الفنان إلياس سلفاتي يستكشف التفاعل بين الإنسان والطبيعة
مراكش - يستكشف الفنان التشكيلي إلياس سلفاتي من خلال معرضه الفردي المنتظم حاليا بغاليري تندوف بمدينة مراكش تحت عنوان "الشجرة التي تخفي الغابة 2"، التفاعلات بين الإنسان والطبيعة، مسلطا الضوء على قوة وهشاشة هذه العلاقة المعقدة.
ويستجلي الفنان الطبيعة في حركة دائمة مأهولة بالصور الظلية المتلاشية والتركيبات حيث تتلاعب الظلال بالضوء، إنه ينقلنا إلى عالم تتحرك فيه الأشكال الحيوانية في مكان غير محدد، تشبه الحلم تقريبًا، ولكنها تسكنها دائمًا حيوية ملفتة للنظر. يطمس سلفاتي الحدود بين التجريد والتصوير، ويلعب على الغموض البصري. ترسم الخطوط مسارًا بين الواقعي والخيالي، مما يترك للمشاهد حرية التفسير وإنشاء رواياته الخاصة من خلال الأشكال، وفق ما جاء في تدوينة نشرت على حسابه بإنستغرام.
وتضيف التدوينة أن الحيوانات والخيول والغزلان والظباء في أعمال الفنان أحيانًا تكون متميزة، وأحيانًا تندمج في مناظر طبيعية خيالية، تذكرنا بأن كل شيء في هذا العالم مرتبط في حركة متصلة.
ويلتقط سلفاتي بحساسية فريدة جوهر هذه المخلوقات، ويدعونا إلى التفكير بعمق في مكاننا في هذا العالم المشترك مع الآخرين. يقدم لنا انغماسًا حسيًا وفلسفيًا في أعماق الطبيعة، بين الأشكال والألوان والخطوط.. عمل يمكن الوصول إليه ومعقد بشكل لا نهائي.
وتعكس أعمال الفنان افتتانه بـ"عالم تسكنه مخلوقات أسطورية وبغابات عميقة تعيش بها حيوانات عجيبة وبمكونات نباتية وطبيعة شاعرية"، بحسب ورقة تقديمية للمعرض الذي يتواصل إلى غاية الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني المقبل.
واستطاع هذا الفنان التشكيلي المعروف بتصويره الشعري للمخلوقات البحرية والمناظر الطبيعية المتدفقة، حيث يمتزج التجريد بالرمزية بسلاسة، تطوير لغة بصرية مميزة، تمزج بين التأثيرات المتوسطية والإيبيرية.
ويعد إلياس سلفاتي خريج مدرسة الفنون الجميلة في تطوان، من أبرز الأسماء في المشهد الفني المعاصر وواحدا من أوجه ما يعرف بالتشخيصية الجديدة، ويستلهم أعماله بعمق من الطبيعة وخاصة عالم الحيوانات.
وتتسم لوحاته الفنية ببعد روحي، حيث تصبح الأشكال الحيوانية استعارات للحرية والانسجام مع العناصر الطبيعية.
وولد إلياس سلفاتي عام 1967 في طنجة، وتخرّج في مدرسة الفنون الجميلة بتطوان عام 1991 وتكوّن على تقنيات الحفر في مدرسة الفنون الجميلة بمدريد (1992-1994). وتابع مساره التكويني والإبداعي مستلهما طاقاته الفنية داخل المغرب وخارجه في كل من مدريد وباريس ونيويورك، حيث التقى بكبريات نساء وكبار رجال الفن العالمي، مستفيدا منهم ومن مختلف التجارب العالمية بكل انفتاح.
وفي الوقت نفسه تلقى دروسا في السيريغرافيا (الرسم والطباعة على الزجاج أو السيراميك) في مدرسة فنون الغرافيك بمدريد عام 1993، وشارك في العديد من ورش الحفر بتطوان والرسم بأصيلة ولوس أنجلس ومدريد، كما نال العديد من الجوائز في إسبانيا وبلجيكا، وساهم في العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل المغرب وخارجه، كما توجد أعماله الفنية ضمن مجموعات خاصة وعامة ومتاحف مغربية وأجنبية.
ويعود تاريخ المعرض الفردي الأول لسلفاتي الذي يقيم حاليا بين مدريد وباريس وطنجة إلى العام 1987 بمدينة طنجة التي نشأ وتعلّم فيها أبجديات الرسم والنحت، قبل أن يتنقّل في عدد من العواصم العالمية مثريا تجربته التشكيلية التي يجمع فيها بين ثقافتي الشرق والغرب بمفردات مغربية أصيلة. ويذكر أنه عرض أعماله الفنية في جميع أنحاء العالم، لاسيما في أوروبا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط.