'المدسطنسي' ينكأ جراح المهمشين عبر 'سينما السجون'

فيلم وثائقي معروض أمام السجناء ضمن تظاهرة في أيام قرطاج السينمائية يقدم بطله المسكون بالتناقضات بين الطموح واليأس والحياة والموت والفن والظلام.

تونس - قدم المخرج التونسي حمزة العوني فيلمه الوثائقي الجديد "المدسطنسي" أمام مئات من سجناء في السجن المدني بمحافظة سليانة (شمال)، ضمن تظاهرة "سينما السجون" في مهرجان أيام قرطاج السينمائية.
وانطلقت الدورة الحادية والثلاثين للمهرجان الجمعة، وتستمر حتى الأربعاء.
و"المدسطنسي" مشتقة من كلمة فرنسية تعني المسافة، أما باللهجة العامية التونسية فتعني الشخص "المستبعد" أو "المهمش".
أحداث الفيلم صُورت في مدينة المحمدية بمحافظة بن عروس (جنوب تونس العاصمة)، بين عامي 2005 و2019، وهو يتناول واقع المهمشين في المناطق الشعبية.
وعلى مدار 14 عاما، تابع المخرج مرحلة كبيرة من حياة بطل الفيلم محرز الطاهر، وهو يهوى الرقص والمسرح والتمثيل، لكنه أيضا مدمن قمار وسباق خيل ويتعاطى مادة مخدرة وهي القنب الهندي.
عبر الفيلم، ومدته 114 دقيقة، أراد العوني أن يبرز الوجه الصادم للأحياء الشعبية في تونس التي يعاني قطاع من شبابها من إقصاء وتهميش وبطالة.
في بداية الفيلم، حاول البطل أن يحارب واقعه الاجتماعي الصعب باللجوء إلى المسرح عن طريق دار الثقافة في المحمدية، حيث اعتبره قارب نجاة يغير به حياته.
وبعد ثورة 2011، التي أسقطت نظام الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987: 2011)، رُشِح محرز مع زملائه للمشاركة في مسرحية بأوروبا.
لكنه يلتقي مجددا برفاق سوء هم بالأساس من المحمدية ومقيمين هناك، ويحاولون إعادته إلى طريق الضياع وتجارة المخدرات.
نهاية الفيلم كانت مفتوحة، تركت المشاهد يتساءل عن مصير هذا الشاب.
فلسفة الفيلم تريد إثبات أن البشر قادرون على الاختيار بين حب الكسب السريع للمال وبين شق طريق الفن والإبداع.
وأظهر مخرج الفيلم بطله مسكونا بالتناقضات بين الطموح واليأس والحياة والموت والفن والظلام.
وقال سفيان مزغيش، الناطق باسم الإدارة العامة للسجون التونسية إن 24 سجينا تابعوا الفيلم رفقة طاقم العمل، ونحو 420 سجنيا من داخل غرفهم.
وأوضح مزغيش أن تلك التظاهرة الفنية تهدف إلى تكريس مسار إصلاحي يقوم على إعادة تأهيل السجناء.