القاهرة تحتضن مواهب فنية تعرض أعمالها لأول مرة

ريم محمد تقدم عملها التصويري عن المشاعر، حيث عبرت في أكثر من لوحة عن المشاعر الإنسانية المختلفة: الفرح والحزن والاكتئاب.
ياسمين سمير ترسم تحت عنوان "الزواج المبكر"، طفلة ترتدي ثوب العرس، وعلى وجهها ترتسم ملامح الحزن
منة الله ممدوح تقدم تكوينا رمزيا عن حالة الاكتئاب التي قد يمر بها أي شخص في وقت من الأوقات

بقلم: ناهد خزام

القاهرة – تستضيف قاعة "بيكاسو إيست" في القاهرة حتى الـ11 من سبتمبر/أيلول القادم معرضا جماعيا تحت عنوان "العرض الأول" يضم أكثر من عشرين فنانا وفنانة من خريجي كلية الفنون الجميلة بالقاهرة.
والجديد في هذا المعرض أنه يتيح فرصة العرض الأول للمشاركين فيه، فمعظم العارضين هنا حديثو التخرج ولم يسبق أن عرضوا أعمالهم في أي قاعة من القاعات.
ومن بين العارضين تحضر الفنانة ياسمين سمير من خلال عمل تصويري تحت عنوان "الزواج المبكر"، وفي اللوحة رسمت الفنانة الشابة طفلة ترتدي ثوب العرس، وعلى وجهها ترتسم ملامح الحزن.
الفتاة في الصورة لها نظرات تائهة ولا تدرك حجم المسؤولية التي سوف تلقى على كاهلها وهي لا تزال في هذه السن الصغيرة، أما عن الطربوش الذي رسمته الفنانة إلى جوار الفتاة فيرمز - كما تقول سمير - إلى الرجل الشرقي، وإلى القهر الأبوي والذكوري الذي يمارس ضد المرأة والفتيات الصغيرات في مجتمعاتنا.
من جانبها قدمت الفنانة ريم محمد عملها التصويري عن المشاعر، حيث عبرت الفنانة في أكثر من لوحة عن المشاعر الإنسانية المختلفة: الفرح والحزن والاكتئاب.
وقدمت الفنانة منة الله ممدوح تكوينا رمزيا عن حالة الاكتئاب التي قد يمر بها أي شخص في وقت من الأوقات، والتحديات التي تواجهه في سبيل الخروج من هذه الحالة، هذه التحديات التي عبرت عنها الفنانة على هيئة رموز بصرية مختلفة تحيط بشخص في حالة صراخ أو ألم وكأنه يحاول أن يزيح بيديه حاجزا غير مرئي.
ولم تقتصر الأعمال المقدمة على مجال التصوير فقط، بل شملت أيضا أعمالا للتشكيل بالزجاج والخزف والموزاييك، ومن بين هذه الأعمال يبرز عمل الفنانة سلمى يثرب وهو عبارة عن تشكيل من الزجاج والمعدن تمزج فيه الفنانة بين الحاضر والماضي عبر استخدام عدد من الرموز المعاصرة إلى جانب بعض الرموز الفرعونية.
عالجت يثرب العناصر التاريخية التي استخدمتها على نحو معاصر، بدا ذلك في طريقة اختيارها للألوان والتشكيلات التي تستخدمها، فهي على سبيل المثال لم تعتمد على درجات اللون المعتادة والمستخدمة في الرسوم الفرعونية كالأزرق والأحمر الداكن، لكنها عالجت هذه الرموز القديمة بأسلوب حديث ومعاصر.

معظم الأعمال المشاركة في معرض "العرض الأول" تعد أعمالا مبشرة، ولا يحتاج أصحابها سوى إلى التشجيع والمتابعة، وهو الدور الذي يجب أن تتعاون فيه المؤسسة الثقافية الرسمية مع المؤسسات الخاصة

ومن سوريا قدمت الفنانة منار علواني - وهي خريجة الفنون الجميلة في القاهرة - عملا تحت عنوان "حكاية وطن"، وهو عبارة عن لوحة كبيرة لأحد الأحياء السورية التي أصابها الدمار والخراب، اللوحة لا تحتوي على أي عنصر بشري، هي فقط لمجموعة من الأطلال المهدمة التي يغلب عليها اللون الأحمر كناية عن الحرب، وفي نهاية المشهد نلمح وهجا يشبه اللهب الذي يصعد إلى السماء، وأسفل اللوحة كتبت الفنانة جملة معبرة عن عملها، تقول فيها "بيوتنا أماننا، دفئنا، حياتنا وأهلنا، بيوتنا وطننا، إن ذهبت فقد ذهب كل شيء".
واختارت الفنانة كريستينا كمال موضوعا مختلفا عن مواضيع الأخريات، إذ فضلت أن تعبر عن إحدى القضايا المهمة المتعلقة بالآثار المصرية، وهي قضية التجارة في هذه الآثار.
وتعرض كمال لوحتها تحت عنوان "بائعة الآثار"، وهي تمثل سيدة تجلس أمام مجموعة من القلائد والقطع الأثرية، وإلى جوارها رجل بملامح غربية يتأمل تلك الآثار. اللوحة في مجملها تمثل صورة رمزية لما يحدث على أرض الواقع، فالمتاجرة بالآثار ما هي إلاّ متاجرة بالتاريخ والحضارة، كما تقول الفنانة.
الباليرينا، هو المشروع الذي تشارك به الفنانة الشابة مريم أيمن والذي ترسم فيه مجموعة من راقصات الباليه في أوقات الراحة، وتتسم لوحات أيمن بالليونة في تناول حركات الجسد والأطراف، وقد نجحت أيمن في التعبير بمهارة عن هذه الحركات رغم ما تمثله من صعوبة أحيانا لدى المحترفين.
وتحت عنوان "التنميل" يعرض الفنان شريف منير لوحته التي تحمل مضمونا طريفا بعض الشيء عن شعور التنميل أو الخدر الذي يصيب الأطراف أحيانا وردود الفعل الحركية تجاهه من قبل الأشخاص.
أما الفنانة ياسمينا بدر فتقدم لوحة تحت عنوان "أحاسيس البنات" وتعبر فيها عن مشاعر الفتيات الصغيرات التي تتسم عادة بالرومانسية، حيث ترسم بدر فتاة نائمة في أجواء تشبه الحلم وهي ممسكة بزهرة حمراء وترتدي ثوبا أبيض شفافا.
في المحصلة تعد معظم الأعمال المشاركة في معرض "العرض الأول" أعمالا مبشرة، ولا يحتاج أصحابها سوى إلى التشجيع والمتابعة، وهو الدور الذي يجب أن تتعاون فيه المؤسسة الثقافية الرسمية مع المؤسسات الخاصة لخلق آلية ما تشرف على تقديم هؤلاء الفنانين الجدد إلى ساحة العمل التشكيلي، فعادة ما تمثل البدايات عبئا على الفنانين الشباب الذين يبحثون عادة عن فرصة العرض الأول.