المحكمة الدستورية بالكويت تعيد خلط الأوراق بقرار يعيد برلمان 2020

الحكم بإبطال الانتخابات البرلمانية الكويتية السابقة برمّتها يفتح الباب أمام تفاقم الأزمة السياسية.
المحكمة الدستورية تعلل قرارها بوجود تناقضات في مرسوم حل البرلمان السابق

الكويت - قضت المحكمة الدستورية في الكويت اليوم الأحد ببطلان انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) لعام 2022 وإعادة مجلس 2020، فيما يأتي هذا القرار بعد أيام من استقالة الحكومة التي لم تعمّر طويلا إثر احتدام الصدام بين السطتين التنفيذية والتشريعية في ظل هيمنة المعارضة على البرلمان وانتهاجها لسياسة لي الأذرع متسّلحة بآلية مساءلة الوزراء.

وقررت المحكمة في منطوق الحكم إبطال عملية الانتخاب التي أُجريت في 29 سبتمبر/أيلول الماضي في الدوائر الخمس وعدم صحة عضوية من أُعلن فوزهم فيها، وفق الوكالة الأنباء الرسمية (كونا)، مرجعة قرارها إلى بطلان حل مجلس الأمة لعام 2020 معّللة ذلك إلى وجود تناقضات في المرسوم ومن ثم بطلان دعوة الناخبين إلى انتخابات 2022، ما يترتب عليه أن يستعيد البرلمان المنحل سلطته الدستورية بقوة الدستور "كأن الحل لم يكن".
وكان ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح قد أعلن في 22 يونيو/حزيران 2022 حل مجلس الأمة واللجوء إلى انتخابات مبكرة في ظل خلافات متكررة بين البرلمان والحكومة.

ويمهّد هذا القرار الطريق لعودة مرزوق الغانم إلى رئاسة البرلمان الكويتي واستعادة النواب السابقين لمقاعدهم، بما أن حكم المحكمة الدستورية يقضي بعدم صحة من أعلن فوزهم في انتخابات مجلس الأمة الكويتي لعام 2022.

وأوضح المحامي نواف الياسين أن الحكم جاء بعد عدة طعون انتخابية تتعلق ببطلان العملية الانتخابية والمراسيم الداعية للانتخابات ومرسوم حل البرلمان السابق. وكانت المحكمة الدستورية قد قررت في 8 مارس/آذار حجز الطعون الانتخابية بجميع الدوائر الانتخابية للحكم في التاسع عشر من نفس الشهر، بحسب الوكالة.

وقال المحلل السياسي الدكتور محمد الدوسري اليوم الأحد إن "الحكم سيكون بداية لأزمة كبيرة متعددة الأوجه داخل البرلمان وداخل الحكومة"، مضيفا "من المعروف أن رئيس الوزراء المكلف غير منسجم مع رئاسة المجلس الذي تمت إعادته. بالتأكيد مجلس 2020 لن يعمر طويلا وسيتم حله بطريقة أكثر قانونية".

بينما رحب النائب ببرلمان 2020 عبدالله الطريجي الذي أعاده حكم المحكمة بالقرار قائلا إن "حكم المحكمة الدستورية يصحح خطأ الحكومة في التعامل مع مجلس الأمة السابق... العودة إلى الحق فضيلة ولا يصح إلا الصحيح".

وكان ولي العهد الذي يمتلك معظم الصلاحيات قد أمر بحلّ البرلمان داعيا إلى انتخابات مبكّرة إثر تفاقم الأزمة السياسية بسبب الصدام بين الحكومة والبرلمان، لكن الانتخابات البرلمانية السابقة أفضت إلى فوز المعارضة بـ28 من مقاعد المجلس.

وكانت المحكمة الدستورية قد أبطلت في العام 2012 انتخابات مجلس الأمة الذي سيطرت عليه المعارضة آنذاك وأعادت المجلس السابق الذي حله أمير البلاد في حينها الشيخ صباح الأحمد الصباح، وسط توتر بين الحكومة والبرلمان، في سيناريو قريب لما حدث اليوم.

وتعيش الدولة الخليجية النفطية التي تتمتع بحياة برلمانية استثنائية مقارنة مع جيرانها أزمات سياسية متتالية أدت إلى تعديلات وزارية وتسببت في حل البرلمان، الأمر الذي أعاق تنفيذ الإصلاحات الملحّة وعرقل الاستثمارات.

وشاركت في الانتخابات الماضية وهي السادسة في عشر سنوات، شخصيات معارضة وتيارات سياسية قاطعت الاقتراع منذ عقد متّهمة السلطات التنفيذية بالتأثير على عمل البرلمان.

ويحظى مجلس الأمة في الكويت بصلاحيات هامة بالمقارنة مع برلمانات دول الخليج، إذ بإمكانه مساءلة رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة كما يمتلك حق إقرار القوانين إلغائها، لكن القرار الأخير يبقى في يد أمير البلاد الذي يمتلك صلاحية حلّ البرلمان.

وقدّمت الحكومة برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح استقالتها في 24 يناير/كانون الثاني بعد 4 أشهر فقط من تشكيلها إثر تعمّق الخلافات مع مجلس الأمة الكويتي بسبب قوانين وصفت بـ"شعبوية" أراد النواب تمريرها ورأت الحكومة أن كلفتها المالية عالية جدا. 

وأعيد تكليف الشيخ أحمد نواف الصباح بتشكيل الحكومة الجديدة وتعيينه مجددا رئيسا لمجلس الوزراء بأمر أميري.

ويعتمد الاستقرار السياسي في الكويت بشكل دائم على التعاون بين الحكومة والبرلمان، فيما يتّهم معارضون أطرافا من خارج الحكومة بالتدخل في اختيار الوزراء والعمل الحكومي وإفساد علاقتها بمجلس الأمة.