المعارضة التونسية تستقوي بالخارج بعد استنفاد كامل أوراقها
تونس - دعت منظمات غير حكومية متوسطية في رسالة إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إلى اقتراح عقوبات على الرئيس التونسي قيس سعيّد ومسؤولين تتهمهم بانتهاك حقوق الإنسان، في أحدث حلقة ضغوط تكشف التجاء المعارضة إلى الاستقواء بالخارج بعد أن استنفدت كامل أوراقها في معركة لي الأذرع مع الرئيس الذي أكد مرارا عزمه على المضي قدما في ما يصفها "حرب تحرير الوطن".
ويميل قيس سعيد إلى التمسك بمواقفه، ويرفض ما يعتبره "تدخلاً أجنبيًا" في الشؤون الداخلية لبلاده وشدد في عدة مناسبات على أنه لا مكان لمن يصفهم بـ"الخونة " و"العملاء" في البلاد، مؤكدا أن الحريات في تونس مضمونة مادام هنالك احترام للقانون.
وتم تبليغ الرسالة الأربعاء بواسطة المحاميين ويليام بوردون وفينسان برينغارت نيابة عن لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وفدرالية التونسيين من أجل المواطنة بين الضفتين، والمركز اللبناني لحقوق الإنسان، والمنظمة الأورو - متوسطية للحقوق "يوروميد رايتس".
وأرسلت المنظمات رسالة أولى في يونيو/حزيران 2024، ردت عليها الدبلوماسية الأوروبية بالتأكيد على أنها "تتابع الوضع على الأرض من كثب".
وفي رسالتها الجديدة، طالبت المنظمات بحزمة إجراءات ضد الرئيس سعيّد ووزراء سابقين وحاليين ومسؤولين في الجيش والشرطة وإدارة السجون، وكذلك أعضاء في السلطة القضائية والبرلمان.
ومن بين مطالبها منع الدخول وتجميد الحسابات المصرفية وفرض عقوبات اقتصادية، وحظر تزويد تونس بمعدات عسكرية وخدمات مالية وتجميد التمويلات الأوروبية لتونس في قضية الهجرة، وغيرها.
وكتب المحامون "لقد تم تجاوز خط جديد ولا يمكن لأوروبا أن تواصل الصمت لأن وضع حقوق الإنسان في تونس تدهور بشكل مستمر في السنوات الأخيرة".
وتتهم المعارضة التونسية سعيد بالانفراد في 25 يوليو/تموز 2021 بكامل السلطات في إجراءات، فيما استنكرت منظمات غير حكومية تونسية وأجنبية تراجع الحقوق والحريات في تونس.
وأكد الرئيس التونسي في أكثر من مرة أن الرجوع إلى الوراء مستحيل وأن البلاد سائرة على درب مشروعية شعبية ظاهرة وجلية وذلك مع تصاعد الدعوات من قبل معارضيه لانهاء الوضع والعودة إلى ما يصفونه بـ"الشرعية الدستورية".
وتؤيد فئات واسعة من التونسيين سعيد ويساندون كافة إجراءاته الهادفة إلى مكافحة الفساد ووضع حد للعديد من الظواهر من بينها تفشي المحسوبية وتنفذ الأحزاب وعرقلة عدة مشاريع تنموية.
وتقبع شخصيات معارضة بارزة خلف القضبان بعد أن أدينوا في ما يعرف بـ"قضية التآمر على أمن الدولة" ومن بين هؤلاء زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 22 عاما في فبراير/شباط في الملف نفسه وعبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر المدافع عن سياسات عهدي الرئيسين بورقيبة وبن علي.
كما تم سجن نحو عشرة من النشطاء في مساعدة المهاجرين منذ أكثر من عام. وأوقف العشرات من الصحافيين والمدونين والمحامين أو تم التحقيق معهم بموجب مرسوم رئاسي غايته المعلنة مكافحة "الأخبار الكاذبة"، لكنه تعرض لانتقادات شديدة من نشطاء حقوق الإنسان الذين ينددون بتفسيره الرسمي الفضفاض.
وبحسب معطيات الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، فقد تعرض حتى نهاية يناير/كانون الثاني "نحو 400 شخص للمحاكمة" بموجب هذا المرسوم.
وأكد سعيد مرارا على استقلالية القضاء، مشددا على ضرورة تطبيق القانون على كافة المتورطين في الإضرار بمصالح البلاد أيا كانت مناصبهم، مؤكدا أن المحاسبة مطلب شعبي لا يجب التراجع عنه.