العزلة والمصالح تدفع الجزائر للمصالحة مع إسبانيا

الجزائر تدرك أن عودة الدفء إلى العلاقات مع مدريد لن تؤثر على الدعم الإسباني الراسخ لسيادة المغرب على صحرائه.

الجزائر - تعكس زيارة رئيس الوزراء الجزائري نذير العرباوي إلى مدريد للمشاركة في مؤتمر "تمويل التنمية" الذي تحتضنه مدينة إشبيلية الإسبانية اليوم الاثنين، مساعي الجزائر للمصالحة مع مدريد وطي صفحة الخلاف بعد أن فشلت كافة محاولاتها للضغط على مدريد بهدف دفعها للتراجع عن دعمها الراسخ لسيادة المغرب على صحرائه.

وتدرك الجزائر أن قطع علاقاتها مع إسبانيا، الشريك الأوروبي الهام، كان له تأثير سلبي، وتسعى في الوقت الراهن لتخفيف هذه التداعيات وترميم خسائرها التي طالت عدة قطاعات حيوية.

وتتزامن عدة الدفء إلى العلاقات الجزائرية الإسبانية مع تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا، خاصة بعد اعتراف باريس بسيادة المغرب على صحرائه، فيما يشير محللون إلى أن البلد الواقع في شمال أفريقيا لا يستطيع تحمل أزمة مع بلدين بهذه الأهمية، في نفس الوقت، مما دفعه للمصالحة مع إسبانيا، مدفوعا بمخاوفه من تنامي عزلته.

وجددت الحكومة الإسبانية مرارا موقفها الثابت من مغربية الصحراء ومن مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب سبيلا وحيدا لإنهاء النزاع المفتعل من قبل جبهة بوليساريو الانفصالية.

وتصاعدت التوترات بين الجزائر وإسبانيا بشكل كبير في مارس/آذار 2022 بعد أن غيرت المملكة موقفها من قضية الصحراء المغربية، ودعمت مقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب. وصعدت الحكومة الجزائرية بسحب سفير البلاد من مدريد وتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار، وتجميد التبادل التجاري باستثناء إمدادات الغاز.

وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشير قد أكد في وقت سابق أن بلاده "تربطها علاقات وثيقة مع الجزائر"، مضيفا أنها "شريك استراتيجي وبلد صديق، ويمكننا كما يجب علينا أيضا، الاعتماد على هذه الصداقة".

واضطرت الجزائر إلى تكثيف جهودها لترميم علاقاتها مع إسبانيا مدفوعة برغبتها في الحفاظ على التعاون مع مدريد في العديد من الملفات المشتركة من بينها مكافحة الهجرة غير الشرعية وانتشار التنظيمات الجهادية في منطقة الساحل الأفريقي، بالإضافة إلى سعيها لتنويع اقتصادها.

ورفع البنك المركزي الجزائري القيود على التجارة الخارجية مع إسبانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بهدف استئناف التبادل التجاري الذي بدأ يعود تدريجياً إلى مستوياته السابقة، فيما تشير التطورات إلى إمكانية بدء شراكة استراتيجية جديدة في مجالات مثل اللوجستيات والنقل البحري والتنويع الصناعي والابتكار والطاقة المتجددة، والزراعة.

وتعكس هذه المساعي توجهاً دبلوماسياً جزائرياً لإعادة صياغة تموقع البلاد بتقريب المسافات مع بعض العواصم الأوروبية التي تعيد هي الأخرى تقييم مواقفها الإقليمية في عالم يشهد تحولات سريعة في موازين القوى والتحالفات.

والمساعي الجزائرية للمصالحة مع مدريد، التي ترتبط بعلاقات وثيقة وشراكة إستراتيجية مع الرباط، لا تعني مراجعة الموقف الإسباني الثابت بشأن دعم سيادة المغرب على صحرائه، بالنظر إلى أن مدريد تعتبر قراراتها السيادية خطا أحمر.