الشرع يعطي اشارة الانطلاق لإعادة إعمار سوريا

الرئيس السوري الانتقالي يبدي رغبة في توجيه البلاد نحو مرحلة ما بعد الحرب داعيا لاغتنام 'الفرصة السانحة' واستثمار الدعم الدولي والإقليمي.

دمشق - أعلن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، يوم الثلاثاء، أن بلاده بدأت مرحلة إعادة الإعمار بعد سنوات الحرب الطويلة، مستثمرة قرار رفع العقوبات الأميركية والغربية الذي أنهى عزلة دبلوماسية واقتصادية استمرت لأكثر من عقد.
جاء تصريح الشرع خلال فعالية أقيمت في مدينة حلب تحت عنوان "حلب مفتاح النصر"، المدينة التي عادت مؤخراً إلى سيطرة الحكومة الانتقالية بعد معارك طويلة كانت أحد أبرز محاور الصراع. وبحضور واسع من الأهالي ومسؤولين محليين، تحدث الشرع قائلاً: "أيها الشعب السوري العظيم، إنّ معركة البناء لتوّها قد بدأت، فلنتكاتف جميعا ونستعن بالله على صنع مستقبل مشرق لبلد عريق وشعب يستحق".

وتأتي هذه التصريحات في ظل تحولات إقليمية ودولية تشهد انفتاحاً حذراً تجاه دمشق، بعدما أعلنت واشنطن وعدد من العواصم الغربية تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، في سياق دعم جهود إعادة الاستقرار ووقف نزيف الصراع العسكري الذي استمر لسنوات طويلة وخلف مئات الالاف من القتلى والجرحى وملايين المهجرين.
وتعكس سياسة الشرع الجديدة رغبة واضحة في توجيه البلاد نحو مرحلة ما بعد الحرب، حيث أشار في كلمته إلى أهمية اغتنام "الفرصة السانحة" واستثمار الدعم الدولي والإقليمي، قائلاً "دعونا نستثمر الفرصة السانحة ونأخذ واجبنا بحقّه. ليكن شعارنا كما رفعناه من قبل: لا نريح ولا نستريح حتى نعيد بناء سوريا من جديد ونباهي بها العالم أجمع".
وتحظى السياسات التي ينتهجها الشرع في هذه المرحلة الانتقالية بدعم شعبي من قطاعات واسعة من المواطنين السوريين المتعبين من ويلات الحرب. كما تلقى جهود الحكومة الجديدة تأييداً من بعض القوى الإقليمية، ولا سيما من دول خليجية أبدت استعداداً للمساهمة في عمليات إعادة الإعمار، ضمن شروط تتعلق بإصلاحات سياسية وتكريس الاستقرار الأمني.
لكن التحديات لا تزال ماثلة بقوة أمام الحكومة الانتقالية، إذ تواجه دمشق صعوبات حقيقية أبرزها استمرار التهديدات الأمنية من فلول النظام السابق وبعض الخلايا النشطة لتنظيم داعش، التي ما تزال تنشط في مناطق البادية والحدود الشمالية. كما تواجه السلطة الجديدة اعتراضات داخلية من بعض الأقليات، من ضمنها مجموعات من الطائفتين العلوية والدرزية التي تبدي تحفظاً على مسار العملية السياسية الحالية، مطالبة بمزيد من الضمانات والمشاركة في مستقبل البلاد.
ويُنظر إلى خطاب الشرع وتوجهاته السياسية والاقتصادية باعتبارها محاولة جادة لإغلاق صفحة الحرب والصراع الدموي، وفتح أخرى جديدة تقوم على التوافق وإعادة البناء، مع طيّ صفحة النظام السابق بشكل نهائي بعد سقوطه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويعتقد إن الاستفادة من رفع العقوبات يجب أن تترجم بخطط تنموية فعلية، وإصلاحات دستورية جذرية من شأنها أن تعيد الثقة بين المواطن والدولة. كما أن استقطاب الاستثمارات الخارجية، وعودة السوريين من المنافي والمخيمات، يعتمد بالدرجة الأولى على قدرة الحكومة الانتقالية على توفير بيئة آمنة وشفافة.
وفي ختام كلمته، وجّه الشرع رسالة واضحة إلى السوريين دعاهم فيها إلى تجاوز الانقسامات، قائلاً: "لقد عانينا بما فيه الكفاية. اليوم نحتاج إلى وحدة الصف، وإلى حوار وطني شامل لا يستثني أحداً. إن سوريا التي نحلم بها تستحق أن نبنيها معاً، لا أن نرثها من بقايا الخراب".
ومع كل التحديات التي تعترض طريق سوريا، يبدو أن اللحظة السياسية الحالية تحمل إمكانات جديدة يمكن أن تشكل نقطة تحوّل، شريطة أن تُدار بحكمة وبروح من المصالحة الوطنية الشاملة.