المخابز العصرية في تونس تنظم وقفات احتجاجية للضغط على الحكومة

الخطوة التصعيدية الجديدة تهدف إلى دفع وزارة التجارة إلى التراجع عن قرار تعليق تزويدها بالمواد الأساسية لإنتاج الخبز.

تونس – قرر المجمع المهني للمخابز العصرية التابع لكونفدرالية المؤسسات المواطنة في تونس "كونكت"، الأربعاء، تنظيم وقفات احتجاجية متتالية انطلاقا من الإثنين المقبل، ولمدة 15 يوما أمام مقر وزارة التجارة وتنمية الصادرات، في خطوة تصعيد جديدة للضغط على الحكومة ودفعها إلى التراجع عن قرار تعليق تزويدها بالمواد الأساسية لإنتاج الخبز.

وذكر المجمع المهني (منظمة اقتصادية خاصة) في بيان له أن "قرار تنظيم تحركات احتجاجية جاء على خلفية تعليق وزارة التجارة وتنمية الصادرات في تونس، بيع الفارينة الرفيعة (الطحين) والسميد لفائدة محلات صنع الخبز غير المصنفة والمعروفة بالمخابز العصرية".

واعتبر أن قرار الوزارة له تداعيات على "المخابز العصرية" التي يتجاوز عددها 1500، وعلى العاملين فيها الذين يراوح عددهم بين 18 ألف و20 ألف عامل.

وتوجه أصحاب المخابز العصرية إلى التصعيد من شأنه أن يعمّق أزمة الخبز في تونس التي تعتبر من أكثر الدول في العالم استهلاكا لهذه المادة، مع عدم وجود مؤشرات لحل هذه الأزمة التي تهدد التونسيين بالجوع.

وفي وقت سابق الأربعاء، قررت وزارة التجارة "تعليق بيع الفارينة الرفيعة والسميد لمحلات صنع الخبز المعروفة بالمخابز العصرية".

وشددت الوزارة في بيان لها على "الرفع من نسق توزيع مادة الفارينة المدعمة في السوق لتلبية الحصص المسندة للمخابز المصنفة (التقليدية التي توفر خبزا مدعما)".

والثلاثاء، شددت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات في تونس كلثوم بن رجب، وفق بيان للوزارة، على "ضرورة توفير الخبز المدعم بكل الولايات واتخاذ التدابير اللازمة لتفادي أي اضطراب أو نقص مع تشديد المراقبة على المخالفين".

كما تعهدت الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المخابز، وفق بيان الوزارة عقب جلسة عقدت بين الجانبين، "بالالتزام بتوفير مادة الخبز المدعم على مدار اليوم ومساندة مجهودات الدولة".

والاثنين، قرر المجمع المهني للمخابز العصرية في بيان له، "إيقاف نشاط صناعة الخبز بجميع أنواعه في جميع المخابز التابعة له بكامل البلاد".

ويطالب أصحاب المخابز الحكومة بتسديد الديون المستحقة لهم حيث أن مادة الخبز في تونس مدعمة، فيما تعاني البلاد من أزمة اقتصادية ومالية أبرز مظاهرها نقص المواد الأساسية وارتفاع الأسعار.

وتنقسم صناعة الخبز في تونس بين صنفين، صنف المخابز التي تحصل على الدقيق المدعم وتلتزم بالتسعيرة الحكومية للخبر، وأخرى تصنع الخبز وفق أسعار حرة.

وتصنع المخابز التونسية يومياً 6.7 ملايين خبزة، منها 3.9 ملايين خبزة كبيرة، و2.7 مليون خبزة من الصنف الأقل حجماً أو ما يطلق عليه محلياً "الباقات" محولة من 6.5 ملايين قنطار من الدقيق.

ومنذ أشهر تتواتر في تونس أزمة التزود بالخبز ونقص المواد الأساسية من الدقيق، غير أن السلطات تقول إن الأمر مفتعل من قبل لوبيات تسعى إلى تأجيج الأوضاع الاجتماعية والتنكيل بالتونسيين.

وبسبب نقص التزود بالخبز يضطر المواطنون إلى الوقوف يومياً ساعات عدة في طوابير للحصول على المادة الأساسية على موائدهم، وفق إعلام محلي ومنشورات على منصات التواصل الاجتماعي.

بينما أطلقت المخابز العنان للأسعار التي تضاعفت في بعض الأصناف التي تصنع من الدقيق غير المدعم وهو ما دفع السلطات إلى شن حملة مراقبة قابلها تصعيد من قبل الخبازين بغلق الأفران.

وخلال السنوات الأخيرة شهدت تونس توسعاً في شبكة الأفران غير المصنفة التي تبيع الخبز وفق أسعار محررة مقابل عدم حصولها على الدعم الحكومي الذي تحصل عليه الأفران التي تصنع الخبز الشعبي، أو ما يعرف محلياً بـ"الخبز الكبير".

وتستورد تونس نحو 90 بالمائة من حاجياتها من القمح اللين، وهو ما يجعل كل 4 أرغفة خبز مستوردة مقابل رغيف واحد مصنوع من الدقيق المحلي، بينما تواجه البلاد فاتورة قياسية لواردات القمح نتيجة الجفاف الذي أضر بنحو 80 بالمئة من محصول الحبوب المرتقب حصاده في الموسم المقبل.

كذلك تستمر ضغوط صندوق النقد الدولي على سلطات البلد المنهك اقتصادياً من أجل الانطلاق في إصلاح منظومة الدعم، ومن أهمها دعم الغذاء والطاقة.

والخميس الماضي، طالب الرئيس التونسي قيس سعيد، حكومة بلاده باتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف العمل بإجراء تصنيف المخابز إلى مصنفة وغير مصنفة، الذي يطبق منذ سنة 2011، وتوحيد أصناف الخبز، باعتبار أن هذه المسألة هي "خط أحمر بالنسبة الى التونسيين"، محملا "لوبيات" لم يسمّها مسؤولية ذلك.

ولفت سعيد، خلال جلسة عمل مع رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن ووزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، بقصر الحكومة بالقصبة، إلى أن 1443 مخبزة غير مصنفة تعرض أصناف الخبز بأسعار مرتفعة وتتحكم في قوت التونسيين، في حين لا تتمكن 3337 مخبزة مصنفة أحيانا من توفير الكميات اللازمة من الخبز للطبقة الفقيرة.

ومنذ 2021 تراجع إنتاج الحبوب في تونس لأسباب مناخية، وانتقلت تداعياته بعد شهور قليلة إلى السوق المحلية، من حيث عدم توفر كميات مطمئنة من القمح المستخدم في إنتاج الخبز.

ووجدت الحكومة الحل في اللجوء إلى الاستيراد، ولكن هذا الأمر اعترضته عراقيل أبرزها الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.