الكويت تعود إلى مربع الأزمة ببرلمان جديد لا يختلف عن سابقه

المعارضة تفوز بغالبية مقاعد مجلس الأمة الكويتي الجديد، بينما احتفظ 38 نائبا بمقاعدهم مقابل صعود 10 وجوه جديدة.
توقعات باحتدام المنافسة بين مرزوق الغانم وأحمد السعدون على رئاسة البرلمان
إخوان الكويت يحافظون على مقاعدهم بالبرلمان، بينما انتزع السلفيون مقعدين إضافيين
الكتلة الشيعية تخسرين مقعدين ليتراجع عدد أعضائها إلى 7 نواب
المرأة حاضرة بقوة في الدعاية غائبة في مجلس الأمة
نسبة المشاركة في الانتخابات تظهر عزوفا للناخبين

الكويت - أظهرت نتائج انتخابات أعضاء مجلس الأمة الكويتي، تراجع التيار الليبرالي وتقدم الإسلاميين ونواب القبائل، حيث حصد الإخوان المسلمون ممثلين في الحركة الدستورية (حدس) 5 مقاعد والسلفيون 6 مقاعد وفازت امرأة واحدة من 10 مترشحات، ودخل البرلمان الجديد 10 وجوه جديدة وغادره في المقابل 12 من الوجوه القديمة، في حين قدرت نسبة التغيير في تركيبة المجلس بـ24 بالمئة وهو تغيير يعتبر طفيفا، وسط مخاوف من تجدد الأزمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

ويُعدّ هذا الاستحقاق الانتخابي السابع في البلاد منذ 2012 بعدما ألغت المحكمة الدستورية في مارس/آذار نتائج انتخابات العام الماضي التي حقّقت فيها المعارضة مكاسب كبيرة بسبب "مغالطات" شابت الدعوة لانعقادها.

وبحسب النتائج الرسمية، حصل نواب المعارضة على 29 مقعدا من أصل 50، فيما تم انتخاب امرأة واحدة فقط هي جنان بوشهري، ما يوحي بأن البرلمان الجديد مشابه جدًا لذلك الذي تم حلّه وكانت المعارضة تسيطر عليه أيضا، إذ احتفظ 38 من بين أعضائه الخمسين بمقاعدهم.

ولم تتعد نسبة التجديد في تشكيلة البرلمان الجديد 24 في المئة مقارنة مع المجلس السابق وأفضت الانتخابات إلى عودة 25 نائبا من المجالس السابقة، فضلا عن فوز 12 نائبا من برلمان 2022 الذي أبطل بقرار المحكمة، وفق صحيفة "القبس" الكويتية.

وحافظ الإخوان على مقاعدهم الثلاثة التي حصدتها الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" في المجلس السابق 2022، لكن يُعتقد أن لها نوابا آخرين غير معلنين، بينما تمكن التيار السلفي من تعزيز تواجده برفع تمثيله إلى 6 مقاعد وخسرت الكتلة الشيعية مقعدين ليتراجع عدد أعضائها إلى 7 نواب.

وتتكوّن المعارضة في الكويت من شخصيات سياسية مستقلة بعيدة عن الأسرة الحاكمة تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية في الدولة النفطية وكذلك من إسلاميين. وغالبا ما يترشح هؤلاء من دون برامج انتخابية محدّدة.

وتهزّ الدولة الواقعة بالقرب من إيران والعراق أزمات سياسية متكرّرة تتعلّق بالحكومة وبشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تمّ حلّه مرّات عدّة. وغالبا ما يكون السبب مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تشمل الفساد.

وكانت هذه المرة الثانية التي تشارك فيها المعارضة المطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية في العملية الانتخابية منذ أن أنهت مقاطعتها للانتخابات التشريعية عام 2022.

وعاد كل من رئيسي مجلس النواب السابقين مرزوق الغانم وأحمد السعدون إلى البرلمان، وسط توقعات باحتدم المنافسة بينهما للفوز برئاسة المؤسسة التشريعية. 

ويعتبر الغانم الذي ينحدر من عائلة ذات نفوذ سياسي وتجاري كبير، خصما لدودا لرئيس الحكومة الشيخ أحمد النواف الصباح، وقال في أبريل/نيسان الماضي في مؤتمر صحفي "إن وجود رئيس الوزراء في منصبه خطر على الكويت".

ويرى محللون أن الغانم الذي كان متحالفا مع رؤساء الحكومات السابقة طوال عشر سنوات وكان هدفا لهجوم المعارضة التقليدية، قد يشكل كتلة من "المعارضة الجديدة"، كما لا يستبعد هؤلاء تحول كثير من نواب المعارضة السابقة، التي تضم إسلاميين وقبليين وليبراليين ومستقلين وسنة وشيعة، إلى تأييد رئيس الحكومة الحالي.

وقال النائب المحسوب على المعارضة عادل الدمخي فور الإعلان عن النتائج "نحن نحتفل اليوم بالمنهج الاصلاحي ونتائج الانتخابات دلالة على وعي الشعب الكويتي"، مضيفا "لدينا أغلبية إصلاحية".

  توقعات بأن يشكّل الغانم كتلة من المعارضة الجديدة تضمّ أكثر من 10 نواب.

ودُعي أكثر من 793 ألف ناخب إلى صناديق الاقتراع لاختيار 50 نائبًا لولاية مدّتها أربع سنوات، في البلد الذي يتمتّع بحياة سياسية نشطة ويحظى برلمانه بسلطات تشريعية واسعة ويشهد مناقشات حادّة في كثير من الأحيان، خلافاً لسائر دول المنطقة.

وبلغت نسبة المشاركة 50 في المئة قبل ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع، وفق جمعية الشفافية الكويتية، وهي منظمة محلية غير حكومية، ما يؤشر على عزوف العديد من الكويتيين عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي نتيجة الملل من العملية السياسية، فيما سعت السلطات إلى حث المواطنين على التصويت بكثافة ونشرت لافتات كبيرة في شوارع العاصمة تدعوهم إلى ممارسة حقهم الانتخابي.

وقال المحلل السياسي الدكتور صالح السعيدي إن استمرار حالة الاضطراب السياسي مرهق للحكومة والبرلمان، متوقعا ألا يغامر النواب بصدام جديد مع الحكومة وصولا إلى حل البرلمان "لأن العودة للانتخابات تشكل كابوسا لهم. أن يخوضوا أربع انتخابات في أربع سنوات، هذا لم يحدث في تاريخ الكويت"، مرجحا أن تستخدم الحكومة هذه الورقة "لتهدئة وترويض أي جموح للمجلس".

وقال السعيدي إن "خلق توافق بين الحكومة والبرلمان يتطلب وجود عدد أكبر من النواب المنتخبين كوزراء في الحكومة، لأن اختيار وزيرين من نواب البرلمان لا يكفي لكي تكون هناك علاقة قوية بين المجلس والحكومة".

بينما أكد نصار الخالدي، رئيس شركة مجموعة قياس للاستشارات السياسية والإستراتيجية، أنه بمقدور مرزوق الغانم تشكيل كتلة من "المعارضة الجديدة" تزيد عن عشرة نواب وهذا في حد ذاته قد يدفع أغلبية نواب البرلمان للتحالف مع رئيس الحكومة.

وقال الخالدي إن ما وصفها "بالكتلة الوطنية" التي شكلت المعارضة سابقا وتشكل الآن أغلبية النواب "لا تمتلك مشاريع جماعية وإنما مشاريع فردية"، متوقعا أن يسعى رئيس الحكومة لتعيين وزراء يمكنهم إجراء حوار بين نواب هذه الكتلة والحكومة "رغم فشل تجربة الحوار في المجلس السابق".

وأضاف أنه "عندما نشخص المشاكل نعرف الحل. الكل فاهم أنه لابد من إيجاد حلول وسط"، مشيرا إلى أن برنامج الحكومة وأولوياتها وكيفية التفاهم حولها مع النواب سيشكلان أهم قضايا المرحلة المقبلة.

ومنذ أن اعتمدت الكويت نظاما برلمانيا في عام 1962، تم حل المجلس التشريعي حوالي 12 مرة. وفي حين يُنتخب النواب يتم تعيين وزراء الحكومة الكويتية من قبل عائلة الصباح الحاكمة التي تحتفظ بقبضة قوية على الحياة السياسية.

وأبصرت حكومة جديدة مطلع أبريل/نيسان هي السابعة في ثلاث سنوات، النور بعد أقلّ من أربعة أشهر من استقالة الحكومة السابقة عقب أزمة سياسية مع البرلمان، لكن بعد أيام قليلة، حلّ أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح المجلس ودعا إلى انتخابات تشريعية جديدة بعدما أبطلت السلطات القضائية نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت العام الماضي وفازت بها المعارضة.

وأدى عدم الاستقرار السياسي في الكويت إلى إضعاف شهية المستثمرين في بلد يعدّ أحد أكبر مصدري النفط في العالم.

وأعاقت المواجهة بين السلطة التنفيذية والبرلمان الإصلاحات التي يحتاجها الاقتصاد الكويتي الراغب بتنويع موارده وهو وضع يتناقض مع الجيران، الأعضاء الخمسة الآخرين في مجلس التعاون الخليجي والماضون في مشاريع لتنويع اقتصاداتهم وجذب المستثمرين الأجانب.

وقالت بوشهري ،المرأة الوحيدة في البرلمان الجديد، إنّ أهداف البرلمان المقبل هي "السعي نحو الاستقرار وتحريك الملفات العالقة سواء كانت سياسية أو اقتصادية".