القوات الروسية تتموقع شمال سوريا استعدادا لانسحاب الأكراد

مئات الأكراد تظاهروا في القامشلي ضد الاتفاق الروسي مع الأتراك، معتبرين أنه يرقى إلى مصاف التطهير العرقي والإبادة الجماعية.

القامشلي (سوريا) - توجهت القوات الروسية الأربعاء إلى الحدود مع تركيا لضمان انسحاب القوات الكردية، غداة التوصل إلى اتفاق بين أنقرة وموسكو أفقد الأكراد السيطرة على المناطق التي كانت خاضعة لهم في شمال شرق سوريا.

وقالت وكالة إنترفاكس للأنباء نقلا عن وزارة الدفاع الروسية إن الحكومة السورية ستقيم 15 مركزا على الحدود مع تركيا، وذلك في إطار الاتفاق بشأن انسحاب الأكراد.

وفقدت القوات الكردية، التي كانت تسيطر على نحو ثلث الأراضي السورية منذ أسبوعين، الكثير من نفوذها بعد أن منح الاتفاق الذي أبرم الثلاثاء تركيا حق الانتشار على طول حدودها مع سوريا وهو كان الهدف الرئيسي للهجوم الذي شنته تركيا في 9 تشرين الأول/أكتوبر.

ويقضي الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وتركيا بانسحاب القوات الكردية لنحو 30 كيلومتراً عن طول الحدود التركية البالغ 440 كيلومترا، ما يعني إجبارهم على التخلي عن بعض المدن الرئيسية التي كانت تحت سيطرتهم.

ويقوّض الاتفاق، الذي وصفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه "تاريخي"، حلم الأقلية الكردية بالتمتع بحكم شبه ذاتي في شمال سوريا، وقد يؤدي بالنتيجة إلى دمج قواتهم ضمن صفوف جيش النظام.

وأفادت وكالة أنباء تاس الروسية وشبكة "روسيا24 " الأربعاء أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت أن الشرطة العسكرية الروسية عبرت نهر الفرات ظهرا "وتتقدم باتجاه الحدود السورية التركية".

وينص الاتفاق، الذي تم التوصل إليه الثلاثاء في منتجع سوتشي، على أن تقوم الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوريين بـ"تسهيل انسحاب" عناصر وحدات حماية الشعب الكردية وأسلحتهم من منطقة تمتد حتى عمق 30 كلم على الحدود بين سوريا وتركيا.

وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية "إرهابية" على اعتبار أنها فرع لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا والذي شن تمرداً فيها منذ العام 1984.

ويوجب النص إتمام هذه العملية في غضون 150 ساعة.

وستسيّر روسيا وتركيا بعد ذلك دوريات مشتركة في منطقتين حتى عمق عشرة كيلومترات شرق وغرب المنطقة التي سيطرت عليها تركيا في عمليتها التي أطلقت عليها "نبع السلام"، والممتدة على طول 120 كيلومترا وبعمق يبلغ 32 كيلومترا بين بلدتي راس العين وتل أبيض.

وسيسمح ذلك لتركيا بتسيير دوريات مشتركة مع روسيا في مناطق داخل الأراضي السورية لم تشملها عمليتها العسكرية.

وقال متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية إن الشرطة العسكرية الروسية انتشرت في مدينة عين العرب (كوباني) الرئيسية الأربعاء.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، من جهته، إن رقعة "المنطقة الآمنة" كانت هادئة الأربعاء.

وفي القامشلي، التي يسيطر عليها الأكراد ولا يشملها اتفاق سوتشي، تظاهر المئات ضد الاتفاق الأربعاء، معتبرين أنه يرقى إلى مصاف التطهير العرقي والإبادة الجماعية.

وقال طلعت يونس المسؤول في الإدارة الذاتية خلال المشاركة في التظاهرة "هذا الاتفاق يراعي مصالح الدول ولا يراعي مصالح الشعوب".

وأضاف "إن هدف تركيا هو قتل الأكراد وتهجير الأكراد"، فيما كان المتظاهرون يلوحون بالأعلام هاتفين بشعارات مناهضة للقوات التركية.

وأطلقت تركيا في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر هجوماً على شمال شرق سوريا بعد انسحاب القوات الأميركية المنتشرة على طول الحدود، والتي كانت بمثابة قوة فاصلة بين تركيا، حليف واشنطن في حلف شمال الأطلسي، والمقاتلين في قوات سوريا الديمقراطية.

وبات الأكراد في وضع حرج بعد انسحاب الحليف الأميركي السابق ما أجبرهم على اللجوء لدمشق للاحتماء من الهجوم التركي الواسع.

وبعد التوصل لاتفاق مع الأكراد، قامت قوات النظام، المدعومة من الجيش الروسي، خلال أيام بالتوجه نحو الشمال والانتشار فيه خلال أيام للحد من الهجوم التركي واستعادة السيطرة على المناطق التي انسحبت منها في 2012.

ووصل وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الأربعاء إلى بغداد للقاء نظيره العراقي نجاح الشمري، بعد وصول قواته الاثنين إلى إقليم كردستان في شمال العراق إثر انسحابها من شمال شرق سوريا.

وحمّل الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال هاتفي مساء الثلاثاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المسؤولية لـ"أصحاب الأهداف الانفصالية" المسؤولية "في ما آلت إليه الأمور في الوقت الراهن"، في إشارة إلى الأكراد.

ولطالما اتهمت دمشق الأكراد بالخيانة بسبب تحالفهم مع واشنطن، وأكدت مرارا نيتها استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية.

وعمل الأتراك والروس بشكل وثيق معاً في الملف السوري على الرغم من دعمهما طرفين متخاصمين.

ونص الاتفاق الأخير بينهما على "إطلاق جهود مشتركة لتسهيل العودة الطوعية والآمنة للاجئين".

وتقول أنقرة إن 3.6 ملايين لاجئ روسي يمكن أن يعودوا ويسكنوا في المنطقة الآمنة.