العقوبات الغربية تضغط على روسيا وشركائها بشكل غير مسبوق

الانهيار الاقتصادي السريع الذي تنبأ به الغرب في روسيا لم يتحقق رغم بعض الصعوبات التي يواجهها.

موسكو - قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين الخميس، إن روسيا تعمل مع شركائها وسط ضغوط غير مسبوقة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

جاء ذلك بعد أن ذكرت رويترز أن موسكو تعاني من بعض التأخير في تلقي مدفوعات النفط. وذكرت أن شركات نفط روسية تواجه تأخيرات تصل لعدة أشهر في تلقي المدفوعات مقابل الخام والوقود في ظل تزايد حذر بنوك في الصين وتركيا من العقوبات الأميركية الثانوية.

ويؤدي تأخير سداد المستحقات إلى تراجع وعدم انتظام إيرادات روسيا، مما يسمح لواشنطن بتحقيق الشقين المستهدفين من العقوبات، وهما تعطيل الأموال الواردة إلى موسكو لمعاقبتها على الحرب في أوكرانيا دون إحداث اضطرابات في تدفقات الطاقة العالمية.

وقال بيسكوف للصحافيين في مؤتمر صحفي عبر الهاتف "لأن الدول التي ذكرتموها تتعرض لضغوط غير مسبوقة من السلطات المالية وغيرها من الجهات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن هذا العمل يجري تنفيذه بالطبع، لكن يجري تنفيذه بسرية".

وأضاف "نعمل بشكل بناء للغاية مع شركائنا ونكثف العمل، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر التي تنشأ عن هذا الضغط غير المسبوق والذي ينتهك جميع القواعد والأعراف الواضحة للتجارة الدولية والعلاقات الاقتصادية".

وردا على العقوبات الأميركية والأوروبية، قامت روسيا بإلغاء اعتماد اقتصادها على الدولار وزادت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة التعاملات المالية بالعملات الوطنية مع الشركاء الذين يقبلونها.

وقد تمكنت روسيا من الالتفاف على العديد من العقوبات من خلال تطوير العلاقات التجارية مع شركائها، مثل الصين، ولكن في مواجهة التهديد الأميركي والأوروبي بفرض عقوبات، خفضت جهات اقتصادية عديدة في الدول الشريكة أو أوقفت التعاملات مع موسكو. ومع ذلك فإن روسيا تنمو وترتفع الأجور بقوة، مما يعزز الاستهلاك والاندفاع نحو العقارات.

وقال الصحافي بنيامين بيدر في تقرير لمجلة دير شبيغل أن سلسلة الازدراء الغربي التي يتعرض لها الاقتصاد الروسي طويلة، بدءا من تهكم سيرغي برين مؤسس غوغل بأن البلد الذي ولد فيه لم يكن سوى دولة نامية ووصفه بـ"نيجيريا مع الثلوج"، إلى المؤرخ يوفال هراري الذي قال إن روسيا "محطة وقود فيها أسلحة نووية"، إضافة إلى الدبلوماسي الألماني السابق فولفغان إيشينغر الذي وصم الاقتصاد الروسي بـ"القزم".

وبعد مرور نحو عامين على فرض العقوبات الأولى بسبب الهجوم على أوكرانيا أثبت الاقتصاد الروسي مرة أخرى قوته على نحو مدهش. ووفقا لتقدير أولي، نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.6 بالمئة عام 2023، وهو أسرع بكثير من القوة الاقتصادية في جميع دول الاتحاد الأوروبي الكبرى.

ولفترة طويلة، تلقت الشخصيات الاقتصادية التقارير الإحصائية الواردة من موسكو بنوع من التشكيك والحذر، فقد كانت موسكو تتلاعب بتلك الأرقام على نطاق واسع كما يقول جيفري سونينفيلد الأستاذ في جامعة ييل، لكن مثل هذه التصريحات أصبحت نادرة، فالانهيار الاقتصادي السريع الذي تنبأ به الغرب في روسيا لم يتحقق.

ويؤكد خبراء مستقلون الإحصاءات الروسية الرسمية إلى حد كبير كتلك التي أوردتها شركة "كوانت كيوب"، وهي شركة متخصصة في الطرق البديلة لتسجيل النشاط الاقتصادي بتقييم الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية، ففي حالة الصين نجحت الشركة بالفعل في الكشف عن تشوهات واسعة النطاق في إحصاءات النمو الصينية الرسمية، ومع ذلك هناك نقص في الأدلة على ذلك في روسيا.

ويقول بينوا بيلوني من شركة "كوانت كيوب" "لا نرى أي دليل على التلاعب، ولا توجد علامات على وجود صعوبات اقتصادية في روسيا، وبياناتنا تظهر العكس"، وفق ما نقلت المجلة الألمانية.