'الكوتشي' دليل سياحي لاكتشاف تراث مدينة تارودانت المغربية

العربات المزينة باللون الأخضر الزاهي تعتبر فاعلا مهما في قطاع السياحة بعدة مدن مغربية.

تارودانت (المغرب) - تجتمع خيول تجر وراءها عربات مزينة باللون الأخضر الزاهي بقلب ساحة "جنان الجامع" وسط مدينة تارودانت (جنوب المغرب) وهي المحطة الرئيسية لانطلاقها، حيث ينتظر سائقوها دورهم لأخذ سياح المدينة وزوارها في رحلة لاكتشاف التراث الثقافي والسياحي لواحدة من أقدم المدن المغربية.

وتأخذ هذه العربات أو كما يطلق عليها سكان تارودانت "الكوتشي" ركابها إذا ما بدأت رحلتهم من وسط المدينة إلى داخل أزقة الحي القديم الضيقة وواجهات مبانيه المرتفعة وأسواره الشاهقة، والتي تفتح لزائريها الباب على حضارة المغرب القديمة، حيث سيسمعون صرير الحياة اليومية فيها ويشتمون منها العبق القديم.

ويعتبر "الكوتشي" الذي أضحى رمزا ومكونا من مكونات التراث الثقافي والسياحي للمدينة، فاعلا مهما في قطاع السياحة، حيث تضفي هذه الوسيلة البيئية التي تم الحفاظ عليها منذ القدم طابعا متميزا في السيرورة اليومية لمختلف وسائل النقل.

وتمثل التجربة الفريدة سمفونية موسيقية تنسجها إيقاعات الحركات المتناسقة للخيول والنغمات الصادرة من الصفائح الحديدية المثبتة بحوافرها وتمايل أجراسها النحاسية المعلقة على أعناقها، حيث يبحر الراكب بخياله إلى زمن غير الزمان.

وقال رئيس جمعية أرباب الجياد بمدينة تارودانت، إسماعيل أيت سبيل الله، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن المدينة تضم ما بين 49 و60 عربة مجرورة بالأحصنة المخصصة لنقل الأشخاص، أو ما يعرف بالكوتشيات.

ويعتمد سكان وزوار تارودانت على غرار المدن المغربية العتيقة، في تنقلاتهم داخل المدينة على الكوتشيات في إطار النقل الحضري، وفق إسماعيل أيت سبيل الله، مؤكدا أن طموحات أصحاب الكوتشي، التي تؤثث لمشهد النقل داخل المدينة، تظل كبيرة في إضفاء رونق على هذه العربات لتستجيب لحاجيات السياح المغاربة والأجانب على حد السواء، فضلا عن تهيئة كل المرافق المرتبطة بالقطاع وفي مقدمتها إحداث محطات الوقوف الخاصة بعربات الجياد.

وتعتبر عربات "الكوتشي" وسيلة نقل معروفة منذ القدم، وتعطي جمالية ورونق لشوارع المدينة، وتساهم في السياحة الإيكولوجية، حيث حظيت في السنوات الأخيرة بعناية كبيرة من طرف أصحابها الذين اتخذوا مجموعة من المبادرات التطوعية من أجل الحفاظ على مكانتها داخل المشهد الحضري للمدينة، وفق ما أفاد به رئيس المجلس الإقليمي للسياحة بتارودانت عزيز نعمة.

ولفت إلى أن الكوتشي له دور مهم في القطاع السياحي بالمدينة، حيث يمكن لمستقلها استكشاف المآثر التاريخية وأسوار المدينة العتيقة والمساحات الخضراء، مشيرا إلى أن سائق العربات المجرورة بفرس يعتبر سفيرا للمدينة من خلال ما يقدمه من شروحات للسياح الأجانب الذين يتمتعون بتنقلاتهم عبر هذه الوسيلة وإبراز أهمية دور الكوتشي في السياحة.

ويعد استمرار وسيلة النقل "الكوتشي" بتارودانت كثقافة للتنقل السياحي، رهينا بمدى تضافر الجهود المشتركة بين مختلف الفاعلين لإضفاء رونق خاص على هذه الوسيلة وتعزيز جاذبيتها، للنهوض بالتنمية السياحة المحلية.

واستطاعت العربات المجرورة بالخيول (الكوتشي) التي يعود تاريخ ظهورها إلى القرن الـ19، أن تتبوأ مكانتها كوسيلة من وسائل النقل المضيئة في الحركة السياحية لعدة مدن مغربية بينها تارودانت ومراكش، باعتبارها وسيلة للاستمتاع بجمال هذه المدن ورونقها عند التنقل داخل أسوارها وبين أحيائها، بالإضافة إلى اكتشاف خباياها والمساهمة في تعزيز المحافظة على الجانب الإيكولوجي لها.