قرار تاريخي يفتح الباب لسلام بين العمال الكردستاني وتركيا
إسطنبول - أعلن حزب العمال الكردستاني اليوم الجمعة أن الجماعة عقدت مؤتمرا هذا الأسبوع واتخذت قرارات وصفتها بـ"تاريخية"، على ما أكدته وكالة ''فرات'' للأنباء المقرّبة من المجموعة المسلّحة، فيما يرجح أن يكون الحزب قد اتخذ قرار حل نفسه، بناء على دعوة مؤسسه عبدالله أوجلان لإلقاء السلاح، في خطوة لم تضع حدا لعقود من الحرب بين التنظيم والقوات التركية.
ويمكن لإعلان محتمل في هذا الشأن أن يفتح الباب لوقف الصراع بين أنقرة والحزب، والذي أسفر عن أكثر من 40 ألف قتيل.
وأعلن الحزب الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "منظمة إرهابية"، في مارس/آذار الماضي وقف إطلاق النار بأثر فوري. وفيما كانت جهود السلام مجمدة منذ نحو عقد، أطلق معسكر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مبادرة قام حليفه الرئيسي القومي دولت بهجلي بطرحها عبر وفد من حزب المساواة وديموقراطية الشعوب، في أكتوبر/تشرين الأول على أوجلان.
ودعا بهجلي حينها الزعيم الكردي إلى نبذ العنف وحلّ حزبه، لقاء الإفراج المبكر عنه. ورحّب حزب المساواة وديموقراطية الشعوب اليوم الجمعة في بيان بـ"القرارات التاريخية التي اتخذها العمال الكردستاني"، معتبرا أنه "تم فتح صفحة جديدة على طريق سلام مشرّف وحل ديموقراطي".
ونشرت الوكالة ما قالت إنه بيان صادر عن الجماعة بعد المؤتمر الذي انعقد في الفترة من الخامس إلى السابع من مايو/أيار في شمال العراق حيث تتمركز المجموعة الآن بعد صراع استمر أكثر من 40 عاما مع الدولة التركية.
ولم يتطرق الحزب في البيان لتفاصيل بشأن ما إذا كان قد قرر نزع سلاحه أو حل نفسه ونقلت ''فرات'' عن الجماعة قولها إن "المؤتمر الثاني عشر اتخذ قرارات ذات أهمية تاريخية بشأن أنشطة التنظيم بناء على دعوة الزعيم آبو"، في إشارة إلى الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، مضيفا أنه "من المقرر نشر معلومات مفصلة بشأن هذه القرارات قريبا جدا".
وأصدر أوجلان، الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة منذ 1999، بيانا عن طريق محاميه في 27 فبراير/شباط يدعو فيه إلى إحياء جهود السلام، بينما واصلت القوات التركية قصفها لمواقع المتمردين الأكراد في العراق وسوريا.
وتحدثت وسائل إعلام تركية عن إرجاء الإعلان عن أعمال المؤتمر إثر وفاة النائب عن حزب المساواة وديموقراطية الشعوب سري سُريا أوندر (62 عاما) السبت، وهو أحد مهندسي الحوار بين أنقرة والعمال الكردستاني.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، رجّح مسؤول بحزب المساواة وديموقراطية الشعوب "بنسبة عالية أن يكون الحزب قد عقد مؤتمره بالفعل لكنه أرجأ الإعلان عنه بسبب وفاة أوندر وذلك يتناسب مع جدول زمني أعلنه في وقت سابق" بهجلي.
وكان بهجلي قد اقترح أن يلتئم حزب العمال الكردستاني في الرابع من مايو/أيار في مدينة ملاذكرد قرب بحيرة وان في شرق تركيا.
واستذكر المجتمعون في المؤتمر، وفق بيان الحزب، سري سُريا أوندر "بكل احترام وامتنان"، داعين "الجميع إلى العمل معا من أجل إنجاح أهداف السلام والمجتمع الديموقراطي لهذا الإنسان القيّم".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصف دعوة أوجلان بـ"الفرصة التاريخية"، توعّد بمواصلة العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في حال لم يتم الإيفاء بالوعود المقطوعة.
وفي منتصف مارس/آذار، أكّد حزب العمّال الكردستاني "استحالة" عقد مؤتمر لإعلان حلّه بسبب استمرار القصف التركي على مواقعه.
وأوضح جميل بيك، أحد قادة الحزب لقناة ستيرك التلفزيونية الكردية "كل يوم، تحلق طائرات استطلاع (تركية)، كل يوم يقصفون، كل يوم يهاجمون".
ولا يعرف حتى الآن ماذا سيكون مصير أوجلان، غير أن مسؤولا في حزب العدالة والتنمية الحاكم لمح إلى أن نظام اعتقاله "سيُخفّف"، دون أن يتطرّق إلى إمكان إطلاق سراحه، بحسب "صحيفة تركيا" الموالية للحكومة.
وقال هذا المسؤول "ستُتخذ بعض التدابير الإدارية. سيُعيّن ضابط لمساعدته في سجن إمرالي. ستُخّفف ظروف الاعتقال..ستزداد كذلك وتيرة اجتماعاته مع حزب المساواة وديموقراطية الشعوب وعائلته".
ولفت أيضا إلى أن "الزعيم الكردي الذي يحظى باحترام كبير لدى أنصار حزبه، يخشى على حياته في حال خرج من السجن ويعلم أنه سيواجه مشكلة أمنية حين يخرج".
وفي شمال العراق تقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية لمواجهة مقاتلي الحزب المنتشرين في مواقع ومعسكرات في إقليم كردستان، لكن رغم وقف إطلاق النار، استمرت المناوشات في الأسابيع الأخيرة بين الطرفين في عدة مناطق في شمال العراق.
وطالب مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في مقابلة مع وكالة فرانس برس منذ شهرين بـ"انسحاب" الحزب والقوات التركية من شمال العراق في حال اتفقت أنقرة مع الحزب على عملية سلام.
وفي زيارة أجراها لأنقرة الخميس والتقى خلالها إردوغان، جدّد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تأكيد بلاده أن "العمال الكردستاني منظمة محظورة"، مذكّرا بأن "الدستور العراقي يلزم الدولة بعدم السماح لأي جهة استخدام الأراضي العراقية".
وكان مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديموقراطية "قسد" التي يقودها الأكراد، رحّب بدعوة أوجلان لكنه أكّد أن قواته غير معنية بها.
وتتهم تركيا المكون الرئيسي للقوات المذكورة، أي وحدات حماية الشعب الكردية، بالارتباط بحزب العمال الكردستاني.
وقُتل أكثر من 40 ألف شخص في الصراع مع حزب العمال الكردستاني، والذي شهد جهودا متقطعة على مر السنين لإحلال السلام كان أبرزها وقف إطلاق نار بين عامي 2013 و2015 وانهار في نهاية المطاف.