المعارضة الألمانية تنتقد ترحيل برلين لمتشدد تونسي

وزير الداخلية الألماني يواجه انتقادات شديدة بسبب قرار ترحيل حارس سابق لزعيم تنظيم القاعدة على الرغم من حكم قضائي سمح له بالإقامة في ألمانيا.

المعارضة الألمانية تتهم وزير الداخلية بانتهاك القانون
العيدودي طلب عدم ترحيله خوفا من التعرض للتعذيب في تونس
سامي العيدودي متهم بأنه كان من فريق حراس أسامة بن لادن

برلين - واجه وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر اتهامات اليوم الثلاثاء بأنه رحل بشكل غير قانوني رجلا يشتبه بكونه إسلاميا متشددا وكان يعمل حارسا شخصيا لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على الرغم من حكم قضائي سمح له بالإقامة في ألمانيا.

ورحلت السلطات الألمانية هذا الرجل الذي لم يُنشر من اسمه سوى سامي (في إشارة إلى سامي العيدودي) إلى مسقط رأسه تونس يوم الجمعة الماضي على الرغم من مخاوف سابقة باحتمال تعرضه للتعذيب لدى عودته لبلاده ورغم حكم أصدرته محكمة إدارية قبل يوم من ترحيله.

وانتقد ساسة من المعارضة الألمانية وزارة الداخلية بسبب أسلوب معالجتها لهذه القضية.

وقال روبرت هابيك زعيم حزب الخضر لمحطة زد.دي.إف التلفزيونية اليوم الثلاثاء "لقد خرقت القانون".

وقال فولفجانج كوبيكي نائب زعيم الحزب الديمقراطي الحر المعارض لمحطة أر.بي.بي "إذا لم يكن باستطاعة المحاكم من الآن فصاعدا الاعتماد على السلطات في قول الحقيقة فإن الأمور ستبدو حالكة في ألمانيا".

وقال سامي لصحيفة بيلد الواسعة الانتشار إنه تم إبلاغه بأن قرار ترحيله جاء من "أعلى مستوى ولا يمكن أن أفعل شيء حياله".

وقالت وزارة الداخلية، إنه كان من المهم من الناحية السياسية ترحيل هذا المشتبه به بسرعة وإنها لم تضغط على السلطات في ولاية نورد راين فستفاليا لتعجيل هذه الإجراء. وعمليات الترحيل أمر يخص كل ولاية على حدة في ألمانيا عادة.

وقال المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا، إنه لم يعلم بحكم المحكمة الإدارية إلا بعد ركوب المشتبه به الطائرة المتجهة لتونس بالفعل.

وجاء قرار ترحيله بعد أكثر من عشر سنوات على رفض طلبه للجوء للمرة الأولى.

والرجل البالغ من العمر 42 عاما أقام في ألمانيا لأكثر من عشرين عاما، لكن وجوده أثار المزيد من الاستياء في الأشهر القليلة الماضية في حين تقوم برلين بتشديد إجراءاتها ضد طلبات اللجوء المرفوضة.

وأعلنت السلطات التونسية الأسبوع الماضي تسلم سامي العيدودي من السلطات الألمانية.

وقال الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي "تسلمت تونس صباح اليوم (الجمعة الماضي) سامي العيدودي الذي فتح في شأنه محضر تفتيش منذ يونيو/حزيران ".

وتابع "العيدودي تلقى تدريبات في أفغانستان ويشتبه في قيامه بأنشطة إرهابية في ألمانيا وهو الحارس الشخصي لأسامة بن لادن وتم توقيفه مباشرة عند تسلمه".

وكانت المتحدثة باسم وزارة الداخلية الألمانية آنغريت كورف قالت للصحافيين في أعقاب تقرير في صحيفة بيلد واسعة الانتشار "يمكنني أن أؤكد بأن سامي أعيد إلى تونس هذا الصباح وتم تسليمه للسلطات التونسية".

وكان الرجل قد اعترض على ترحيله بالقول إنه يواجه احتمال تعرضه للتعذيب في تونس.

وقضت محكمة في مدينة غيلسنكيرشن مساء الخميس الماضي بعدم ترحيله وأيدت احتمال تعرضه "للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية".

لكن القرار الذي أرسل بالفاكس تلقته السلطات الفدرالية صباح الجمعة، بعد أن كانت الطائرة التي تقله إلى تونس قد أقلعت.

ونظرا لاعتباره يمثل تهديدا أمنيا لعلاقاته المفترضة بمجموعات إسلامية، كان سامي لسنوات يبلغ الشرطة بأماكن وجوده لكن لم توجه له أي تهم.

ونفى أن يكون حارسا شخصيا سابقا لزعيم تنظيم القاعدة بن لادن المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر/ايلول 2001 في الولايات المتحدة.

غير أن قضاة كانوا ينظرون في قضية إرهاب عام 2015 في مدينة مونستر الألمانية، قالوا إنهم يعتقدون أنه تلقى تدريبات في معسكر للقاعدة في أفغانستان عامي 1999 و2000 وبأنه من فريق الحراس الشخصيين لبن لادن.

وكانت السلطات الألمانية قد رفضت طلبه اللجوء للمرة الأولى في 2007، لكن محاولات المدعين لطرده صدتها تكرارا المحاكم التي لفتت إلى خطر التعذيب في تونس.

ومهد حكم قضائي يتعلق بتونسي آخر متهم بالمشاركة في الهجوم عام 2015 على متحف باردو في تونس، الطريق أمام طرد العيدودي.

وفي تلك القضية قرر القضاة أن المتهم لا يواجه خطر عقوبة الإعدام إذ أن تونس علقت تطبيق تلك العقوبة منذ 1991.

واستغل وزير الداخلية المحافظ هورست سيهوفر القرار الأول من نوعه للقول إنه يأمل أن يكون سامي هو التالي داعيا مسؤولي الهجرة لجعل القضية "أولوية".

وتصدرت صحيفة بيلد الحملة ضد وجود العيدودي في ألمانيا، مؤكدة أنه يحصل على مبلغ 1200 يورو شهريا تقريبا من نظام الرعاية الاجتماعية ما أثار استياء بشكل خاص. وزوجة العيدودي وأطفاله مواطنون ألمان.

وتواجه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ضغوطا شديدة حتى من داخل ائتلافها الحاكم بسبب سياسة اللجوء التي انتهجت على قاعدة الباب المفتوح.

ووصل إلى ألمانيا في 2015 نحو مليون لاجئ معظمهم فارون من بؤر الصراعات والتوتر في الشرق الأوسط.

وزادت الضغوط على ميركل على خلفية ارتكاب عدد من المهاجرين جرائم جنائية وإرهابية، حيث نفذ التونسي أنيس العامري في ديسمبر/كانون الأول 2016 اعتداء ارهابيا بأن اقتحم سوقا لأعياد الميلاد في برلين بشاحنة ودهس حشدا من الناس ما أسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة آخرين.

وأحبطت الشرطة الألمانية العديد من المخططات الإرهابية في السنوات القليلة الماضية تورط فيها عدد من طالبي اللجوء أو المهاجرين بشكل غير شرعي.

وفي الفترة القليلة الماضية هزت جريمة اغتصاب وقتل فتاة ألمانية تورط فيها مهاجر عراقي، ألمانيا وأعادت الجدل والسجالات خول قانون الهجرة.