الغلاء يعكر على عشاق القراءة موعدهم مع القاهرة للكتاب

اتحاد الناشرين المصريين يقدم حلولا أكثر عملية من خلال الإعلان عن إتاحة تقسيط قيمة المشتريات من المعرض.
صفحات خاصة بهواة القراءة تتسابق في تقديم مقترحات والحث على زيارة الحدث
1047 ناشرا من 53 دولة يشاركون في الدورة الرابعة والخمسين والأردن يحل ضيف شرف عليها

القاهرة - تنطلق الأربعاء في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية الدورة الرابعة والخمسين من معرض القاهرة الدولي للكتاب التي تنتظم تحت شعار 'اسم مصر- معا: نقرأ... نفكر... نبدع' والتي تمتد من 25 يناير/كانون الثاني إلى 6 فبراير/شباط، لكن رغم شوق القراء لهذا الحدث فإن الترقب سيد الموقف بسبب غلاء الأسعار.

ووسط هذا الترقب من هواة القراءة والاطلاع ومن الناشرين على حد سواء بسبب ارتفاع أسعار الكتب التي تضاعف سعر بعضها مقارنة بالعام الماضي أبدت وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني بالتنسيق مع قطاعات الوزارة المختلفة المعنية حرصا قبل افتتاح المعرض على طرح أكبر عدد من العناوين المتنوعة بأسعار مخفضة.

وأكدت الكيلاني في بيان نشرته صفحة المعرض الرسمية بفيسبوك على أهمية المعرض باعتباره حدثا ثقافيا دوليا يُبرز قيمة مصر الحضارية والثقافية وقوتها الناعمة، مشددة على ضرورة الانتهاء من كافة الترتيبات والتجهيزات المرتبطة بالمعرض حتى يخرج بأحسن صورة ويحقق الراحة لزائريه من مصر والدول العربية والأجنبية.

لكن هذه التطمينات لا تنفي بالنسبة إلى الكثيرين واقع الحال الذي يعكس ارتفاعا في الأسعار، فسليم صلاح الذي يعمل محاسبا في إحدى الشركات واعتاد الذهاب إلى المعرض سنويا منذ كان في العاشرة من عمره يقول بحثت عن أسعار بعض الكتب التي صدرت حديثا وكنت أنوي شراءها من المعرض لكن فوجئت بأسعار خيالية.

ولفت صاحب الثالثة والثلاثين ربيعا إلى أن "سعر أحد هذه الكتب التي يرغب في اقتنائها 270 جنيها نحو 10 دولار أميركي، بينما في العادة كان يتراوح ثمنه بين 70 (2.34 دولار) إلى 80 جنيها (2.67 دولار) وأحيانا يصل إلى 100 أو 120 (3.34 و4.01 دولار)على الأكثر".

وأعرب عن عشقه للروايات والكتب التاريخية لكنه يأسف إلى أن أمر اقتنائها صار يحتاج إلى ميزانية قد تصل إلى آلاف الجنيهات، قائلا "أنا ميزانيتي لا تتجاوز الألف جنيه في ظل الظروف الحالية لأن الحياة أولويات، لذلك أخطط لأكثر من جولة في المعرض قبل حسم قرار الشراء".

وتابع "حتى اصطحاب أبنائي إلى المعرض سيكون مشكلة لأني اعتدت شراء كتب تلوين وقصص لهم كل عام ولا أعرف إذا كانت الميزانية ستسمح بتلبية طلباتهم أم لا".

وتحرك سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري مؤخرا إلى ما يقرب من 30 جنيها مقابل الدولار مقارنة مع مستوى 15.70 تقريبا الذي ظل مستقرا منذ 2020 وحتى الحادي والعشرين من مارس/آذار 2022.

ويفسر رئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد ارتفاع أسعار الكتب قائلا "مستلزمات الإنتاج أصبحت مكلفة للغاية، الورق ارتفع سعره ثلاثة أضعاف، خاصة في مصر وفي بعض البلاد ضعفين، لذلك الناشر ليس له ذنب في ارتفاع سعر بيع الكتاب".

وأضاف "أدعو الصحفيين ووسائل الإعلام إلى حث الجميع على زيارة معرض القاهرة، لأن هذا تأكيد على أهمية الحدث بوصفه أكبر المعارض في المنطقة ومن جانب آخر هو حماية لصناعة النشر التي لا تلقى أي دعم حقيقي لأن معظم الدول العربية لا تصنفها باعتبارها صناعة مستقلة".

وبدأت في ظل حوار مستمر عبر منصات التواصل الاجتماعي عن أسعار الكتب بعض الحلول تلوح في الأفق للتغلب على المشكلة وتسابقت صفحات خاصة بهواة القراءة في تقديم مقترحات.

وقدم عمرو المعداوي مؤسس قناة 'الروائي' على يوتيوب بعض النصائح لمتابعيه منها التعرف على أسعار الكتب عبر المنصات الإلكترونية قبل الذهاب للمعرض والبحث عن أصدقاء لهم ذائقة قرائية مشابهة ووضع قائمة مشتريات مشتركة من المعرض ثم تبادل الكتب لاحقا.

كما نصح بشراء الطبعات القديمة من الكتب لأن سعرها سيكون أقل من مثيلاتها الأحدث، لكنه رغم ذلك حث القراء على الذهاب للمعرض في كل الأحوال، قائلا "احذر أن تترك ظروف مؤقتة تبعدك عن أمر يفرحك منذ سنوات تنتظره من السنة إلى أخرى وتعودت عليه وتكسر به روتين يومك".

كما كتب الشاعر والناقد سيد محمود على صفحته بفيسبوك "أكرر الدعوة للأصدقاء لحث الناس على زيارة معرض الكتاب، رجاء كفى منشورات تحبط وتعلن عن الإفلاس الجميع يعاني من مشاكل، لكن هذا ليس مبررا أن تكون سبب في تكاسل فرد عن حضور حدث له أبعاد اقتصادية وثقافية وسياسية".

وأضاف "هناك الكثير من الناس عملها مرتبط ارتباطا وثيقا بكل جنيه يأتي من كتاب، لذلك أقول للجميع عليكم بزيارة المعرض والمشاركة وإن كان بشراء كتاب واحد لا غير، هيئة قصور الثقافة يوجد بها كتب جميلة ومازال سعر لا يتجاوز 5 جنيه (0.17 دولار أميركي)".

أما اتحاد الناشرين المصريين فقدم حلولا أكثر عملية من خلال الإعلان عن إتاحة تقسيط قيمة المشتريات من المعرض من خلال بطاقات الائتمان عبر أحد البنوك الوطنية على مدى ستة شهور وحتى سنة.

وقال سعيد عبده رئيس الاتحاد إنه بجانب إتاحة تقسيط الكتب لرواد المعرض يقدم الاتحاد تسهيلات كبرى لأعضائه من الناشرين من خلال مبادرة لطبع الكتب بالتقسيط أيضا ومبادرات أخرى تهدف إلى تحريك السوق.

ورغم ترحيب عدد كبير من هواة القراءة بمبادرة التقسيط، ما تزال ثمة تخوفات بشأن تفاصيلها وهو ما لخصه الصحفي جورج أنسي في قوله "أرحب بهذه المبادرة جدا لأن أسعار الكتاب أصبحت غير طبيعية وبالتالي هذا حل عملي لكن تخوفي الرئيسي من سعر الفائدة على التقسيط، لأن لو الفائدة عالية فلا معنى للأمر برمته".

وتابع "هناك نقطة أخرى قد تقلل من حجم الاستفادة من المبادرة وهي أن التقسيط يتم من خلال بطاقات الائتمان وليست بطاقات الخصم المباشر البنكية وهناك فرق كبير بينهما وهو ما يعني أن أصحاب النوع الثاني من البطاقات وأنا واحد منهم لن ينتفعوا من المبادرة".

ويُعد معرض القاهرة من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط وفي عام 2006 أُعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب ويزوره حوالي مليوني شخص سنويا.

ويشارك في هذه الدورة التي تنظمها الهيئة المصرية العامة للكتاب 1047 ناشرا من 53 دولة من بينها دول جديدة مثل المجر والدومينيكان وستحل الأردن ضيف شرف عليها.

وتم اختيار الكاتب صلاح جاهين ليكون شخصية المعرض هذا العام والكاتب كامل كيلاني شخصية معرض كتاب الأطفال، بالإضافة إلى أن هذا الحدث سيشمل فعاليات ثقافية تضم لقاءات مع مبدعين وكتاب ومفكرين وفنانين ورموز وقامات مصرية عربية وعالمية لتعزيز دور الثقافة في بناء المستقبل الذي نتطلع إليه.

وبحسب الكيلاني سيتم هذه السنة توجيه الاهتمام بشكل خاص بكتب النشء والأطفال، مع الحرص على تقديم أنشطة فنية مناسبة لمختلف الفئات العمرية، مُشيرة إلى أن المعرض سيشهد للمرة الأولى تنظيم رحلات للأسر والأطفال من 'الأسمرات' و'روضة السيدة' والمدن الحضرية الأخرى المماثلة.