الضغوط الشعبية تطيح برئيس المجلس العسكري في السودان

المجلس العسكري الانتقالي يؤجل اجتماعا مع القوى والأحزاب السياسية فيما يواصل السودانيون الاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع بالخرطوم.


الفريق أول عبدالفتاح برهان رئيسا للمجلس الانتقالي العسكري في السودان
المجلس العسكري يصطدم برفض شعبي لقراراته
تجمع المهنيين السودانيين: الثورة مستمرة حتى إسقاط النظام كاملا
السودانيون يطالبون بحكومة مدنية خالصة
الضغوط الشعبية تدفع العسكر لتأجيل الحوار السياسي

الخرطوم - أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان عوض بن عوف مساء الجمعة تنحيه عن منصبه، بعد أقل من 24 ساعة على أدائه اليمين الدستورية.

وقال في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، إنه يتنازل عن منصبه رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي، فيما أعلن اختيار الفريق أول عبدالفتاح البرهان خلفا له. كما أعلن إعفاء كمال عبدالمعروف من منصبه نائبا لرئيس المجلس دون أن يذكر بديلا له.

وفي وقت سابق من مساء الجمعة، أعلن التلفزيون الرسمي، أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي (عوض بن عوف)، سيقدم بيانا مهما، في وقت لاحق.

ومساء الخميس أعلن بن عوف عزل الرئيس عمر البشير واعتقاله في مكان آمن وبدء فترة انتقالية لعامين تتحمل المسؤولية فيها اللجنة الأمنية العليا والجيش وتنتهي بإجراء انتخابات.

كما أعلن تعطيل العمل بالدستور وإعمال حالة الطوارئ في البلاد لثلاثة أشهر وفرض حظر تجوال ليلي لمدة شهر حظر تجوال ليلي.

وتأتي استقالة بن عوف على اثر ضغوط شعبية متواصلة، فيما اضطرّ المجلس الذي تشكل على اثر عزل الرئيس عمر البشير، إلى تأجيل اجتماع مع الأحزاب والقوى السياسية إلى موعد آخر لم يحدده، وفق وكالة الأنباء السودانية (سونا).

ويأتي قرار المجلس العسكري الانتقالي تحت الضغط الشعبي الرافض لقراراته الأخيرة، حيث واصل آلاف السودانيين التدفق على مقرّ الاعتصام أمام مبنى وزارة الدفاع في الخرطوم.  

وأضافت الوكالة أنه يتعين على كل حزب سياسي أولا أن يقدم غدا السبت أسماء ممثلين اثنين مفوضين من الحزب لحضور الاجتماع، وهو ما يوحي بأن قرار التأجيل يأتي لأسباب تنظيمية، لكن الواقع يشير إلى أن رفض قوى الحراك الشعبي بكل مكوناتها هو ما دفع المجلس العسكري لإرجاء الاجتماع.

والخميس أدى بن عوف اليمين الدستورية، رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي بعد ساعات من قيام الجيش بعزل الرئيس عمر البشير من منصبه.

وفي ذات اليوم، أعلن بن عوف عزل البشير واعتقاله في مكان آمن وبدء فترة انتقالية لعامين تتحمل المسؤولية فيها اللجنة الأمنية العليا والجيش وتنتهي بإجراء انتخابات.

كما أعلن إعمال حالة الطوارئ في البلاد لثلاثة أشهر وفرض حظر تجوال ليلي لمدة شهر حظر تجوال ليلي.

وتأتي قرارات بن عوف، عقب احتجاجات تشهدها السودان منذ 19 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، بدأت منددة بالغلاء وتحولت إلى المطالبة بإسقاط النظام، مسفرة عن سقوط عديد من القتلى والجرحى.

وكان الفريق عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري قد قال في وقت سابق اليوم الجمعة، إن المجلس سيعقد حوارا مع الكيانات السياسية لتهيئة الأجواء من أجل حوار.

لكن المجلس العسكري اصطدم بواقع رفض شعبي واسع لقراراته، حيث دعا تجمع المهنيين السودانيين مساء الجمعة، إلى التوجه إلى مقر قيادة الجيش، لـ"الحفاظ على مكتسبات الثورة"، عقب الإعلان عن بيان مرتقب لرئيس المجلس العسكري الانتقالي.‎

ووجه تجمع المهنيين السودانيين الجهة الرئيسية المنظمة للاحتجاجات، في بيانه نداء لسكان العاصمة الخرطوم والمناطق المجاورة بالخروج للشوارع فرادى وجماعات، للاعتصام أمام القيادة العامة للجيش "حمايةً لأهداف الثورة ومكتسباتها".

وطلب من سكان القرى وبقية المدن للخروج للشوارع وتسيير مسيرات نحو ساحات الاعتصام المختلفة والبقاء فيها بأعداد كبيرة وعدم مبارحتها". وقالوا إن "الثورة مستمرة حتى إسقاط النظام كاملا وتسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية".

وتظاهر عشرات السودانيين أمام مقر الأمم المتحدة بنيويورك اليوم الجمعة للمطالبة بتسليم الرئيس المعزول عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

ونظم المظاهرة سودانيون يحمل أغلبهم الجنسية الأميركية، بالتزامن مع جلسة مجلس الأمن المنعقدة بالمقر الدائم للمنظمة الدولية لمناقشة الوضع الحدودي بين السودان وجنوب السودان.

وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها باللغة الإنكليزية "البشير مجرم حرب" و"لا بد من محاكمة البشير".

وفي وقت سابق، قال رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري السوداني الفريق أول عمر زين العابدين، تعقيبا على مطالب بتسليم البشير للمحكمة الجنائية "لن نسلم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية. نحاكمه ولن نسلمه".

والخميس طالبت المحكمة الجنائية الدولية، السلطات السودانية بتسليم البشير تنفيذا لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرين باعتقال البشير في 2009 و2010 لاتهامه بـ"تدبير إبادة جماعية وأعمال وحشية أخرى" في إطار حملته لسحق تمرد في إقليم دارفور منذ 2003.

وأنهى مجلس الأمن الدولي اليوم الجمعة جلسة مشاورات طارئة ومغلقة خصصت لتطورات الوضع في السودان بأن تجنب اتخاذ أي موقف معتبرا أن ما حدث يعتبر شأنا داخليا، وفق مندوب الكويت لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي.

وأوضح السفير الكويتي أن "أعضاء المجلس قرروا عدم الحديث للصحفيين حول هذا الموضوع، لكن هناك قلق إزاء ما يجري وهناك دعوة عامة بضبط النفس والتزام الهدوء في السودان".

وتابع "نحن ندعم الطموحات المشروعة للشعب السوداني وسنواصل متابعة الموقف عن كثب، لكن لا نريد التدخل في شأن داخلي بالسودان. هذه مسألة داخلية ولا يجب أن نتدخل".

وكانت الولايات المتحدة و5 دول أوروبية دعت إلى عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي الجمعة، لبحث التطورات الأخيرة في السودان، عقب عزل الرئيس عمر البشير وتولي المجلس العسكري إدارة البلاد لفترة انتقالية.