين الشمري أن "الأمر المهم الذي حصل في الانتخابات الماضية، هو أن السيستاني قال إن الناخبين يملكون الخيار بالتصويت من عدمه، وهو ما فسره الناس بإمكانية المقاطعة".
وطالب مرارا خلال السنوات الماضية السياسيين العراقيين بوضع حد للفساد وسوء الإدارة. وكان بين دعاة إجراء انتخابات مبكرة منذ هزّت احتجاجات غير مسبوقة ضد الحكومة بغداد ومدن الجنوب التي يشكل الشيعة أغلب سكانها.
وانتقد رجل الدين الشيعي المؤثر مرارا البرلمان الحالي الذي انتُخب في مايو/ايار 2018، والذي شهد للمرة الأولى دخول مرشحين تابعين للحشد الشعبي وهو تحالف فصائل شيعية موالية لإيران، بعد الانتصارات التي حققها الحشد على تنظيم الدولة الإسلامية.
وتطمح الفصائل إلى كسب المزيد من المقاعد في البرلمان، فيما يبقى التيار الصدري الذي يملك الغالبية في البرلمان الحالي، الأوفر حظا.
وأشاد الرئيس العراقي برهم صالح اليوم الأربعاء ببيان المرجعية الشيعية العليا بزعامة علي السيستاني بشأن الانتخابات العامة البرلمانية التي ستجري في العاشر من الشهر المقبل.
وقال في تغريدة على حسابه بتويتر "إن التوجيهات الصادرة من المرجع الأعلى علي السيستاني حول الانتخابات، هو موقف وطني حريص يأتي في ظرف دقيق لحماية الوطن و الانتصار للمواطن"، مضيفا أن هذه التوجيهات تُشكل "ضمان الإرادة الحرة للعراقيين والمشاركة الواسعة من أجل إصلاح مكامن الخلل في منظومة الحكم والانطلاق نحو الإصلاح المنشود".