الصدر يُجمد سلاح السرايا ويدعو لكبح ميليشيات الخزعلي

التوتر بين عصائب أهل الحق والتيار الصدري والذي طبع مواجهات متقطعة في البصرة واضطرابات أمنية في الأيام الأخيرة يأتي بينما يستعد الصدريون لتوسيع الاحتجاجات في محافظات الجنوب والوسط وفي بغداد لإسقاط مرشح الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة.
شدّ وجذب بين التيار والعصائب في البصرة
اضطرابات أمنية في البصرة كالنار تحت الرماد

بغداد - تسود حالة من التوتر بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وعصائب أهل الحق في محافظة البصرة، في أحدث سجال يثير مخاوف من عودة الصدام بين الفصيلين في ذروة أزمة سياسية لا تبدو لها نهاية قريبة بين الصدريين من جهة والقوى الشيعية المنافسة المنضوية في ما يسمى بـ"الإطار التنسيقي".

وتأتي الاضطرابات في البصرة بينما يستعد التيار الصدري لاحتجاجات واسعة في بغداد وتوسيعها في محافظات الوسط والجنوب، بينما ستكون البصرة على الأرجح بؤرة مواجهة بين القوى الشيعية المتنافسة وميليشياتها المسلحة.

ولم تحدث في الفترة الأخيرة مواجهات بين سرايا السلام الجناح العسكري للتيار الصدري وبين عصائب أهل الحق إحدى أكبر الميليشيات الشيعية الموالية لإيران. والعصائب ولدت من رحم التيار الصدري على اثر انشقاق زعيمها قيس الخزعلي عن التيار قبل سنوات.

وثمة توتر كامن بين الجانبين منذ سنوات وعادة ما يحاول الصدر والخزعلي مداراته أو تخفيفه من خلال دعوات للتهدئة وإسكات صوت السلاح، لكن منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة التي فاز فيها الصدريون بأكبر عدد من المقاعد ودخولهم في معركة لي أذرع مع القوى الشيعية الأخرى الخاسرة، برز الخلاف من جديد بين الصدريين وميليشيا الخزعلي.

وفي دليل آخر على حالة الشدّ والجذب بين الفصيلين الشيعيين، دعا ما يسمى بـ'وزير القائد' محمد صالح العراقي، القائد العام للقوات المسلحة أي رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، إلى كبح جماح ميليشيات عصائب أهل الحق التي وصفها بالوقحة واتهمها هي و"أمثالها" بـ"الإرهاب"، معلنا كذلك تجميد كل الفصائل المسلحة بما فيها سرايا السلام.

وقال "بدورنا ولدرء الفتنة في محافظة البصرة نعلن تجميد كل الفصائل المسلحة – إن وجدت بمـا فيهـا سرايا السلام ومنع استعمال السلاح في جميع المحافظات عدا صلاح الدين (سامراء وما حولها) أو حسب توجيهات وأوامر القائد العام للقوات المسلحة الحالي".

وتابع "وبخلافه.. فسنتخذ إجراءات أخرى لاحقا.. فترهيب وإخافة المدنيين وإرعابهم أمر محرم وممنوع والاقتتال الداخلي محرم وممنوع".

وليست هذه المرة الأولى التي يخاطب فيها العراقي المقرب من زعيم التيار الصدري، عصائب أهل الحق وسبق له أن وجه لها ولزعيمها عدة شتائم لم تكن معهودة بين الميليشيات الشيعية.

وقال العراقي في بيان نشره على حسابه بتويتر وهو المنصة التي يعتمدها هو والصدر لتوجيه أنصار التيار أو لتوجيه رسائل لخصومه، إن "على قائد القوات المسلحة كبح جماح ميليشيات قيس الوقحة وأمثالها فهي لا تعرف غير الإرهاب والمال والسلطة".

وفي أغسطس/اب هاجم العراقي كتلة 'صادقون' النيابية التي تمثل عصائب أهل الحق ووصفها بكتلة "الكاذبون". وقال حينها في بيان نشره على حسابه بتويتر "كتلة كاذبون ومن لفّ لفّها، تقول التيار الصدري يتحمل المسؤولية لتواجده في الحكومات السابقة"، معلقا أن "الجواب: نعم نتحمل المسؤولية ولا ننفي ذلك".

وتابع "لذلك فنحن كنّا في العملية السياسية كعلي بن يقطين (كان من وزراء هارون الرشيد، الخليفة العباسي ومن أتباع الإمامين الصادق والكاظم ولكنه كان يخفي ذلك)، لكن لم ينفع معكم فأنتم مصرّون على الفساد".

وأشار إلى أن التيار الصدري لا يتحمل مسؤولية الفساد لأسباب منها أنه لم يوافق على الاتفاقية الأمنية التي وصفها بالمخزية في إشارة إلى الاتفاقية الأمنية العراقية الأميركية. كما قال إن التيار الصدري لم يوافق على تلك الاتفاقية، مضيفا أن الصدريين الاحتلال الأميركي "الذي هو من أهم أسباب فسادكم".

وقال أيضا "لم نشترك بمجلس الحكم في حينها على الرغم من إصرار كبيركم على الاشتراك في حينها"، في إشارة إلى زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، مضيفا "حاسبنا فاسدينا أو من نشكّ بفسادهم.. ورفضتم ذلك منّا والتحق فاسدونا معكم".

وعدد أيضا أسبابا أخرى منها أن من وصفها بـ"كتلة كاذبون أوضح دليل على أننا قاومنا الفساد وإلاّ لما كنتم مطرودين من التيار.. ولم نفاوض المحتل من أجل الخروج من السجون كما فعلتم".

وأشار كذلك إلى أن زعيم التيار الصدري (مقتدى الصدر) كان يسارع لوأد الفتن التي تؤججها عصائب أهل الحق قائلا "ما إن أجّجتم الفتن بيننا وبينكم سارع قائدنا لإطفائها".

وقال وزير الصدر كذلك في انتقاده لكتلة صادقون "التبعية أكبر أسباب الفساد وكبيركم يقول بما معناه: تبعيتنا سرّ نجاحنا"، متهما عصائب أهل الحق بالاعتداء على مصفاة بيجي.

وهاجم بشدة زعيم العصائب بالقول "كبيركم يقول لو تمّ محاسبة الفاسدين لامتلأت السجون.. بمعنى أنه لابد من عدم محاسبتهم"، مضيفا "تخلّينا عن المشاركة في الانتخابات وسجنا 73 نائبا قحيّا لكي لا نتوافق مع فسادكم".

وختم العراقي بيانه حينها بالقول "تستغلون أفراد الحشد الشعبي لتلبية شهواتكم ونحن نريد حفظ دمائهم وحفظ سمعتهم ناصعة، فهم مجاهدون شهداء كرام"، متابعا و"غيرها من الأمور.. فلا تتغافلوا"

وما أن تهدأ التوترات بين عصائب أهل الحق والصدريين حتى تتفجر مجددا لسبب أو لآخر لكن لم تخرج التوترات عن سياق الأزمة الراهنة فيما تنذر بصدام محتمل بين الفصيلين.

وجاءت دعوة 'وزير' الصدر فيما تشهد محافظة البصرة اضطرابات أمنية ليلية تخللتها أعمال عنف نسبها الصدريون لميليشيا عصائب أهل الحق.

ودفع الكاظمي بتعزيزات أمنية وعسكرية للمحافظة في محاولة لإعادة الاستقرار للمحافظة النفطية والتي تشهد من فترة إلى أخرى اشتباكات مسلحة متقطعة وهجمات صاروخية واحتجاجات اجتماعية.

وفي الأيام الأخيرة تعرضت مقرات ميليشيات شيعية بعضها تتخذ من القصور الرئاسية في المحافظ مقرا لها لهجمات صاروخية.

وفي تغريدة نشرها على حسابه بتويتر، دعا الخزعلي من جانبه إلى حصر السلاح بيد الدولة وهو أمر يبدو مريبا باعتبار أن ميليشيا عصائب أهل الحق تحتفظ بسلاحها وقامت باستعراضات قوة في الشوارع العراقية في أكثر من مناسبة.

وقال زعيم العصائب "عاشت محافظة البصرة العزيزة في الأيام الماضية أوقات عصيبة من ترويع الناس وتهديد أمنهم وممتلكاتهم - ومع التجاوز عن الإساءة الشخصية التي تكررت مع الأسف الشديد قربة إلى الله سبحانه وتعالى - ومن أجل الحفاظ على سلامة أهلنا وعشائرنا الكريمة وحفظ الدماء البريئة وتغليبا للمصلحة العامة في الحفاظ على السلم الأهلي، نجدد الدعوة إلى حصر السلاح بيد الدولة وأن لا تأتمر القوات الأمنية بكافة مسمياتها الثانوية إلا بأمر القائد العام للقوات المسلحة وهو ما دعونا إليه سابقا في أكثر من مناسبة".

وتابع "وفي حال استمرار المخالفات وعدم الالتزام فإنني أدعو الأجهزة الأمنية إلى اتخاذ إجراءات رادعة وحاسمة وتطبيق القانون وفرض النظام على الجميع دون استثناء".