العدل الدولية تضع نهاية لمزاعم السودان ضد الإمارات برفض الشكوى
لاهاي – رفضت أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة الإثنين دعوى رفعها السودان ضد الإمارات بتهمة التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية في الحرب التي تمزق البلاد منذ أكثر من عامين، استنادا إلى غياب الاختصاص القضائي وبناء على هذا القرار سيتم رفع القضية من سجل المحكمة وإنهاء كافة الإجراءات المتعلقة بها بشكل رسمي في سابقة تاريخية لم تشهدها المحكمة منذ 25 عاما.
ورحبت أبوظبي الاثنين بقرار المحكمة وقالت وكالة أنباء الإمارات "يؤكد هذا القرار ما كان جليا منذ مدة طويلة، وهو أن الدعوى المقدمة من قبل القوات المسلحة السودانية باطلة ولا أساس لها من الصحة".
وتابعت "لطالما أعربت دولة الإمارات عن رفضها ادعاءات القوات المسلحة السودانية الزائفة والتي تمثل محاولة واضحة لتشتيت الانتباه عما اقترفه الجيش من فظائع إنسانية في السودان". وأضافت أن القرار سابقة تاريخية لم تشهدها المحكمة منذ عام 2000.
ودأب الجيش السوداني على إطلاق الاتهامات ضد أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع دون أي أدلة ملموسة، بينما تكشف الوقائع والتقارير الدولية أن القوات العسكرية هي من تمارس أنشطة خارجة عن القانون الدولي، ما يُفقد مزاعمها الموجهة للدولة الخليجية مصداقيتها السياسية والأخلاقية، في حين تؤكد الامارات التزامها بالحياد ودعمها للسلام والاستقرار في السودان، وهو ما يزعج الجيش الذي يريد انحيازا لصالحه.
وقالت ريم كتيت، نائب مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية ممثلة دولة الإمارات أمام المحكمة: "يؤكد القرار بشكل واضح وقطعي أن الدعوى المقدمة لا أساس لها من الصحة ومن البديهي، فإن قرار اليوم يمثل رفضا حاسما لمحاولة القوات المسلحة السودانية استغلال المحكمة لنشر المعلومات المضللة وتشتيت الانتباه عن مسؤوليتها في الصراع".
وأضافت "مع دخول الحرب المدمرة في السودان عامها الثالث، تدعو دولة الإمارات، القوات السودانية وقوات الدعم السريع لإنهاء الحرب دون شروط مسبقة، والالتزام في المفاوضات، والسماح بالوصول إلى المساعدات الإنسانية دون أي عوائق .. يجب أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل حازم لتسهيل الانتقال إلى عملية سياسية بقيادة مدنية مستقلة عن سيطرة الجيش، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الفظائع الإنسانية".
وتابعت "نؤكد التزامنا بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتعزيز العمل الجماعي وبناء مستقبل يسوده السلام والازدهار للشعب السوداني.
ولطالما نفت الإمارات تقديم دعم لقوات الدعم السريع، واصفة القضية بأنها "مسرحية سياسية" تنطوي على "محاولة أخرى لصرف الانتباه عن هذه الحرب الكارثية" التي أودت بعشرات آلاف الأشخاص وشرّدت الملايين وتسبّبت بمجاعة في أجزاء كبيرة من البلاد الواقعة في شمال شرق إفريقيا.
وجاء قرار محكمة العدل الدولية بعد أيام قليلة على إعلان السلطات الإماراتية، إحباط محاولة تهريب شحنة من العتاد العسكري إلى الجيش السوداني عبر أراضيها، مؤكدة اعتقال خلية تعمل لصالح أطراف سودانية عسكرية، وتورطت في أنشطة ووساطات غير قانونية لتمرير أسلحة دون تصاريح رسمية،
وأثبت تفكيك تلك الخلية عملية تحايل وخداع يمارسها الجيش السوداني بغرض إظهار تورط الامارات في الصراع بعد حملة أكاذيب روجت لها الحكومة الموالية للجيش زعمت فيها تزويد أبوظبي قوات الدعم السريع بالأسلحة والعتاد.
ورغم هذا الكشف، إلا أن الإمارات لم توقف جهودها في المجال الإنساني، إذ واصلت تقديم مساعدات حيوية للسودانيين، خاصة للمدنيين واللاجئين في مناطق النزوح داخل السودان وفي دول الجوار. وتحرص الامارات على التأكيد بأن موقفها من الأزمة السودانية ينبع من دعمها لحل سلمي وشامل يُنهي الحرب ويعيد الاستقرار إلى البلاد.
وقد دعت القيادة الإماراتية مرارًا إلى وقف إطلاق النار، وفتح مسارات للحوار بين الأطراف السودانية، وشددت على ضرورة احترام سيادة السودان وحق شعبه في تقرير مصيره دون تدخل خارجي.
ويشهد السودان، ثالث أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة، منذ أبريل/نيسان 2023 حربا مدمرة اندلعت على خلفية صراع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب العام 2021، ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وأسفرت الحرب عن سقوط عشرات آلاف القتلى وتشريد 13 مليون نسمة فيما تعاني بعض المناطق المجاعة، وسط "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم بحسب الأمم المتحدة.
وتأكد مقتل نحو 540 مدنيا في ولاية شمال دارفور السودانية في الأسابيع الأخيرة. وندّدت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي بأعداد "مرعبة" للقتلى وبتفشي العنف الجنسي.
وأصبحت ولاية شمال دارفور ساحة معركة رئيسية في الحرب التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان 2023.
ووفق تقرير مدعوم من الأمم المتحدة، تضرب المجاعة خمس مناطق في السودان، بما في ذلك مخيما زمزم وأبوشوك وأنحاء في جنوب البلاد.
وقال مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن "فظاعة ما يحدث في السودان هي بلا حدود". وأعربت محكمة العدل الدولية عن "بالغ القلق إزاء المأساة الإنسانية في السودان التي تشكّل خلفية للمنازعة القائمة". وندّدت بـ"الآثار المدمّرة للنزاع العنيف التي تزهق الأرواح وتثير معاناة لا توصف، لا سيّما في غرب دارفور".
وتعتبر أحكام محكمة العدل الدولية التي تنظر في النزاعات بين الدول، نهائية وملزمة، لكن المحكمة لا تملك الوسائل لضمان الامتثال لها.
والأحد، استهدفت ضربة نفذتها قوات الدعم السريع بواسطة مسيّرات لأول مرة مطار بورتسودان، الواقعة على البحر الأحمر والمقر الحالي للحكومة السودانية الموالية للجيش، في ظل تكثيف الدعم السريع لهجماتها على معاقل الجيش السوداني في الأسابيع الأخيرة.