المحتجون يردون على الصدر بمليونية من الناصرية إلى بغداد
بغداد - تراجع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ة عن دعوته للتظاهر اليوم الأحد ضد السفارة الأميركية في بغداد "تجنبا للفتن" بعد أن اتهمه الحراك العراقي بـ"الخيانة" وعاقب أحد المقربين منه في مدينة الناصرية حيث تشهد الاحتجاجات زخما غير مسبوق.
وجاء بيان أصدره مكتب الصدر أنه "ألغى اليوم الأحد مظاهرات مناهضة لسفارة الولايات المتحدة في العراق لتجنب "فتنة داخلية".
وكانت الهيئة السياسية للتيار الصدري قد دعت في وقت سابق في بيان لوقفة احتجاجية في العاصمة بغداد ومدن أخرى ضد السفارة الأمريكية ببغداد مساء الأحد رفضا لـ"الاحتلال الأميركي".
وقال البيان "ندعوكم الأحد إلى وقفة احتجاجية ضد السفارة الأميركية وأذنابها، ممن تجاسروا على رمز الوطن القائد السيد مقتدى الصدر"، في إشارة للمتظاهرين الذين هتفوا ضد الصدر مؤخرا في ساحات الاحتجاجات في مناطق ومدن وسط وجنوب العراق.
والجمعة أعطى الزعيم الشيعي الأوامر لأنصاره بمغادرة ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات مما سهل على القوات العراقية اقتحام ساحات التظاهر وإحراق خيم الاعتصام وتفريق المتظاهرين واعتقال عدد منهم.
كما جمد مكتب الصدر عضوية القيادي المقرب من الزعيم الشيعي أسعد الناصري الذي كان يمثله في احتجاجات الناصرية، قائلا إن السبب يعود لـ"تجاوزات" صدرت عن الأخير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتناقلت وسائل إعلام عراقية بيانا باسم مكتب الصدر، يحوي ثلاثة بنود، تقول إن الناصري "يجب عليه فورا ترك ثوار الناصرية وعدم التدخل بتقرير مصيرهم لا سلبا ولا إيجابا".
ناشطون عراقيون يشككون في دوافع الصدر للتراجع عن الاحتجاج ضد الوجود الأميركي ويربطون ذلك بالخوف من مصير سليماني والمهندس
وأصدرت الجنة المركزية العليا لتنسيقيات احتجاجات العراق بيانا قالت فيه إن الصدر "غدر بالأحرار".
وأضاف البيان باقون في الساحات حتى تحقيق أهداف الثورة، ولن نخذل دماء الشهداء ولن يكونوا ورقة على طاولة المتاجرة السياسة كما فعل الصدر".
وذكر البيان أن "ما فعله هو خزي وخيانة للثوار وسيكون ثمنه رئاسة الحكومة القادمة كما وعدته إيران".
وبعد ساعات من إعلان الصدر الذي له أنصار بالملايين في بغداد والمدن الجنوبية، حاولت السلطات فض الاعتصامات بالقوة حيث استخدمت الرصاص والغاز المسيل للدموع ضد المحتجين في بغداد وعدة محافظات أخرى.
ودعم مؤيدو الصدر الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية وفي بعض الأحيان وفروا الحماية للمعتصمين من هجمات قوات الأمن ومسلحين مجهولين لكنهم بدأوا في مغادرة مخيمات الاعتصام في وقت مبكر من صباح أمس السبت بعد إعلان الصدر.
وشرعت قوات الأمن بعدها في إزالة حواجز خرسانية قرب ساحة التحرير، حيث يعتصم المحتجون منذ شهور، وعلى جسر رئيسي واحد على الأقل على نهر دجلة.
وأتى قرار الصدر بسحب دعمه للحراك الشعبي، رداً على هتافات رددها المتظاهرون ضده على خلفية تقربه مؤخراً من الفصائل الشيعية المقربة من إيران.
والأحد، رد الناصري على البيان الصدري بإعلان انسلاخه من التيار الشيعي قائلا "سأخلع العمامة حباً بالعراق والناصرية والثائرين. أنا مع العراقيين، كنت وما زلت وسأبقى. أرجو الاستعجال في تصفيتي لأنني اشتقت إلى الشهداء".
وأضاف في تغريدة على تويتر "ناصريتنا العظيمة تبقى قوية شامخة، لا يمكن أن يتسلق عليها مجموعة عصابات، توجه بنادق الغدر والجبن في صدور العزل المطالبين بوطن طاهر من الأحزاب الدموية. كل قطرة دم نزفها شهداؤنا وجرحانا هي وسام شرف، وصفعة في وجه الفاسدين. تحية لأهلنا في ذي قار الباسلة".
ودعم الصدر الذي يسيطر على تحالف "سائرون"، أكبر كتلة سياسية في البرلمان، الاحتجاجات أول انطلاقها بداية أكتوبر، ودعا حكومة عادل عبدالمهدي إلى الاستقالة.
ويقول ناشطون عراقيون أن الصدر الذي تجمعه علاقة وثيقة ومعقدة بإيران "لم يتراجع عن مظاهرة الأحد لحقن دماء العراقيين أو تجنب فتنة كما يدعي، لكنه يخشى مصير مماثل لقائد في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس حين شارك مع فصائل عراقية أخرى موالية لإيران في مظاهرة حاولت فيها اقتحام السفارة الأميركية في بغداد انتهت بمقتله مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في 3 يناير الجاري بضربة جوية أميركية في العراق.
والجمعة، فعلا دعا الصدر إلى التريث في قتال القوات الأميركية لحين استنفاد الطرق السلمية لإخراجها من العراق بعد أن كان قد دعا إلى الإسراع في ذلك مباشرة بعد مقتل سليماني.
وقال الصدر في بيان "سنحاول بذل قصارى جهدنا لعدم زج العراق بأتون حرب أخرى مع المحتل (في إشارة إلى أميركا)، وسنحاول استنفاد كل الطرق السلمية من أجل هدف جدولة خروج قوات الاحتلال فعلياً وبشكل منظور على الأرض".
وأضاف أنه يلتزم "بتوقف مؤقت للمقاومة إلى خروج آخر جندي، والعمل على معاقبة كل من يحاول خرق الهدنة السيادية من أي من الطرفين".
ودعا الصدر، الحكومة العراقية، إلى "غلق كافة القواعد العسكرية الأميركية المتواجدة على الأراضي العراقية، ومقرات الشركات الأمنية الأميركية وإنهاء عملها في البلاد، وغلق الأجواء العراقية أمام الطيران الحربي والاستخباراتي للمحتل".
وتمتلك إيران نفوذا سياسيا وعسكريا هائلا في العراق، ومن المرجح أن يكون لها رأي رئيسي في من سيكون بديل عبدالمهدي الذي أجبره الحراك على تقديم استقالته في الأول من ديسمبر/ كانون أول الماضي.
ومنذ الاثنين الماضي صعد الحراك الشعبي من احتجاجاتهم بإغلاق العديد من الجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية والطرق الرئيسية في العاصمة بغداد، ومدن وبلدات وسط وجنوبي البلاد.
واتجه المتظاهرون نحو التصعيد مع انتهاء مهلة ممنوحة للسلطات للاستجابة لمطالبهم وعلى رأسها تكليف شخص مستقل نزيه لتشكيل الحكومة المقبلة، فضلا عن محاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين في الاحتجاجات.
وانطلقت أولى شرارات العودة إلى استئناف الاحتجاجات من مدينة الناصرية في محافظة ذي قار ثم استجاب لها كل المتظاهرين في جميع المحافظات الأخرى منذ بداية الأسبوع الماضي، وذلك بعد فترة جمود تلت مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في العاصمة العراقية بعد أن كان يزورها باستمرار لبحث كيفية التعامل مع المظاهرات وإخمادها مع الفصال الشيعية الموالية لإيران.
وردا على "المظاهرة المليونية" التي دعا إليها الصدر ثم ألغيت حشد المحتجون العراقيون لتنظيم "مليونية طارئة" في نفس التاريخ أي اليوم الأحد.
كما دعا الناشط العراقي علاء الركابي وهو طبيب عرف بمساندته للاحتجاجات والمعتصمين خاصة في الناصرية في فيديو تم تداوله بشكل واسع السبت، إلى مظاهرة ومسيرة مليونية، تبدأ من الناصرية وتنتهي قرب المنطقة الخضراء ببغداد على طريقة "الزيارة الأربعينية"، لكن "عوضا عن التجمع في كربلاء، على المشاركين في المسيرة التوجه إلى بغداد" للضغط على الحكومة والطبقة السياسية من أجل تنفيذ المطالب التي خرج من أجلها المتظاهرون منذ مطلع أكتوبر الماضي.
وظهرا الركابي اليوم الأحد في فيديو وهو يغادر خيمة المعتصمين في الناصرية تحت حماية المتظاهرين الذين حاولوا حمايته من استهداف محتمل من قبل قوات الأمن بعد أن رفض مغادرة منطقة "الاشتباك"، حسب ما أفاد به نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع عودة المحتجين لساحات التظاهر الأحد الماضي، انتشر مقطع فيديو للركابي وهو يجري اتصالا هاتفيا مع ضابط عراقي رفيع بينما كان يقف بالقرب من بعض عناصر القوات الأمنية، وقال نشطاء إنه كان يحاول إيصال مطالب المحتجين في المدينة الجنوبية إلى السلطات.
ويتمتع الركابي بقبول واحترام واسعين من جانب المتظاهرين العراقيين بعد أن قام بدور هام لدعم حراكهم سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى ميدانيا حتى أن البعض طالب به "قائدا لثورة أكتوبر".
وقالت مصادر عراقية إنه من المنتظر أن يلتقي رئيس الجمهورية برهم صالح وفدا من المحتجين والمتظاهرين الثلاثاء.