العراق يفتح تحقيقا في "القصف التركي" لكردستان

بغداد تسلم السفير التركي مذكرة احتجاج شديدة اللهجة على خلفية الاعتداء في دهوك، تطالب بانسحاب القوات التركية من العراق.

بغداد - كشفت قيادة العمليات المشتركة في العراق، الخميس، عن استئناف اللجان تحقيقاتها حول القصف التركي لمنطقة كردستان، والذي أودى بحياة تسعة مدنيين في حدث من شأنه زيادة التوتر بين البلدين الجارين.

وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، في إيجاز صحافي نقله التلفزيون الرسمي العراقي، إنه "تم البدء بالتحقيقات العراقية الخاصة لمعرفة ملابسات القصف"، دون ذكر مزيد من التفاصيل.

وبغضب وحزن، شيّع العراق الخميس ضحايا قصف حمّلت بغداد أنقرة مسؤوليته، ونقلت التوابيت التسعة بسيارة إسعاف، بينها تابوت طفل صغير، ولفّت بالعلم العراقي وأكاليل الورود. وحمل وزير الخارجية فؤاد حسين ورئيس الإقليم نجيرفان بارزاني، نحو الطائرة، التابوت الصغير، قبل أن تقلع إلى بغداد.

وفي مطار بغداد الدولي، استقبل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الجثامين وتقدم مراسم التشييع الرسمي، بحضور عدد من القيادات الأمنية والمسؤولين والتقى بعائلات الضحايا، بحسب بيان رسمي.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي الخميس يوم حداد وطني، فيما تصاعد الغضب الشعبي في العراق على المأساة التي أودت بحياة تسعة عراقيين وأدّت إلى إصابة 22 بجروح.

وغالبية الضحايا هم من وسط وجنوب البلاد، يتوجهون إلى المناطق الجبلية في كردستان المحاذية لتركيا، هرباً من الحرّ.

وأكدت الحكومة العراقية، الخميس، أن جميع جرحى القصف التركي بدهوك البالغ عددهم 22 جريحًا، تلقوا الرعاية الصحية اللازمة، فيما أشارت إلى أن 3 منهم في العناية المركزة.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، إن الجرحى هم مواطنون عراقيون سواء أكانوا من دهوك أم من البصرة أم الأنبار يحق لهم العلاج في أي مؤسسة صحية عراقية داخل البلاد"، موضحًا، أن "الإسعاف موجود في حال احتجنا إلى نقل الجرحى للعلاج في مستشفى قريب أو بعيد في الإقليم أو خارجه"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية.

وأوضح أن هناك متابعة مباشرة وفورية من قبل الحكومة حسب التخصصات، وتواصل وزير الصحة بشكل مباشر مع وزير صحة كردستان، ووجه بإيفاد وفد رفيع المستوى من الوزارة من مديرية العمليات والخدمات الطبية الطارئة والإسعافات ونقل الجرحى وجثامين الشهداء، حسب التقارير الواردة. 

وفي الأثناء، أعلن البرلمان العراقي عقد جلسة السبت المقبل، لمناقشة القصف الذي استهدف محافظة دهوك.

ونشرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) وثيقة توضح أن الجلسة البرلمانية التي ستبدأ في الحادية عشرة من صباح السبت سوف "تشهد مناقشة الاعتداءات التركية على الأراضي العراقية بحضور وزير الدفاع ووزير الخارجية ورئيس أركان الجيش"، وفقاً لما جاء في الوثيقة.

ويتواصل التصعيد سياسياً في بغداد ضد الجانب التركي، فيما نفت أنقرة صلتها بالهجوم المدفعي الذي استهدف المنتجع السياحي وإلقاء المسؤولية على مسلحي حزب العمال الكردستاني الذي نشط في المنطقة.

وسلمت وزارة الخارجية العراقية السفير التركي في بغداد علي رضا كوناي الخميس مذكرة احتجاج شديدة اللهجة على خلفية الاعتداء في دهوك، وطالبت بسحب قوات بلاده من الأراضي العراقية، وفق بيان أوردته وكالة الأنباء العراقية (واع).

وجددت الوزارة الخارجية في البيان تأكيد حق العراق في اتخاذ كل الإجراءات التي كفلتها المواثيق الدولية التي من شأنها حماية سـيادته وأرضه وسلامة مواطنيه مـن الاعتداءات الآثمة والمستنكرة".

وأكدت أن "العراق وإذ يطالب بانسحاب القوات التركية كـافـة مـن داخل الأراضي العراقية فإنه يدعو تركيا لـحل مشـاكلها الداخلية بعيـدا عـن حدود العراق وإلحاق الأذى بشعبه، ويطالبها بتقديم اعتذار رسمي عن هذه الجريمة وتعـويض ذوي الشهداء الأبرياء والجرحى".

وتابعت الوزارة في بيانها أنها مستمرة بحشد كافة الجهود ومصادر القوة للوقوف أمام هذا التحول الخطير في سلسلة الاعتداءات التركية.

وتشنّ أنقرة التي تقيم منذ 25 عاماً قواعد عسكرية في شمال العراق، عمليات عسكرية ضدّ متمردي حزب العمال المتمركز في مخيمات تدريب وقواعد خلفية له في المنطقة.

وتُفاقم العمليات العسكرية التركية في شمال العراق الضغط على العلاقات بين أنقرة وحكومة العراق المركزية في بغداد التي تتهم تركيا بانتهاك سيادة أراضيها، رغم أنّ البلدين شريكان تجاريان هامّان.

وغالباً ما تستدعي بغداد السفير التركي لوزارة الخارجية للاحتجاج، لكن هذه الاجراءات تبقى معظم الوقت بدون نتيجة.

وتظاهر العشرات صباح الخميس أمام مركز لمنح تأشيرات دخول إلى تركيا، وسط اجراءات أمنية مشددة، مطالبين بطرد السفير التركي من العراق، كما أفاد مصوّر في فرانس برس.

وبثّت أغاني وطنية عبر مكبّرات صوت، فيما رفع بعض المتظاهرين لافتةً كتب عليها "أنا عراقي، أطلب طرد السفير التركي من العراق".

ودانت العديد من الدول العربية والغربية الهجوم واعتبرت الولايات أن "قتل المدنيين أمر غير مقبول"، وأكدت استمرار دعمها القوي لسيادة وأمن وازدهار العراق.

في طهران، ندد متحدّث باسم الخارجية بالهجمات، وأكّد على دعم "إيران الحازم للاستقرار والأمن" في العراق.

جرت تظاهرات مماثلة ليل الأربعاء في مناطق مختلفة من البلاد أمام مراكز منح تأشيرات الدخول، مثل كركوك شمالاً، والنجف وكربلاء، أكبر مدن جنوب العراق.

وحرق المتظاهرون الأعلام التركية، وقاموا بدوسها، رافعين صوراً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان كتب عليها "إرهابي".

غالباً ما تأتي هذه التحركات بمبادرة من التيار الصدري، تيار الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر الذي يتمتع بقاعدة شعبية واسعة.

وصعّدت بغداد ليل الأربعاء النبرة بمطالبتها بانسحاب الجيش التركي من أراضيها. كما أعلنت السلطات العراقية استدعاء القائم بأعمالها من أنقرة "وإيقاف إجراءات إرسال سفير جديد إلى تركيا"، بحسب بيان رسمي.