المانيا «قلقة» سياحيا

هامبورج- من دوجلاس سوتون
السياح سيعودون، يوما ما

مع دخول موسم العطلات الصيفية، يعيش قطاع السياحة دون قطاعات الاقتصاد الاخرى حالة من قلق حول حجم أنشطته المرتقبة في ضوء الحالة الاقتصادية المتقلبة في ألمانيا.
ويعتبر ولع الالمان الشهير "بالترحال" أحد الركائز التقليدية القوية للاقتصاد المحلي. ولكن تراجع الاداء الاقتصادي وموجة الصدمات التي نجمت عن أحداث 11 أيلول/سبتمبر وعدم استقرار سوق العمل، فرضت على صناعة السياحة مواجهة العديد من الانتكاسات.
ويأمل القطاع في الوقت الراهن أن يسهم الموسم الصيفي الحالي على الاقل في إحداث قدر من التحسن في الاوضاع.
وتوضح الارقام المستقاة من التقرير الاقتصادي عن الربع الاول من العام الجاري أسباب الازمة التي تمر بها الفنادق والمطاعم ومكاتب السفريات وشركات الرحلات الجوية العارضة.
ويشير مكتب الاحصاءات الفدرالي في مدينة فيسبادن إلى أن عدد الاشغالات الفندقية لليلة واحدة داخل ألمانيا بلغ 2.85 مليون ليلة في الربع الاول من العام الجاري حيث انخفض بنسبة ثلاثة بالمائة مقارنة بالربع الاول من عام 2001.
وأعلن المكتب كذلك عن انخفاض كبير في عدد ركاب الرحلات الجوية الداخلية والخارجية في قطاع الطيران المدني في ألمانيا خلال الربع الاول من العام الجاري. كما تراجع إجمالي عدد ركاب الخطوط الجوية الذين يسافرون للخارج بنسبة 5 بالمائة حيث بلغ 4.9 مليون مسافر في أدنى معدل له منذ عام 1991.
كما انخفض عدد ركاب الرحلات الداخلية بنسبة 8.11 بالمائة حيث بلغ 6.4 مليون راكب.
وتشعر جميع شركات الطيران العارض (تشارتر) والسياحة في ألمانيا بوطأة الازمة. وبدأ المستثمرون يتوخون الحذر لا سيما بعد أن أصدرت شركة ماي ترافل للسياحة البريطانية في منتصف شهر أيار/مايو تحذيرا عن تراجع الارباح.
وشهدت شركة بروساج الالمانية، التي تعكف في الوقت الراهن على إعادة بناء نفسها حيث كانت فيما سبق مجموعة شركات تعمل في مجال الصناعات الثقيلة وأصبحت أحد أكبر شركات السياحة في العالم، انخفاضا في أسهمها بنسبة تجاوزت عشرة بالمائة في بورصة فرانكفورت عقب تحذيرات ماي ترافل.
ويحاول مسئولو الشركة تناول الوضع من منظور إيجابي حيث ذكر رئيس الشركة مايكل فرينزل منذ بضعة أيام أن معدلات حجز الرحلات السياحية مقدما خلال موسم الصيف انخفضت بنسبة 9.7 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ولكن النبأ السار أن نسبة التراجع كانت قد بلغت منذ عدة أسابيع 8.5 بالمائة.
وقال فرينزل "إن (حجز الرحلات السياحية مقدما) خلال الصيف يمضي بشكل أفضل مقارنة بالشتاء"، مشيرا إلى أن إجمالي حجم الحركة انخفض خلال الموسم الشتوي بنسبة 9.01 بالمائة. وأضاف قائلا "إننا نشهد تحسنا في الوقت الراهن".
ويتضح حجم التحسن المطلوب عند معرفة أن إجمالي حجم الحركة في ألمانيا، التي تعتبر أهم أسواق شركة بروساج، انخفض بنسبة 2.41 بالمائة بارتفاع طفيف عن إجمالي حجم الحركة في النشاط السياحي ككل الذي انخفض بنسبة 61 بالمائة.
وسوف تصدر شركة بروساج، التي ستغير اسمها إلى شركة تي.يو.آى- ايه.جيه خلال اجتماعها السنوي العام يوم 26 حزيران/يونيو، البيانات الخاصة بها عن الربع الاول من العام الجاري والذي انتهى في يوم 30 أيار/مايو لتوفر بذلك أحدث المعلومات عن أوضاع وموقف الشركة للمحللين في البورصة ولخبراء الصناعة.
ولكن صحيفة دي فيلت اليومية وصفت وضع صناعة السياحة غير المستقر قائلة "إن السحب المحملة بالعواصف تتجمع فوق سماء السياحة" في ألمانيا. وتعتبر شركة ماي ترافل ثالث أكبر الشركات السياحية في أوروبا، ومن ثم فإن التحذير الذي أصدرته عن تراجع معدلات الارباح له ثقل كبير لدى المستثمرين.
وأشار خبراء صناعة السياحة إلى وجود تغيير في سلوك العملاء فيما يتعلق بحجز الرحلات السياحية مقدما. والسؤال المطروح هو ما إذا كان هذا التغيير هو مجرد اتجاه عابر أو أنه ينطوي على شئ أكثر عمقا.
ويبدو أن عملاء قطاع رحلات الطيران العارض مازالوا محجمين عن حجز رحلاتهم السياحية في موسم الصيف أملا في طرح الشركات السياحية لعروض أرخص ثمنا. ويتضح ذلك بصفة خاصة في شركة ماي ترافل التي تقول أنها لم تتمكن من تسويق مليون عرض رحلة سياحية شاملة لهذا الصيف.
ويتجه العملاء بشكل متزايد إلى إعداد رحلات سياحية خاصة بهم، حيث يجرون حجز رحلات الطيران والفنادق والسيارات وكافة الترتيبات الاخرى بأنفسهم بدلا من الحصول عليها في صورة عرض رحلة سياحية شامل كافة الترتيبات.
ويصعب على شركات السياحة، نتيجة لذلك، تحديد الحصة التي ستحتاج إليها من مقاعد الطائرات أو غرف الفنادق بشكل مسبق.
ويقال أن شركة توماس كوك، ثاني أكبر شركة سياحة في أوروبا وتملكها شركة الخطوط الجوية الالمانية لوفتهانزا وسلسلة محلات كارشتادكفيلا التجارية، تدرس حاليا تخفيض حصتها من مقاعد الطيران والفنادق.
ويؤكد قسم توي دويتشلاند المسئول عن الرحلات الداخلية في ألمانيا بمجموعة بروساج ميل العملاء إلى حجز الرحلات السياحية قبل موعدها بفترة قصيرة. وذكرت الشركة أن ما يصل إلى 70 بالمائة من حجز الرحلات يتم خلال ثمانية أسابيع أو أقل من موعد الرحلة.